18 ديسمبر، 2024 7:22 م

ادوات الاستبداد والتسلط سرقت بواسطة كلمتين في الدستور

ادوات الاستبداد والتسلط سرقت بواسطة كلمتين في الدستور

كلمتان اثنتان في المادة ( 78 ) من الدستور العراقي النافذ ( 1- المسؤول التنفيذي المباشر . 2- القائد العام للقوات المسلحة ) كانت هي النافذة المفتوحة التي سرق منها دكتاتورنا الجديد ادوات استبداده وتسلطه ، وابتلاعه للدولة كلها بمساندة قرارات مخالفة لابسط المبادئ الدستورية اصدرتها ( المحكمة الاتحادية العليا ) .
فكيف كان ذلك ؟ اليكم الدليل …
صلاحيات رئيس مجلس الوزراء في الدستور العراقي النافذ ثلاثة انواع ، معظمها صلاحيات بسيطة وغير مؤثرة الا اللفظين المذكورين فقط .
وتلك الصلاحيات هي :-
اولا :- صلاحية الدعوة :- وهي واحدة فقط تتعلق بدعوة مجلس النواب للانعقاد في جلسة استثنائية  من اجل مناقشة موضوعات بعينها .
ثانيا :- صلاحيات الطلب :- وهي صنفين :-
الصنف الاول :- طلبات منفردة :- وهي طلب تمديد الفصل التشريعي لمجلس النواب بما لا يزيد على ثلاثين يوما لانجز المهمات التي تستدعي ذلك .
الصنف الثاني :- طلبات مشتركة :- 1- طلب الموافقة على اعلان الحرب وحالة الطوارئ .2- طلب حل مجلس النواب .
وهذان الطلبان لا يحق لرئيس مجلس الوزراء تقديمهما الا بالاشتراك مع رئيس الجمهورية او بموافقة رئيس الجمهورية . اما الطلبات المنفردة فهذه لرئيس مجلس الوزراء تقديمها بمفردة دون اشتراك مع احد او بموافقة احد .
ثالثا :- صلاحيات التوصية :- وهي اثنان فقط هما :- 1- التوصية لرئيس الجمهورية لاصدار العفو الخاص .2- التوصية لرئيس الجمهورية لمنح الاوسمة والنياشين وفقا للقانون .
رابعا :- الصلاحيات الفعلية :- وهي نوعين :-
النوع الاول :- صلاحيات تحتاج لموافقة مجلس النواب  ، وهي :-
1-تسمية اعضاء وزارته خلال مدة اقصاها ثلاثون يوما من تاريخ تكليف رئيس الجمهورية له وعرضها على مجلس النواب هي والمنهاج الوزاري من اجل نيل الثقة .
2-    اقالة الوزراء بموافقة مجلس النواب .
النوع الثاني :- صلاحيات اصلية  ، وهي :-
1-لصلاحيات المستنتجه من كونه المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة .
2-الصلاحيات المستنتجة من كونه القائد العام للقوات المسلحة .
3-ادارة مجلس الوزراء وترأس اجتماعاته .
فصلاحيات رئيس مجلس الوزراء في الاصناف الاصلية الثلاث الاولى ( الدعوة والطلب والتوصية ) تعد صلاحيات بسيطة جدا وغير موثرة ، لانه لا يملك فيها سلطة اتخاذ القرار انما يتنظر القرار اما من مجلس النواب او رئيس الجمهورية .
اما صلاحياته المهمة فهي النوع الاخير  ( الصلاحيات الفعلية ) وقد لا يعد النوع الاول منها بنفس مستوى الخطورة لانه – من جهة اولى – يحتاج الى موافقة مجلس النواب ، ولان الصلاحية الاولى ( تسمية الوزراء والمنهاج الوزاري) – من جهة ثانية – هي صلاحية يمارسها رئيس الوزراء قبل توليه منصبه فعليا لانه لا يزال رئيس مجلس وزراء مكلف ولم يمنح الثقة بعد .
فلا يبقى من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء الا الثلاث الاخيرة وهي ادارة وتراس مجلس الوزراء ، وكونه المسؤول التنفيذي المباشر ، وكونه القائد العام للقوات المسلحة .
اما ادارة مجلس الوزراء وترأس اجتماعاته فهي( واجب اجرائي ) محض لا اثر ولا اهمية له من الناحية الواقعية .
فلم يبق من صلاحياته الا كارثتين اثنتين هما :- 1- المسؤول التنفيذي المباشر و 2- القائد العام للقوات المسلحة . وهما منصبين اكثر من كونهما صلاحيتين ، الا ان واضعي الدستور – بذكائهم غير المحدود – لم يبينوا  ما هو معني هذين المنصبين وما هو حدود صلاحياتهما .
فما هو المقصود بـ ( المسؤول التنفيذ المباشر عن السياسة العامة للدولة ) ؟؟
لقد مدت المحكمة الاتحادية العليا هذا الكلام الغامض الى فرض ارادة رئيس مجلس الوزراء ليستولى على الدولة كلها بضمنها السياسة التشريعية والهيئات المستقلة فاضحى صاحب المال والقوة بل والتشريع ايضا ، فابتلع دور مجلس النواب بكلمة فضفاضة لا معنى لها .
وما هو المقصود بالقائد العام للقوات المسلحة وما هي صلاحياته وما هي علاقته بوزير الدفاع وما هي علاقته بوزير الداخلية ، وكيف توزع الصلاحيات بينهما ، وهل ينبغي ان يكون هناك قيادة عامة للقوات المسلحة ، ام ان قيادته  للقوات المسلحة مباشرة وكيف تكون القيادة المباشرة ؟
هذا الابهام المضحك- المريب في هذين اللفظين ، وما لحقه من عجز مجلس النواب عن اصدار قوانين تحدد مفهومهما وحدودهما وصلاحياتهما وطبيعة علاقة شاغلهما بغيره ، هي الثغرة التي نفذت منها الكتاتورية الجديدة .
ولعبت قرارات المحكمة الاتحادية العليا الدور الاكبر في تنمية وتضخيم واستغلال هذين المنصبين لتوسع اطار سلطات وصلاحيات رئيس مجلس الوزراء مما مكنه من التمدد على سلطات وصلاحيات مجلس النواب واهدار مبدأ الفصل بين السلطات ، وبالتالي التغول عليه ومصادرة دوره بالكامل لمصلحة رئيس مجلس الوزراء .
فاهلا بكم مجددا في دولة القائد الضرورة .