23 ديسمبر، 2024 4:51 م

اربيل تغزو بغداد

اربيل تغزو بغداد

من يتجول في شوارع العاصمة بغداد تلفت نظره ظاهرة تبدو ملفتة للنظر الى حد كبير وهي انتشار السيارات التي تحمل لوحات صادرة عن اقليم كردستان وبالذات اربيل التي تحتل المرتبة الاولى تليها مدينة السليمانية. المبررات التي يسوقها الكثيرون لانتشار هذه الظاهرة هي التسهيلات التي تقدمها الجهات المسؤولة هناك بحيث اخذ المواطنون يرغبون بشراء السيارات من كردستان ومن ثم يعودون بها الى بغداد او باقي مدن ومحافظات العراق وهي تحمل لوحات الاقليم. في نفس الوقت فان الدوائر المرورية والرسمية في الاقليم لاتسمح في ترقيم السيارات برقم الاقليم الا في حالة دخولها من المنافذ الخاصة بالاقليم أما السيارات المستوردة من خلال ميناء ام قصر واي منافذ اخرى يتم ترقيمها مقابل تقسيط سيارة في الاقليم وذلك لحصر الامتياز فقط للسيارات الداخلة من خلال منافذ الاقليم . اننا لانريد الدخول في طبيعة هذا الموضوع من الناحية السياسية لاننا غير معنيين بذلك بل ان مايهمنا هو البعد التجاري له والذي يصب في خدمة شركات السيارات في الاقليم طبقا للضوابط المعمول بها هناك. وواقع الحال يشير الى تناقض واضح في هذا المجال .. فالسياسة التي تتبعها حكومة الاقليم على هذا الصعيد تصب في خدمة الشركات التي تعمل هناك وهو ما يؤدي الى زيادة مواردها المالية بينما ترتفع اصوات هنا وهناك تدعو الى تقنين عملية الاستيراد من قبل شركات القطاع العام مثل الشركة العامة لتجارة السيارات والذي لعبة دور مهم وحيوي بعد سنة 2003 في توفير سيارات واطئة الكلفة وبمواصفات مقبولة مثل المنشأ الصيني والايراني والكوري والذي حققت حلم المواطن العراقي وهذه السيارات تتميز بالسعر المناسب وتوفر قطع الغيار والخدمات وكذلك الشركة العامة لصناعة السيارات الذي ساهمت مؤخراً بدورها في توفير مثل هذه السيارات وكذلك وضع الركائز الأولى لنكون احدى البلدان الجمعة للسيارات وكذلك دور شركات القطاع الخاص الفاعل ولكن  بدوافع شتى لكن للاسف ليس من بينها وضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار. ومما يلفت النظر انه في الوقت الذي توجد فيه اكثر من مليون ومائتي الف سيارة في اقليم كردستان حسب الاحصائيات بينما لايتعدى عدد سكان الاقليم الاربعة ملايين وتسعمائة الف سنة ف وقت لاتزال فيه محافظات البلاد الاخرى بحاجة الى اعداد كبيرة من السيارات نظرا للحاجة المتزايدة من السكان فضلا عن المتطلبات الاخرى ومنها الاقتصادية والمعيشية وغيرها. ان الاستمرار في عملية وضع العراقيل والمعرقلات فقط دون البحث عن حلول صحيحة من شانه ان لا يقدم اي نفع او فائدة للمواطن باي معنى من المعاني . والامر الاكثر ايلاما هو ان المتضرر الوحيد من هذه السياسة هو المواطن البسيط من اصحاب الدخل المحدود.فهؤلاء المواطنون هم الاكثر اقبالا على انواع من السيارات التي هي الاكثر اقتصادية والاقل ضررا للشارع والبيئة والاكثر فائدة لاعداد كبيرة من العوائل التي تجلب رزقها من وراء هذه السيارات. ان هذه الحرب على الفقراء من قبل اناس لايتمنكون من تقديم بدائل لمن لايجد عملا او حتى اذا وجد عملا فعليه ان يدفع المزيد من”المقسوم” من اجل وظيفة يجب ان تتوقف. فليس من المنطقي ان لايرحموا الناس ولا يجعلوا رحمة الله تنزل عليهم . والاهم من ذلك انهم يحاربون السيارات في بغداد ويتهافتون على اقليم كردستان من اجل لوحة تحمل اربيل او السليمانية او دهوك وكأن لوحة بغداد او كربلاء او البصرة او ديالى او النجف او الانبار مشمولة بالمادة4 ارهاب.