18 ديسمبر، 2024 11:41 م

ارتباك ساسة العراق من قرارات الإدارة الأمريكية إتجاه إيران

ارتباك ساسة العراق من قرارات الإدارة الأمريكية إتجاه إيران

الكل يعلم بأن الأوضاع السياسية في منطقة الشرق الأوسط وتأثيراتها على دول المنطقة الآن بلغت ذروتها بعد إصرار الإدارة الأمريكية على الإستمرار بتطبيق العقوبات الإقتصادية والسياسية على النظام الإيراني من جهة وعلى من يتعاون معها من دول ومنظمات لكسر الحصار المفروض عليها . وهنا ينبغي على الساسة العقلاء في دول المنطقة فهم وإستيعاب المضامين الحقيقية من القرارات الجدية التي تتخذها الإدارة الأمريكية إتجاه إيران وتحديد مواقفهم الرسمية بعناية وفق ما تمليه مصالحهم الوطنية . فأساليب الغباء السياسي والعنتريات الجوفاء التي تمارسها الكثير من الأحزاب والمكونات والتشكيلات والشخصيات السياسية في بعض الدول للتعبير عن مواقفها من الأزمة سوف تودي بمصير ومستقبل تلك الدول بدون شك ، وفي مقدمة الدول التي تقع في مركز الأزمة هو العراق . ومن المؤسف إن هناك الكثير من الأمور السلبية التي أحاطت بالعراق بحيث جعلته كيان سياسي فوضوي يخلوا من مقومات دولة المؤسسات كأي دولة حديثة نامية . ومن أبرز السلبيات في النظام العراقي الحالي ما يلي :
أولاً : العراق ليس دولة مؤسسات وإنما دولة أحزاب ومكونات وأطياف ومجاميع متباينة في كل شيء .
ثانياً : نظام الحكم في العراق هو نظام محاصصاتي تغلب المصالح الحزبية والفئوية والطائفية الضيقة على المصلحة الوطنية .
ثالثاً : نظام الحكم في العراق تتحكم به أحزاب الإسلام السياسي وقيادات مليشيات مسلحة وشخوص دينية محدودة العقل والتفكير في كيفية إدارة الدولة وتخضع تلك الجهات في مجملها الى جهتين إما لمرجعية دينية محلية أو خارجية ( وهي بطبيعتها وتكوينها متخلفة بكل معنى الكلمة عن مفاهيم التقدم والتحضر ) أو لتشكيلات عسكرية عقائدية كالحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس .
رابعاً : تفكك المجتمع العراقي من خلال تعزيز الطائفية والتفرقة بين مكونات المجتمع من ناحية المذهب والدين والإنتماء الفئوي والعشائري والقبلي . ويخطأ من يدعي بأن المجتمع العراقي يعيش بأُلفة دون صراعات بعد كل هذه المراحل من تاريخ العراق وما أفرزته من تناقضات إجتماعية واسعة بسبب طبيعة الحكم . فهناك هوّة واسعة بين مكونات المجتمع العراقي سواء من الناحية الطائفية والمذهبية أو من الناحية الدينية أو القومية وحتى من الناحية الفئوية والمناطقية ، بحيث تم إحتوائها شكلياً من خلال الشعارات والتصريحات السياسية المعروفة بسطحيتها في الوقت الذي تعززت فيه مشاعر عدم الثقة وفقدان الوئام والتماسك بين مكونات المجتمع عموماً مع ظهور مشاعر الكراهية غير المعلنة بين مكونات المجتمع .
خامساً : ظاهرة الفساد الإداري والمالي وسرقة المال العام من قبل المسؤولين عموماً عن إدارة البلد علناً وبدون أي حساب منذ بداية التحول الى ما يسمى بالنظام الديموقراطي عام ٢٠٠٣ ولحد الآن . وهذا يدلل على ان المصالح الفردية والفئوية والحزبية هي فوق المصلحة الوطنية في كل شيء .
سادساً : ان القوى المتحكمة بالقرارات المهمة والمصيرية في العراق هم قيادات أحزاب الإسلام السياسي وقادة المليشيات المسلحة ، تحت أي مسمى كان ، وبعض الشخوص الدينية أو شبه الدينية التي تعمل في الظل أو خلف الكواليس ، وان معظم هؤلاء ” القادة ” غير مؤهلين أساساً ليكونوا قادة لا من ناحية المعرفة والتجربة والفهم السياسي في إدارة الدولة ولا من ناحية المستوى العلمي والثقافي أو مستوى التحضر في سلوكياتهم العامة . فغالبيتهم بمستواهم المعروف وتصرفاتهم وتصريحاتهم وخطاباتهم وحواراتهم يصلحون لإدارة دائرة حكومية بسيطة أو لإدارة مؤسسة دينية أو قبيلة أو عشيرة معينة ويتخذون القرارات الفاعلة بشأنها بكل جدارة ولكن ليس لإدارة دولة إلا إذا كانت دولة ” قرقوز ” كما يقال . وليفتش كل مواطن عن الماضي والحاضر النضالي لبعض القيادات الحاكمة والفاعلة في العراق والمستوى التعليمي والثقافي لهم ومستوى التحضر الفكري والإنتماء الوطني وإنجازاتهم الفعلية في تطوير البلد وتحقيق الرفاهية والتقدم والأمان للمجتمع كافة حيث تتحمل هذه القيادات الحاكمة والفاعلة في العراق كامل المسؤولية لما حدث ويحدث في العراق منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الآن ، فهم أصحاب القرار . ومن أمثال هؤلاء : نوري المالكي ، هادي العامري ، مقتدى الصدر ، أبو مهدي المهندس ، الخزعلي ، عمار الحكيم ، الفياض ، السيستاني وحاشيته ، أسامة النجيفي ، المطلك ، همام حمودي ، سليم الجبوري ، وغيرهم كثيرون ومنهم من يعمل خلف الكواليس . في المرحلة الحالية من يتحكم بقرارات العراق هي النجمة السباعية التي تمثل زواياها القيادات التالية : نوري المالكي ، هادي العامري ، مقتدى الصدر ، أبو مهدي المهندس ، عمار الحكيم ، الخزعلي ، وبقية القيادات من الفئات الأخرى .
وهنا على القارئ أن يبحث بنفسه بمصداقية عن خلفيات هؤلاء القادة الذين يتحكمون بمصير ومستقبل العراق وتاريخهم النضالي ومستواهم العلمي والثقافي والحضاري وسوف يجد إن بعضهم كان مرتزقة لدى دولة أجنبية يحارب ضد بلاده وبعضهم جاهل غير متعلم لا يفقه سوى الأدعية والنصائح الدينية التي لا تتطلب سوى ترديد جمل وعبارات واهية لغرض التخدير العقلي ، وبعضهم قد يكون حاصل على شهادة إلا إنه في واقعهم غير متحضرين ويحملون من الأفكار الغيبية ما يجعلهم متناقضين مع أنفسهم ، ومنهم قد يكون خريج سجون . إذاً ، إذا كان واقع القيادات التي تتحكم بإدارة الدولة بهذا الشكل وبهذه المواصفات فكيف تستطيع هذه القيادات من أن تتخذ القرارات الصائبة في المواقف المعقدة والصعبة والمصيرية التي ينبغي أن تصب في مصلحة البلد أولاً وأخيراً . وهنا كيف سيكون الموقف الرسمي للعراق أزاء العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على الجارة إيران خصوصاً وإن من سيحدد موقف العراق من العقوبات هم هؤلاء القادة الذين ليست لديهم الحنكة السياسية في إدارة الأزمات الحساسة والخطرة . إنهم لا يجيدون سوى التصريحات العنترية غير محسوبة النتائج إضافة الى التناقضات في مضامين التصريحات فيما بينهم . فكل واحد من هؤلاء القادة يعتقد بأنه هو قائد الضرورة ولا يهم إذا زُج العراق في صراعات ومواجهات تودي بشبابه وموارده المنهوبة أصلاً من قبلهم وحاشيتهم . ومهما ستكون النتائج التي ستحل بالبلد فلديهم مخرج لها إما بتصوير المشهد بإنه إنتصار على الشيطان الأكبر وإن الضحايا وتدمير البلد شيء بسيط في سبيل نصرة المظلوم مع تجيير خطأ القرار على الآخرين ، أو في حالة الإنهيار سيُترك البلد للفوضى وستجد جميع هؤلاء القادة قد تبخروا في يوم وليلة حيث كل واحد من هؤلاء القادة بدون إستثناء قد أسس منذ زمن امبراطورية في مكان ما خارج العراق في دول العالم الشرقي أو الغربي تشمل في حدها الأدنى مسكن ضخم وموارد مالية ومادية كبيرة تكفيه للعيش برفاه هو وعائلته وأجياله والمقربين . وسيبدأ العراقيون من جديد إيجاد قيادات أخرى لقيادة المرحلة الإستثنائية ومن المحتمل جداً أن القيادات الجديدة سوف لن تختلف عن سابقاتها لأن معظم العراقيين مع الأسف أغبياء في إختيار قادتهم والدليل على ذلك واقع العراق المزري من جميع النواحي والذي هو نتيجة لمستوى القادة الذين ذكرناهم ممن توٓلوا إدارة شئون الدولة وما زال معظمهم لحد الآن ممن إختارهم العراقيون بدون إدراك أو وعي .