6 أبريل، 2024 10:58 م
Search
Close this search box.

اربيل وبغداد ، بعد مرور اكثر من خمسة عقود على ثورة 14 تموز

Facebook
Twitter
LinkedIn

يعد الشعب الكوردي احد اقدم الشعوب في منطقة الشرق الاوسط الذي يعود تاريخ وجوده على ارضه الى ماقبل ظهور الدين الاسلامي بالاف السنين بل حتى قبل كتابة التاريخ بحسب المواقع الاثرية القديمة المكتشفة في جبال وكهوف ووديان تلك الارض المعطاء.
وكان للكورد دور كبير ومحوري في نشر الدين الاسلامي الحنيف في المنطقة قبل ظهور الحركات القومية ، اذ لايخفى على من درس او قرأ التاريخ الاسلامي دور القائد الكوردي الكبير صلاح الدين الايوبي في الحرب الصليبية ودحرهم وبسط سيطرته على المناطق التي كانوا احتلوها من بلاد المسلمين خاصة في الشام ومصر .
كانت لظهور النضال القومي والحركات القومية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الوقع الكبير على نمو المشاعر القومية بين ابناء الشعب الكوردي الذي كان يشعر بالظلم والاضطهاد القومي برغم ان اكثريته من معتنقي الديانة الاسلامية وخضوع موطنهم كوردستان لسيطرة الدولة العثمانية التي كانت تدعي الدفاع عن ثغور المسلمين حتى نهاية الحرب العالمية الاولى 1914- 1918 وافول الامبراطورية العثمانية وتقسيم ارض كوردستان بين ايران الفارسية والدولة التركية الجديدة التي
ورثت الامبراطورية العثمانية فضلا على الدولتين اللتين تم تأسيسهما على اطلال الحرب العالمية الاولى العراق وسوريا.
تنامى الشعور القومي بعد الحرب وبدأت بعض الجمعيات والمنظمات الكوردية مثل رابطة (خويبون) وغيرهم بالظهور التي تعد من أهم الحركات التي اسهمت في تكوّن الوعي القومي الكوردي المعاصر ، التي تأسست في عام 1927م وتفككت في 1944م ، ومن ثم جمعية بروسك في سنة 1936 وتلتها منظمة (داركه ر) التي تعني (الحطاب) ثم تطورت بعد ذلك وأصبحت حزبا باسم حزب هيوا (الأمل) ومن ثم الحزب الديمقراطي الكوردستاني في 16آب من عام 1946 التي قادة الجماهير الكوردستانية الى الثورة ضد الانظمة التي تقاسمت ارض كوردستان ، فضلا على الدور الفاعل للكورد في الحركات التحررية الوطنية العراقية وعلى سبيل المثال الحزب الشيوعي العراقي الذي اسهم الكورد في تأسيسه وبناء قاعدته الجماهيرية.
استمر النضال القومي الكوردي برغم الحروب التي فرضت عليه والويلات التي حلت بشعبه فضلا على قتل واعدام قادته بتواطئ مكشوف بين الانظمة القائمة في المنطقة والقوى الكبرى اثناء الحرب الباردة التي ارتبطت مصالحهم الاقتصادية والسياسية مع بعض خاصة مع كشف مصادر الطاقة في المنطقة ولاسيما في المناطق الكوردية في ايران والعراق.
وبرغم ان الشعب الكوردي كان ومايزال المكون الثاني الذي يتشكل منه العراق ، الا انه لم يدون حقوقه ويعترف بوجوده في الدستور الملكي وهذا ما خلق حالة من الغضب والاستياء لدى الجماهير الكوردية وحركتها التحررية الى ان قامت ثورة 14 من تموز من عام 1958 التي اسهم فيها الضباط الكورد مع حركة الضباط الاحرار في الاعداد والقيام بالثورة التي حولت نظام الحكم الملكي جمهوريا.
وبعد انتصار الثورة الذي الغى الدستور الملكي واقر الدستور المؤقت والذي جاء في المادة الثالثة منه ان (الكورد والعرب شركاء في الوطن) فضلا على الاقرار بالحقوق القومية للشعب الكوردي ضمن العراق الموحد ، وهذا اول اعتراف دستوري بوجود الشعب الكوردي في العراق ما خلق حالة من الثقة بالنظام الجديد وتاييد ودعم الثورة من الشعب الكوردي وقيادته السياسية المتمثلة بالحزب الديمقراطي الكوردستاني.
كما ضم مجلس السيادة الذي تشكل بعد الثورة عضوا كورديا وهو العقيد خالد النقشبندي وتم اختيار بابا علي الشيخ محمود الحفيد وزيرا من اصل عشرة وزراء التي تشكلت منها حكومة الثورة فضلا على تعيين الضابط الكوردي المقدم عبدالفتاح الشالي عضوا في المحكمة العسكرية الخاصة.
وكان لقرار قائد الثورة الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم باصدار العفو العام عن المقاتلين الكورد وخاصة البارزانيين في الثالث من ايلول من عام 1958 ودعوتهم للعودة الى ارض الوطن من الاتحاد السوفيتي وقع كبير
في نفوس الجماهير الكوردية وقيادتها المتمثلة بالبارزاني الخالد وبناء جسور الثقة بين الشعبين من اجل الاسهام في بناء العراق الجديد ، حيث عاد القائد الرمز الراحل ملا مصطفى البارزاني وشقيقه الشيخ احمد البارزاني واولادهما وعوائلهما من الاتحاد السوفيتي عبر مطار القاهرة الى بغداد ومن ثم عودة جميع المقاتلين الكورد على متن باخرة (جورجيا) السوفيتية عبر ميناء شط العرب الذي اذ جرى استقبالهم استقبالا جماهيريا
حافلا وكبيرا شاركت فيه جميع اطياف الشعب العراقي من دون استثناء.
استمرت العلاقات الودية بين الثورة الكوردية والنظام الجمهوري الجديد وتعززت العلاقة بين الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم والبارزاني الخالد وأسهم الكورد في البناء الاقتصادي والامني للدولة العراقية الجديدة ، وفي المقابل حققت الثورة بعض المكاسب والمنجزات للشعب الكوردي منها تأسيس مديرية المعارف الكوردية والتدريس باللغة الكوردية في مدارس كوردستان وطبع مئات الالاف من الكتب باللغة الكوردية واستخدام لغة الام الكوردية في بعض مراحل التعليم ، فضلا عن فسح المجال للحزب الديمقراطي الكوردستاني للعمل بحرية واصدار عدد من الصحف الكوردية والاعتراف بعيد نوروز عيدا قوميا للشعب الكوردي.
لم تدم تلك العلاقات والاوضاع طويلا بسبب وجود اشخاص ركبوا الموجة واثروا على قرارات ومواقف قاسم الوطنية فضلا عن تأثير الثورة على مصالح القوى الكبرى ومحاولة تلك القوى خلق فجوة في العلاقة بين النظام
الجمهوري والثورة الكوردية وفعلا تمكنت من ان تشنج الاجواء بين الجانبين باستغلال مماطلة وتسويف الحكومة في قضية تحقيق الاصلاحات في المناطق الكوردية التي ادت في النهاية الى انطلاق ثورة ايلول العظيمة بعد ان هاجمت القوات الحكومية القرى والقصبات والمدن الكوردية.
اليوم وبعد مرور اكثر من خمسة عقود على ثورة 14 تموز ماتزال العقلية القديمة مترسخة في اذهان بعض القوى والقيادات السياسية الشوفينية ، بالرغم من اسهام الكورد في بناء العراق الديمقراطي الجديد بعد 2003 ودعم الحكومة الاتحادية في شتى المجالات ، الا ان بعض القيادات المتنفذة في الحكومة عادت الى نفس الممارسات والنهج الذي انتهجته الانظمة السابقة ضد الشعب الكوردي بفرض حصار اقتصادي وقطع موازنة و رواتب الموظفين وتهميش الكورد في معظم مفاصل الحكومة وابعادهم عن مركز صنع القرار ما ادى الى شبه قطيعة بين الجانبين في الوقت الذي يحتضن اقليم كوردستان ما يقرب من مليوني نازح من مختلف المكونات العراقية ومن شتى المناطق وتقف قوات البيشمركة البطلة بوجه الهجمة الارهابية الجبانة التي استهدفت الاراضي العراقية من الموصل الى خانقين وقدمت آلاف الشهداء والجرحى في الدفاع عن ارض الوطن في حين ان الحكومة الاتحادية حتى لم تصرف رواتب قوات البيشمركة الذين وقفوا وقفة الرجال الشجعان امام الهمجية الارهابية الهمجية والدفاع عن حياض الوطن.
واليوم وبرغم النهج القديم الجديد للحكومة العراقية ضد الشعب الكوردي تستعد قوات البيشمركة البطلة الاسهام الفاعل الى جانب الجيش والقوات الامنية الاتحادية في تحرير ما تبقى من ارض العراق المحتلة من احتلال داعش الارهابي خاصة في محافظة نينوى وتحرير كامل التراب العراقي من الزمر الارهابية الضالة ، ايمانا منها بضرورة الحفاظ على العملية السياسية والعراق الجديد برغم التحفظات الكثيرة والمآخذ العديدة عليها.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب