18 نوفمبر، 2024 1:33 ص
Search
Close this search box.

ارتفاع عدد حالات الطلاق.. الاسباب والمعالجات (دراسة مختصرة) ..

ارتفاع عدد حالات الطلاق.. الاسباب والمعالجات (دراسة مختصرة) ..

إن الطلاق بطبيعته الإجتماعية ينشأ من عدم الانسجام بين   الزوجين وبالتالي انقضاء الرابطة الزوجية واﻷسرية بينهما وعدم الانسجام هذا ينتج عن عدة اسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وهذه اﻷسباب هي محور دراستنا هذه..
ان لزيادة عدد حالات الطلاق آثار وابعاد اجتماعية خطيرة تهدد ديمومة اﻷواصر الاجتماعية واﻷسرية وتؤدي الى ضياع مستقبل الآلاف من اﻷجيال الناشئة مما يساهم في احداث تلكؤ كبير في عملية التنمية البشرية بكل صنوفها وتأخر تحقيق او الاقتراب من التنمية المستدامة والتي هي أساسا تعاني من اهمال الجهات المعنية في ظل سوء اﻷوضاع السياسية واﻷمنية والاقتصادية التي مر ويمر بها بلدنا العزيز..
نحن اليوم أمام اعداد هائلة من حالات الطلاق في العراق منذ بداية التحول الديمقراطي وتغيير النظام السياسي في العراق حتى الآن حيث تشير المصادر والوكالات المختلفة عن مجلس القضاء اﻷعلى العراقي بأن حالات الطلاق تزداد سنويا بأعداد تفوق سابقاتها بنسب مذهلة ولم نستطع أن نجد رقما مؤكدا ولكن جميع المصادر تؤكد حدوث عشرات اﻷلوف من حالات الطلاق منذ عام 2004 الى الان.. وهذا مؤشر خطير جدا يهدد مستقبل بلدنا الفتي ديمقراطيا وله تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية وحتى امنية كبيرة جدا حيث ان زيادة عدد حالات الطلاق يؤدي الى حدوث البؤس والفقر عند العوائل التي تعيلها المطلقات لا سيما بأن المخصصات المالية الحكومية المخصصة لهذه العوائل لا تكفي لاشباع جميع احتياجاتها وبالتالي نكون أمام عدد كبير من الفتيان الناشئين ممن يعانون الفقر وندرة فرص العمل فيؤدي ذلك إلى لجوءهم الى القيام باعمال محرمة قانونا وشرعا وأخلاقا غير آبهين لعدم مشروعيتها مادامت تدر عليهم مقاديرا من اﻷموال لكي يسدوا رمق العيش ويجابهوا قساوة الظروف وضياع الآمال.. واحيانا تزداد العقد النفسية بدواخلهم فيصبحوا مهيئين للانخراط بصفوف الجماعات المنحرفة بمختلف مسمياتها وأنواعها كالجماعات الارهابية وعصابات الخطف والسرقة والنهب وغيرها من تلك المسميات..
لقد كشفت دراسة سابقة قامت بها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أن اكثر من 40% من الجانحين أمهاتهم من المطلقات…
للوقوف أكثر عند تلك المشكلة الكبيرة علينا معرفة اﻷسباب التي أدت الى ازديادها وتفشيها ولو بشيء من الايجاز وكالآتي:
1-تغير نظرة أغلبية المجتمع العراقي عند اختيار الزوج او الزوجة حيث طغت النظرة المادية بشكل ملفت للنظر فترى أهل المرأة المخطوبة يسألون عن الوضع المالي والممتلكات الشخصية للرجل الخاطب قبل السؤال عن شخصه وعائلته وواعزهم الديني واﻷخلاقي بل المهم عندهم أن تكون الزوجة مرفهة بعد الزواج دون الاهتمام بمدى الترابط والانسجام الاسري بين الزوجين وبالتالي ربما يوجد مايعكر هذا الترابط ولن يكتشف الا بعد الزواج وتحدث حينها الصدمة للجميع والخاسرين الوحيدين في ذلك هما الزوجين واولادهما ان وجدوا حينما تنتهي حكاية الزواج بخاتمة الطلاق المأساوية.
2-الحروب والنزاعات المسلحة التي حدثت في العراق مؤخرا والتي أدت الى ترمل العديد من النساء لا سيما الشابات منهن مما نتج عنه قبول الشابة اﻷرملة أو المرملة بأي رجل يطلب يدها للزواج منها دون سؤالها عن شخصه وعائلته وتربيته الدينية واﻷخلاقية.
3-البؤس والفقر الذي اجتاح الكثير من العوائل نتيجة تردي اﻷوضاع الاقتصادية للبلد مؤخرا حيث كما تعلمون أن الكثير من شبابنا يعانون اليوم من تردي الوضع المادي لقلة وجود فرص عمل ذات مردود مالي كاف لسد احتياجاتهم وتأمين حياة زوجية مناسبة وسعيدة وبالنتيجة يساهم الفقر وبشكل كبير احيانا الى حدوث مشاكل عائلية معقدة يصعب او يستحيل حلها من قبل الزوجين فيلجئا الى حل الرابطة الزوجية بينهما.
4-زواج الشغار أو مايسمى عندنا ب (زواج الكصة بكصة) حيث من المؤسف والمعيب بعد 1400 عام من ظهور الاسلام بتعاليمه السمحاء لا زال هذا النوع المشؤوم من الزواج مستشري في الكثير من مناطق العراق في الشمال والوسط والجنوب. ان هذا النوع غير المشروع من الزواج كما تعلمون خال من المهر وان سمي في العقد معجلا ومؤجلا فكلاهما رمزي ليس الا.. فالجوهر هو ان الرجل يقول لرجل ثان:”زوجني ابنتك أو أختك على أن أنكحك ابنتي أو أختي بالمقابل” !!!!
والحصيلة هي العشرات من حالات الطلاق والتفريق القضائي بسبب هذا النوع الجاهلي المحدث من الزواج..
فمن المخجل ان تتحول المرأة بكل كيانها المصان والمحترم الى صفقة تجارية او سلعة تبادل بأخرى وكأن العقد عقد مقايضة وليس بعقد زواج!!!!.
5- الزواج بناءا على رغبة اﻷهل أو بسبب أواصر القرابة القوية أو علاقات الصداقة الرصينة فيتم تسمية المرأة زوجة لشخص ما دون الاكتراث بقبولها من عدمه بل المهم أن تبقى اﻷواصر والعلاقات مستمرة مهما كانت النتائج!!!!.
هذه النقاط آنفة الذكر تعد من أهم أسباب الطلاق في مجتمعنا ومن أخطرها ان لم تكن في مقدمتها.. ونرى ضرورة وضع بعض الحلول والمعالجات الناجعة لها وكالتالي:
1-معالجة المشاكل الاقتصادية واصلاح النظام الاقتصادي المتهالك عن طريق وضع خطط ستراتيجية ناجحة واعتماد برامج عمل حديثة ومتطورة.
2-توفير فرص عمل للشباب مع زيادة استكشاف و استثمار الموارد التي يزخر بها بلدنا بكافة أنواعها..
3-اعتماد نظام القروض الشبابية الميسرة للشباب أصحاب المشاريع الفردية الصغيرة والمتوسطة.
4-تعقيد اجراءات الطلاق والتفريق القضائي في المحاكم الشرعية (محاكم اﻷحوال الشخصية) وتفعيل دور الباحث الاجتماعي والنفسي في المحكمة الشرعية لكي يساعد في احداث الترضية بين الزوجين قبل تفريقهما او طلاقهما.
5-على جميع عوائلنا الكريمة الرجوع الى مبادئ وتعاليم ديننا الاسلامي السمحاء والتي تضمن حسن المعاشرة الزوجية وانتظام العلاقات الاسرية والاجتماعية وبناء مجتمع قوي ومنسجم وأسرة موحدة ومنسجمة.
هذا هو أبغض الحلال وهذه هي مساوئه ومخلفاته ومظاعفاته ومساهمته بخراب البلدان اجتماعيا و امنيا واقتصاديا فبات من الضروري معالجة تلك الظاهرة السيئة والمنبوذة في المجتمعات اﻷخرى فكيف ونحن مجتمع يحمل دينا ينهينا عن مثل تلك الممارسات الخاطئة.

أحدث المقالات