18 ديسمبر، 2024 5:58 م

ادوات امريكا لقيادة العالم … المنصب انموذجآ

ادوات امريكا لقيادة العالم … المنصب انموذجآ

(لابد لكلمة الحق وموقف الحق
وعمل الحق ان يكون لهم اثر .)
“الدكتور احمد الوائلي”
للقبض على جوهر السياسة الامريكية واعلان امريكا امام الملأ على انها الدولة العظمى في هدم الفضيلة واخلاق الدول والشعوب , لاشك , امر صعب جدآ . ولكن يمكن ان نقبض على البعض من الوقائع التي تثبت عدوانيتها التدميرية , إلا انها تبقى من دون دلائل تبرز ارتباطها المباشر بسياستها التدميرية , واحدى هذه الدلائل هو الإعتراف بها من قبل النخب السياسية ,
لأن الولايات المتحدة لا تتساهل في اعلان جوهر سياستها المتوحش , بل تعقلنها في اول الأمر وتعطيها قبولآ على نحو يتعانق معها المتلقي او يتعاطف ولا يؤولها بمفهوم آخر ويكتشف جوهر اهدافها التدميرية المقصودة , إلا بعد عقود , عندئذ ترفع الحظر عنها لتبدأ شخصية من النخبة بالكشف هنا وهناك عن اهداف تلك العدوانية وارتباطها بالسياسة التدميرية وبشكل علني ,
لذلك فإن دراسة وتتبع تطور السياسة الأمريكية منذ حقبة الحرب العالمية الثانية ولغاية تحولها من اسلوب المخادعة والكذب والتضليل والتآمر الى اسلوب التدمير الشرس , يمكن ان يستخلص المرء من نتائج الدراسة مايمكن ان يفرّق بها بين الأمر الغريب عن السياق الأخلاقي العام وبين المغزى من الأخذ به وتنفيذه او التعامل به من قبل المسؤول في موقع المسؤولية , مع ان كلتا السياستين موجهتان ضد الشعوب المستضعفة مهما اختلفت بها الأحوال ,
وهذه الدراسة التي ستكون بالنهاية درسآ للسياسيين , لابد تحتاج من الدارس مرة ان يحصد لها دلائل مادية ظاهرية ملموسة ومقنعة , ومرة تدعوه الى الإعتماد على التحليل الرؤيوي الذي يستند على القراءة والسمع ومشاهدة مقاطع من البودكاست خاصة بالنخب السياسية الأمريكية الذين تركوا المنصب لأغراض التقاعد ,
وشرعوا بفضح المواقف والرؤى السياسية السابقة التي اعتمدتها دولتهم في جرائمها التخريبية والتآمرية ضد الشعوب بعد ان فرضت عليها التعتيم فلا تذاع في وسائل الإعلام في وقتها , وهذا تم توضيحة آنفآ , ومرة تدعوه الدراسة الى الإعتماد على الحدس الذي يكتشف به الدارس نوع الإيقاع السياسي الثابت والمتغير في السياسة الأمريكية شيئآ فشيئآ ,
والسياسة التدميرية بمصطلحها الحديث تعني الكثير بما يزيد عن مساحة المقالة , ولكن في جانب منها إما ان يكون المسؤول بالمنصب صانعآ لها , وإما ان يكون تابعآ لصانعها وخاضعآ لإملاءاته , وهذه السياسة في اكثر دلائلها برزت اثناء بدء فترة الحرب الباردة الممتدة من نهاية الحرب العالمية الثانية بسنوات وحتى انهيار جدار برلين ,
وبالعراق تعرّف عليها الناس بشكل ملموس وبدلائل كثيرة , عند احتلاله الذي تم من قبل امريكا بسمات سياستها التقليدية من كذب ومخادعة وتضليل وخلط للأوراق , وخاصة عندما ترسَّخت اقدامها بدخول منظمات عديدة اندسّت تحت جناح قواتها المحتلة وبرفقة قوات التحالف بعنوانات وتخيّلات واحلام تغيّرت بها الرؤى والاساليب المتبعة في السياسة الامريكية السابقة لتتحول الى سياسة التدمير الشرس وخاصة في الجانب الإقتصادي والعسكري والصناعي , مستندة في بعض ماتستند على المناصب التي تقترحها او تفرضها على الدول ومنها العراق , لذلك وجد المواطن العراقي هناك ترابط منطقي بين خمود المصانع الإقتصادية والإستراتيجية وبين السياسة التدميرية التي تقودها امريكا .
والدارس احيانآ يذهب الى بناء فرضيات ترتبط بفلسفات طرحت بأفكار علماء من ذوي الإختصاص في تطور المجتمعات , فيعرف من جراء ذلك ان مايجري من سياسة تدميرية على الأرض هي مستقاة من افكار اولئك العلماء سواء كانت ايجابية او سلبية , إذ ان العلماء عادة يلهمون السياسيين والأدباء والفنانين وكل الأنشطة الذهنية الأخرى على ما رصدوه وجربوه ليخلقوا آفاقآ ابداعية جديدة باشكال اخرى تسهم في ايجاد الحلول لمشاكل الإنسان والحياة من ناحية والاغتناء بتجارب انسانية جديدة , فضلآ عن الحذر وعدم الوقوع في اخطاء سياقات الحقب السياسية او الإقتصادية او الإجتماعية السابقة .
ولعل الحقبة السياسية الأمريكية التي بدأت بمهرجان التاسع من سبتمبر عام 2001 , على انها احداث دامية قامت بها منظمة القاعدة , انما هي محض كذبة كبيرة جدآ , بل كانت مهرجان تعبيري عن ابتهاج الولايات المتحدة انها ستقوم بعد هذا المهرجان بإحتلال العراق الذي يعتبر نقطة تحول كبير في ايقاع السياسة الأمريكية الرامية الى التحكم بقيادة العالم ,
وبتعبير ادق ان امريكا خلقت من احداث سبتمبر موائمة واتساق بين رؤية هدم برجي التجارة العالمية في مقابل الوصول الى تحقيق رؤية احتلال العراق والتحكم به وبكل مايحتويه من ثروات وموقع استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط , فضلآ عن امور اخرى ظلت الى الآن خافية , واغناء تجربة البدء بالتفوق على العالم .
وليكن فهم القاريء لهذا الرأي انه مزيج من الحدس او افتراض أو تأويل ينطوي على خطأ او صواب , ولكن ينبغي للقاريء ان يعرف القيمة الحقيقية للعراق اولآ ليعرف سبب اهتمام امريكا به , قبل ان يعرف الخطأ في الحدس وفي إفتراضاته . والمهتم بالشأن السياسي العراقي يرى بالإحتلال الأمريكي لبلده قد سلب منه كينونته النفطية والصناعية والعسكرية والإقتصادية عدا الجزء الداخلي منها واليسير فحسب ,
مثلما سُلبت على ايام احتلال بريطانيا للعراق عام 1914 عندما بسطت بالإنتداب ذراعيها عام 1918 لتملأ مناصب دوائره الحكومية بالشخصيات الأنكليزية كجذور لنواياها المستقبلية ,
اذ ان الدال على تحكم الدولة بالثروة النفطية بشكل كامل بعد 2003 , قد تم نسف منطقه الظاهر بجولات التراخيص النفطية وبوادر إنشاء انبوب نفط البصرة – العقبة المريب من حيث تسميته كإستحقاق دولي وقد التصقت به حشود من ردود الافعال الشعبية المضادة وبكافة المستويات ,
ويقابله من ناحية اخرى غرابة , ان يكون المشروع – كما قيل – يخدم الكيان الاردني كأحد اعضاء منظومة التطبيع مع العدو المحتل , بل ويمنحه طاقة اقتصادية هائلة على حساب العراق وشعبة , وبهذا الدور الغريب اعتمدت امريكا على الاردن كبوابة لإستنزاف الإقتصاد العراقي على المدى البعيد من ناحية ,
والبقاء على عضويته حليفآ يُستكمل به تحقيق اهداف الكيان المحتل على المدى القريب وخاصة بعد آمال هذه المنظومة في تحقيق النصر بالحرب على غزة وتحقيق المشاريع الحلمية التي تنتظر قيامها لتكون بمثابة الوسائل التي تعبأ للتحكم بالعالم الذي تروم امريكا الوصول الى تحقيقه من ناحية اخرى .
ان وجود علاقة وثيقة بين المناصب التي تفرضها امريكا بالإكراه والتهديد والعقوبات بما فيها المناصب العليا في العديد من الدول المهيمن عليها , وبين سياستها كغطاء لتلك المناصب وخاصة في الدول التي تحتلها ليتبنى اصحاب هذه المناصب المواقف السياسية وفقآ لإملاءاتها التي تقترحها عليهم امريكا بما يتوافق مع مصالحهم الشخصية ومصالحها ,
هو امر مألوف ويجسّد ارادة القوة في تطلعها الى التحكّم بعالم سيكون مبطوحآ بهذه المناصب , ففي لبنان مثلآ فرضت امريكا عقوبات على الوزير السابق جبران باسيل وكان احد مطالبها تعيين عدد من الموظفين في الدوائر الحكومية , بينما المناصب التي تدار من قبل التكنوقراط الذين عينتهم ايام رفيق الحريري بشكل عشوائي ,
صدرت عنهم قرارات تدميرية اظهرت انحيازهم الى نمط السياسة الأمريكية وخاصة في دعم ارجحية القطاع الخاص على الحكومي , وهذا ما يثير مخاوف البسطاء من الشعب اللبناني واي شعب على حد سواء . وفي هذا الجانب , قيل او اشيع , ان إدارة الرئيس بايدن وعدت السيد السوداني بدورة ثانية بالمنصب ,
اذا تم البدء بإنشاء ذلك الأنبوب , وما لبث هذا الوعد حتى هيمن على عقول المهتمين بالشأن العراقي على انه سمة من سمات الهيمنة بالإملاءات السياسية الامريكية , أو اعادة لهذه الهيمنة بعد دعوات خروج قوات امريكا من العراق عندما انتهت الحرب مع داعش , لتمظهر هذه الهيمنة الواضح على العراق إن لم تكن تدخلآ صريحآ في صلب السيادة العراقية ومسار العملية السياسية من ناحية ,
فضلآ عن إرساء صورة اخرى تمظهرت بسبب تلك الإشاعة وهي صورة الخرق لتقليدية الإنتخابات وخرق للحقوق الديمقراطية التي اقرها الدستور بشكل علني من دون الرجوع الى الناخبين لإستطلاع رأيهم , واخيرا نسف لوجود الهيئة التشريعية والهيئة التنفيذية من ناحية اخرى ,
وهذا ينبغي الإنتباه اليه ودراسته لما يتسبب به من تراجيديات لاحقة للشعب العراقي , لكون مامبين في اعلاه لاينبغي اغفاله والمضي به وكأن السيد السوداني فعلآ يقاد من قبل امريكا كما تقود نصف العالم بهذه السياسة , لما تنطوي عليه من تداعيات غير متوقعة وخطيرة في المستقبل .
ان انكشاف استغلال الولايات المتحدة للغفلة التي مر بها العالم اثناء مهرجان سبتمبر بعد عقد من الزمان او اقل من ذلك , كان على يد الإعلام الذي زعم ان المهرجان كان يهدف الى التبشير بالهيمنة الأمريكية على العالم من ناحية , علمآ ان الإعلام لم يُخفِ تعاون وسائل الوصول الاخرى الى تلك الهيمنة المتمثلة بقادة أنظمة التطبيع العربية البعيدة عن البنى السياسية الوطنية والمهيمن عليها بشكل مباشر من قبل امريكا منذ عقود لدعم اهداف ذلك المهرجان ,
إذ لم تتغير ادارة المجتمعات من قبل امريكا سياسيآ في دول التطبيع , مع ان الحكام مازالوا يتشبثون بالمناصب التي منحت لهم وبالامتيازات الموروثة تشبث القراد على جلد الغنم ليقوموا بدعم واسناد التبشير بالهيمنة الامريكية على العالم , وان مايثير الدهشة ان المناصب العليا الممنوحة للسياسيين من قبل امريكا اصبحت ادوات لتحقيق أهداف الولايات المتحدة وليس أهداف السياسيين الوطنية ,
مع ان السياسة الامريكية التي تدار بها المجتمعات تكون في بعض مفاصلها مخادعة وتظهر بشكل يخدم تلك المجتمعات , إلا ان الحقيقة هي من أجل تعزيز عنصر الاقناع لدى السياسيين انهم يقومون بخدمة بلدانهم بمضامين سياسية جديدة وغير معهودة بالسابق من ناحية , وهدم الهوة وخاصة بينها وبين الدول والشعوب التي تشكك بنزاهة سياستها بشكل عام من ناحية اخرى ,
لأن الشعوب كافة تعرف السياسة الامريكية واساليبها ونهاياتها المدمرة على نحو جيد وتعرف مغزاها العميق سواء بالحدس او بإستبصار لسماتها التي تصنع الرياء في باديء الأمر للقبول بها , اما الاقتراب من مؤسساتها والعمل معها وبأي اطار سواء تجاري او صناعي او عسكري ,
فلا جدوى منه لأن الدول الخاضعة في جميع الاحوال ستُصفع على قفاها بالإدعاءات الباطلة والصلف الأمريكي طالما هي مقيدة بسياستها وإملاءاتها , وطالما امريكا تعتبر نفسها قائدة للعالم كما اسلفنا وهذا هو الاساس في سياسة وعمل تلك المؤسسات الملحقة بها بشكل عام ,
فمنظمة التجارة العالمية كما هي منظمة آسيان , لايشكك احد بكونهما اسس تحتاجها امريكا في حملتها لقيادة العالم , ولكنهما ليستا اسسآ للمعالي والأخلاق كما يظنها الناس , بل هي صروح مجازية لها لأنها بنيت بفكر امبريالي وبفلسفة السطو على الدول والشعوب , فكما تنحاز منظمة التجارة العالمية للتوجهات الإقتصادية الامريكية ,
فإن منظمة آسيان هي الاخرى تنحاز بنفس الدرجة , ولأنهما صروح مجازية تتشابه مع مركز التجارة العالمي , فقد تم تفجير الأخير في 9 سبتمبر بمهرجان اثار الفوضى في عموم امريكا , بينما اعتبرت تفجيره محض تفكيك لوجود هذا المركز على الأرض لخدمة إنهيار العراق واحتلاله وإن التفجير في حساباتها التآمرية لايساوي اكثر من نفوق دجاجة او حرق علبتين من معجون الأسنان بالمقارنة مع ذلك الأنهيار ,
لأن بالتفجير سيعطي امريكا وجودآ تأريخيآ جديدآ لم تستطع احرازه من قبل , كونه سيكون فضلآ عن ذلك الوجود , اكثر نفعآ وملائمة للرد على خدعة محاربة الارهاب التي اعلنتها في اعقاب ذلك التفجير وفي انتقاء العراق ليكون أول كبش محرقة له ,
بهذه الصورة تنظر الولايات المتحدة الى مصالحها , ولهذه الصورة تزحف الدول , وهي غافلة , للإنضمام الى تلك المصالح الكابوسية والغامضة في بعضها بسبب ضعف الموقف السياسي المعارض وبسبب ان القوى السياسية التي تتعامل مع امريكا غير مؤهلة لطرح الرؤى الإستراتيجية المخالفة وبلا تحليل شامل لأهداف تلك المصالح وبلا ادراك لكافة التحولات الجذرية التي ستحدث في البنى السياسية واسلوب قيادة الدولة في المستقبل ,
في العراق لم يكن الدفع الى انشاء الانبوب المذكور استثناء من ذلك التعامل مع امريكا الذي وصفناه بلا تحليل شامل لعواقبه , ولا الانضمام الى منظمة التجارة العالمية ولا جولات التراخيص النفطية والإتفاقيات المبرمة مع دول الجوار , وامور اخرى كثيرة تجسدت بسلوك وبواعث السياسيين من غير فهم لجديّة الفائدة التي تقدمها تلك المصالح للبلاد وخاصة في مجال حفظ السيادة الوطنية وسلامة اراضيه المنتهكة الى الآن من قبل دول الجوار ولايستبعد ان تستمر هذه الدول بغيِّ الإنتهاك الى المدى البعيد ,
بل ان اسلوب ادارة مفاصل الدولة الذي اضطلعت به الحكومات كما تعرضه بعض القنوات الفضائية ووسائل اعلام اخرى , شهد تلاشي الوعد بالإصلاح وتأسيس دوائر حكومية خالية من الفساد , وشهد بروز مثالب في اسلوب تبوأ المناصب الحكومية وخاصة في دوائر الكهرباء والبنوك بسبب تغلغل الشخصيات التافهة والبعيدة عن المهنية والإداء الوطني ومفهوم الوطنية في مناصب ادارتها , وهذا امر تعرف الدول الخاضعة انه يخدم برنامج استنزاف اقتصاداتها الذي وضعته بالخفاء ضمن سياستها التدميرية ,
والإصلاح لايعني بناء حدائق وإن كانت بأشجار نخيل متهالكة لتهتف لها الأقلام بخط وإملاء مكسور في التيك توك , او جسر او شق ترعة او إقامة برج كهرباء ليقوم بهدمه رجل في عوز ويلتمس صدقة , بل هذا الهادم احيانآ يكون رجلآ متمرسآ بمنهج الهدم , ورأسه غاطس بين وسائد من ديباج وحرير وفراش وثير, ولم يجد من يستوقفه مرة ويستمع الى سبب انغماسه في ذلك الفراش ببنيته وصحته التي لاتقارن ببنية وصحة الملايين من العراقيين ,
بل الإصلاح ان يبقى نظر المسؤول بالمنصب مسمّرآ ويقظآ بالمراقبة على المشاريع المنجزة لتبقى على قيد الحياة لينعم الناس بها فترة طويلة , وليس تركها عن عمد وبلا مبالاة الى طعنات الشمس المحرقة والجفاف والعبث المقصود لتعود الى ماكانت عليه ليعاد ترميمها من قبل اصحاب الحجر والأسمنت انفسهم المترهلين بتفاهة المعلومات والمهارات الهندسية التي تدفع النفس الى النفور من اعمالهم المنجزة ,
لأن بالعقل والنظر يتميّز المسؤول الذي لا يبيع نفسه الى الشيطان ويكون اداة بيديه , وبين المسؤول الذي يعاكسه في ذلك , وخاصة عندما يكون المسؤول مرتبطآ بماضيه وحاضره وبالمجتمع بإيمان مستقيم , وليس اداة شيطانية تبيع سماتها الأخلاقية من اجل فائدة بالعيش لايجد منها من بعد مخرجآ يشرّفه عندما تتقلب احوال الدنيا بالتراجيديات المحزنة .
ختامآ , ان مامطلوب من المسؤول في ضوء المعنى , اولآ ; إما ان يعترف بعجزه ويغادر المنصب بشرف وكرامة بدلآ من ظهوره على حقيقته عاجزآ في تجربة ادارة الدولة والمجتمع وتتمحور فوقه الشكوك ويتبين لاحقآ ولو بتخمين منطقي انه بذلك العجز كان اداةً بيد السياسة الأمريكية ومقتنعآ ذاتيآ بأهدافها ,
وإما ان يكون محاربآ شجاعآ وينتمي بصلات الى مدرسة الشعب العراقي المفعمة بالأحزان والمآسي , فيثأر لضحايا طلابها ولا يكون امتدادآ لسائر الأساليب السياسية السابقة , بل يصنع اساليبه التي تخلده بنفسه لكي لايدفع تكاليف رغبات تلك الاساليب بالحسرات مع الشعب والوطن ,
وبغير اتباع هذه الكلمات , معناه ستزدهر امريكا والصهيونية وادواتها في عملية استنزاف اقتصادات الشعوب , وستزدهر نباتاتها من العملاء وقادة التطبيع ومعهم المترهلين من اصحاب الحجر والأسمنت , وسيكون تأثير ذلك كبيرآ على بلدانهم في المستقبل ,
ثانيآ ; ان يدرك المسؤول بالمنصب وينتبه , ان ابتعاده عن تشييد مجالات تتيح لإنفاق اموال وتعيين كوادر وتكون فارغة من حيث الدلالة والأهمية ومنفصلة عن تخفيف معاناة الشعب , بل وعديمة الجدوى , ليست سوى نزعة تدميرية للإقتصاد وتهوّر تقوده السياسة التدميرية الأمريكية في معالجة الأمور المهمة بالتوافه لتبقى البلاد داخل الأستنزاف وخارج الإصلاح , وهكذا تقود امريكا العالم بوجه السياسة المدمر وبالمناصب المختلفة التي تفرضها وترغم بها الشعوب المحتلة كما اثبتت التجارب من قبل في الهند وفي الدول التي غزتها بريطانيا والبالغة مائتان دولة .