17 نوفمبر، 2024 1:46 م
Search
Close this search box.

ارائك الفاكهين !!

ارائك الفاكهين !!

يحقّ لكلِّ صاحب مهنة البحث عن الوسائل التي تزيد من أرباحه وتقلّلُ من جهده في العمل. الموظف الحكومي يكدّ في ابتكار أسبابٍ كي لا ينجز عمله، مع أنّه ينقّب عن أيّ وسيلة يزيد من خلالها مرتّبه الشهري حتى إنْ اضطر لتزوير شهادة.. رجل الأمن يمكنه دفع بعض راتبه ومزاولة عملٍ آخر.. ويستطيع المعلّم إغفال تعليم طلبة سيضطرون لأخذ دروسٍ خصوصيّة ليس بالإمكان النجاح إلاّ عبر بوابتها.. وللبائع أن يعرضَ على زبائنه شيئاً ويبيعهم آخر أردأ نوعاً.. ويمكن للنائب، بصفته ممثلاً عن مصالح أبناء الوطن، أن يقضي وقته باحتساء شاي كافتيريا البرلمان الهادئة والاتفاق مع زملائه على حياكة قوانين تفتح الشهيّة.. هذا زمن لم يعد ثمة أمل فيه بعودة مخطوفٍ مهما كان عدد (الدفاتر) التي دفعها ذووه. الخاطف يجهز على المخطوف خشية افتضاح أمره، أحياناً، وتوفيراً لجهد البحث عن مأوى قد يُضطر لتغييره غالباً.
      كما يقتل الإرهابيون أعزّتنا بكواتمهم ويفرّون إلى جهة مجهولة دوماً، يسلبُ الخاطفون أرواحَ أحبّتنا ويختفون.. يذوبون كـ(فص ملح) لا لمهارة الإرهابيّ أو براعة القاتل، إنّما لأنّ رجل الأمن ترك واجبه وأصبح سائق تكسي.. يبقى القاتل شبحاً من دون اسم أو ملامح لأن الهمّ الأكبر للضابط المسؤول تنمية ثروة تؤهّله لـ(تسنم) منصب أكثر ربحاً وبهاءً.. الفرق بين الحالين، أنّ أحبّة قتيل الكاتم يجدون له جثة، والمخطوف بلا قبر معلوم.. والفرق بين الحالين، اضطرارُك إلى دفع ثمن موت أحبابك وأنت تأمل عودتهم أحياءً!!
    لو أنّ القيّمين على موسوعة “غينس” للأرقام القياسية أحصوا أسباب الموت لتفوقتْ بلادنا على كلّ بلاد عداها.. الطيّب تتخطفه المنون لأنّه وثق بمن حوله، وظنّ أنّهم، على شاكلته، أخيار.. ولا يرغب القتلة في عودة عامل خرجَ باحثاً عن رزق حلال.. ويبحث رصاصُ الغدرِ عن كلّ منْ حباه الله ببعض النعيم.. وتستهدف المفخخات أطفالَ مدارس سلبَ الساسةُ أقلامهم ودفاترهم.. ويختصرُ (مؤمن مجاهدٌ) طريق الجنّة بإزهاق أرواح الباحثين عن لقمة عيش.. في كلّ بلاد الله يخرجُ الناسُ من المشافي أصحاءَ لا علّة بهم إلاّ في مشافي العراق فإنها ترسلُ مرضاها إلى المقابر.. وعلى العكس من كلّ بلاد الله، زيادة الموازنة في بلادي لا تعني سوى مزيدٍ من الفناء والخراب.
    يبتدعُ السفاحون والقتلة واللصوص في كلّ يوم طرقاً وأساليب تزهق أكبر عدد من أبنائنا، وساستنا وقادتنا ورجال أمننا على الأرائك في شغل فاكهون!!
[email protected]

أحدث المقالات