23 ديسمبر، 2024 9:36 ص

ادوارد البلجيكي .. زعيم المعارضة البريطانية!

ادوارد البلجيكي .. زعيم المعارضة البريطانية!

تدور في بريطانيا الان معركة اعلامية سياسية طرفاها زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، ادوارد ميلباند، من جهة، وصحيفة “الديلي ميل” من جهة ثانية.
الصحيفة نشرت مقالا السبت الماضي مؤلفا من 1000 كلمة كتبه جفري ليفي هاجم فيه رالف ميلباند، والد الزعيم البريطاني، واتهمه بانه “لا يحب بريطانيا”. في المقابل، شن ادوارد ميلباند هجوما كبيرا على الصحيفة، معبرا عن انزعاجه منها، مطالبا اياها بان تعتذر منه. الصحيفة رفضت تقديم الاعتذار، لكنها نشرت مقالا له رد فيه على مزاعمها، من باب الاعتراف بحق الرد.
 رالف مواطن بلجيكي ولد في بروكسل عام 1924 وتوفي في لندن عام 1994. وهو عالم اجتماع ماركسي، عرف بانه من افضل الاكاديميين الماركسيين في عصره. قدم الى بريطانيا لاجئا في عام 1940 حينما كان في السادسة عشرة  من عمره حيث “وجد الامان” فيها. ولد له ولدان، ادوارد، الذي اصبح نائبا في  البرلمان وزعيما لحزب العمال، وديفيد، الذي كان عضوا في البرلمان ايضا.
الاهتمام البريطاني بهذه المعركة يدور حول امور اخرى، لكني اريد ان الفت النظر، عراقيا، الى امر اخر. وهو وصول رالف الى عضوية البرلمان البريطانية، وتولي احدهما قيادة حزب العمال البريطاني المعارض، وهو منصب يؤهله الى تولي رئاسة الحكومة البريطانية في اي وقت يحقق فيه فوزا في الانتخابات العامة. رالف ليس بريطانيا بحكم الولادة، وليس بريطانيا من اب وام بريطانيين. فرالف بلجيكي حصل على الجنسية البريطانية في وقت لاحق من حياته، وحاز ابناه الجنسية تبعا لحصول ابيهما عليه. ومع ذلك سمح القانون البريطاني لهما بالوصول الى عضوية مجلس العموم البريطانية. واذا تذكرنا ان النظام السياسي البريطاني يقوم على اساس حكومة البرلمان، ندرك ان عضوية البرلمان البريطاني اكثر اهمية من عضوية البرلمان العراقي.
مازلنا في العراق محكومين بقوانين تنص على ان المتقدم لتولي وظيفة حكومية يجب ان يكون عراقيا من ابوين عراقيين. وهذا يمنع العراقي بالتجنيس من تولي الوظيفة الحكومية، كما يمنع بطبيعة الحال غير العراقي من التوظيف. لا اريد ان اناقش في المسألة الثانية التي سبقنا الى تجاوزها الكثير من الدول ومنها الدول الخليجية التي يحتل الكثير من وظائفها الحكومية وافدون اجانب. الشرط المذكور يؤدي الى اتباع سياسة التمييز بين العراقيين اصالة والعراقيين تجنسا. هذا التمييز الذي مارسه النظام الصدامي المقبور تحت عنوان التبعية الايرانية والتبعية العثمانية. وهذا امر لا نجده في الكثير من الدول المتحضرة التي تجاوزت مثل هذه الشرط. ربما كان لدينا نوع من الشعور من عدم قبول الاخر الاجنبي او الذي كان اجنبيا، واصبح عراقيا بالتجنس. وربما كان ذلك لدواع امنية او سياسية او وطنية معينة، لكن الا يستحق الامر نوعا من المراجعة؟ ينطبق هذا الامر على حملة الجنسية الثانية. كما ينطبق على استخدام لغات اخرى في الجواز غير اللغة العربية، واخيرا اللغة الكردية ايضا. الجواز البريطاني يستخدم اكثر من 20 لغة، ولم يثر هذا الامر نقاشا وطنيا حوله. الامر يتعلق بتسهيل حركة المواطن حامل الجواز في الدول الاجنبية اكثر مما له علاقة بمعاني الوطنية.
لا ضير بمثل هذه المراجعات، فالعالم من حولنا دائم التغير، ولا بأس بملاحقة هذه المتغيرات، فقد ينفعنا بعضها، دون ان يترتب على ذلك ضرر يذكر.