23 ديسمبر، 2024 9:01 ص

اربيل والدولة الكردية …قراءة تنموية

اربيل والدولة الكردية …قراءة تنموية

تقييم اي بلد في العالم …يكون وفق معايير متعددة معتمدة علميا وعالميا …واشهر هذه المعايير ، تقرير التنمية البشرية السنوي الذي يصدره البرنامج الانمائي للامم المتحدة , يصنف فيه الدول وفق مستوى الرفاه لمواطنيها ، والتقرير الذي تصدره الفورن بولسي والفند فور بيس والذي يصنف دول العالم ،وفقا لمعايير فشل حكوماتها وهشاشة دولتها .
خلال الاسبوع الماضي , كنت في زيارة حرة لاربيل ، وسجلت ملاحظاتي التالية بعين ممارس في التنمية المجتمعية …
الاولى : ان العمران في اربيل ، هو عمران الابنية والشوارع والاسواق والمولات والمطاعم وغيرها ،اي عمران الاشياء فقط، وهذه يتولاها قطاع خاص وكارتلات مالية كبيرة ، معظمها مرتبط بجهات سياسية تمتلك السلطة والمال ، اي حكم قلة من العائلات الفاحشة الثراء وما يطلق عليه ، حكم الاولغارية .
ثانيا : الاساس في التنمية ، هو الانسان ، والاتجاه الى بلورة راس المال البشري ، ومن خلال الحوار والمناقشة مع عدد لاباس به من الاكراد الذين يعيشون في اربيل من مختلف الفئات الاجتماعية ، سائقي التكسي ، اصحاب محلات وبسطات ، وجدت انطباعا عاما ، ودون تحفظ ، بعدم الرضا التام عن السياسيين وعن الحكومة ، بل وتوجيه تهم الفساد للمسولين من اصحاب القرار .
ثالثا: يلاحظ في اربيل عدد هائل من سائقي التكسي ، وعدد يماثله من اصحاب البسطات والمحلات الصغيرة ، في سوق القلعة وسوق البالات ، وايضا عدد هائل ممن يعملون في المطاعم والمقاهي وغيرها ، هولاء يصنفون كعمالة غير ماهرة ، سببها الاساس نقص التعليم والتدريب المهني ، وهذه من المهام الاولى للحكومة ، هولاء في تزايد مستمر بسبب النمو السكاني ، وخلال الاعوام الاربع او الخمسة القادمة ،سيمثلون قوة كبيرة يصعب السيطرة عليها وتسبب اشكالات قديكون من تداعياتها عدم الاستقرار .الملاحظ ايضا ان معظم سواق التكسيات ، هم اصحاب مهن ، مهندسين ، وملاحظين فنيين ، وحتى بيشمركة ، وان راتبهم الحكومي لايغطي نفقاتهم المعيشية ،مما يدفعهم للعمل كسائقي اجرة كدخل اضافي .
رابعا : من جانب اخر فان حملة الشهادات الجامعية ، كالمهندسين وغيرهم ،لايجدون فرص عمل بسبب كما ذكرت اعتماد الاقتصاد في اربيل على اقتصاد الخدمات وليس اقتصاد الانتاج .
خامسا : من ذكرتهم اعلاه ، خاصة منهم العاملين في المطاعم والمحلات ، يفتقدون وجود قانون عمل يحدد عدد ساعات عملهم ، وايضا عدم وجود قانون للتأمين الاجتماعي ، الذي يومن لهم حياتهم وحياة اسرهم ، خاصة فيما يتعلق بالتامين الصحي والتقاعد.
سادسا : الدليل على عدم التخطيط التنموي العلمي في اربيل ، ان اربيل تفتقد بنى تحتية اساسية لبناء دولة نامية متطورة ، اولها ، النقل العام ، اذ لاتجد باصات ولا ترام ولامترو ، وهذا يفسر العدد الهائل لسيارات التاكسي ، وهذه تولد ازدحاما وازمات مرورية ، دلالاتها واضحة اضافة للتلوث من عوادم هذه السيارات وتاثيره السيء على الصحة العامة .الثانية في البنى التحتية ، عدم وجود نظام مصرفي ومالي متطور ، وخاصة مايتعلق بكارتات الدفع ( الكريدت كارت ) ، حيث لازال نظام التسديد في المتاجر والمولات والفنادق وغيرها ، بالدفع النقدي .
اخيرا ، اعتقد ان الاساس لبناء دولة نامية متطورة تمثل حلم الشعب الكردي ، وهذا حقهم الشرعي والقانوني ، كان يجب الاعداد والتخطيط لها بعلمية وبمعايير الدول الحديثة ، وكانت العشرين سنة الماضية كافية جدا لارساء دعائم هذه الدولة خاصة بما توفر لها من امكانيات مالية واقتصادية ودعم دولي …وبالتالي نوصل لاستنتاج ان من ينادي ويرفع شعار الدولة الكردية وانفصالها عن العراق ، ليس جادا تماما
انما شعارات للاستهلاك السياسي .