من جديد تطل اربعينية الحسين لتوقظ حزنا سرمديا لازم العراقيين، ذاب بهم وذابو به حتى غدا طابعا مهرت سحنتهم به …عشش في عيونهم وتسرب الى ادبياتهم حتى انهم -ولفرط معاناتهم وحرمانهم وأساهم الازلي الذي يتوارثونه جيلا عن جيل- صاروا يترقبون شهر محرم بشغف ليطفئوا حسراتهم ويشفوا غليل قهرهم بدموع يذرفونها بغزارة وهم يستذكرون فاجعة كربلاء ، وواقع الحال انهم يبكون مصائبهم وفجائعهم.
ترى هل كتب على هذه الارض ان تكون مسرحا لمصائب وفجائع ومذابح لا تنتهي؟!
وهل كتب على دماء العراقيين ضريبة ارواء ذراتها؟!
ألكرامة هذه الارض ام لزكاة دماء ابنائها ام لكليهما؟!
قال اجدادنا وهم يمجدون انتصار حزنهم على انانية الفرح – مفلسفين الحزن على انه الاصل والفرح هو الطاريء- : ان الخير عراقي المنبع ..سومري النزعة .. بابلي الارادة… آشوري الموقف.. حسيني التواصل . وعجبنا لهذا الترابط، حتى رأينا الحسين الحجازي يختار كربلاء الاشورية الجذور بركانا لثورته الاسطورية وفوق ثراها يهدر صوته الرسالي: اما من ناصر ينصرنا؟!. فيتناخى عشرة فرسان من احفاد الحواريين امتدادات العروق الاشورية السريانية الكلدانية الاصيلة ملبين لبيك ايها الثائر العظيم… لبيك ياسلالة النبيين. ليضمهم ضريحه الخالد شهداء خالدين على مر العصور والازمان. عشرة من بين ثلاثة وسبعين باسلا ! بحسابات النسبة يمثلون سبع الثلة المباركة، وبحسابات الريادة يمثلون الطليعة، وبحسابات التحدي كانوا الرعب الذي زلزل الفيالق. اما بحسابات الايمان فهيهات ان يبلغ ايمانهم احد! من مثلهم وقد
لبسوا القلوب على الدروع واقبلوا
يتهافتون على ذهاب الأنفسِ
وتأكدنا من هذا الترابط حين رأينا عراق الخير يصارع هجمة الشر العصرية بارهابها المعلن المفضوح والمتخفي تحت اغطية شتى، وكيف طالت مخالبه الكنائس والاديرة قبل ان تطال الجوامع والمساجد والحسينيات ، وكيف اوغلت شراذمه في هذا المكون الاصيل -بأطيافه المتنوعة التي انتهجت نهج روح الله عيسى بن مريم- فتكا وترويعا وتهجيرا قبل ان تخوض في دماء مكونات العراق وطوائفه. وتدمر ثرواته وعمرانه. واذا كان عاشوراء قد اكد انتصار الدم على السيف فانه اكد انتصار القيام على الصلب..
وامتدادا لهما سيؤكد الخير العراقي انتصاره على الشر الطارىء الوافد.