يحدد الفقه السياسي في الاسلام مجموعة من المرتكزات لمنح الشرعية للحاكم الاسلامي… وسوف لا نأخذ بنظر الاعتبار نظرية خاصة دون اخرى بل سنشير باختصار الى مختلف النظريات الاسلامية حول ذلك.
اولاً : يستند الحاكم الاسلامي في الشرعية الى الدليل . اي الى وجود نص عليه من قبل الله ورسوله .وهذا الامر يعتمده اهل البيت وعامة الشيعة. واما غير الشيعة من المسلمين فانهم لا ينكرون ذلك. بل يقدمونه على كل المستندات الشرعية الاخرى، ولكنهم يذهبون الى ان الرسول(ص) لم ينص على شخص معين بالفضل وانما ترك ذلك للمسلمين. نعم ان قسماً قليلاً منهم ـ لا سيما من المعاصرين ـ يذهبون الى انه نص على الامام علي(ع).ولكن حتى المعاصرين الذين يقرون بوجود نص لا يرتبون اثرا على النص , يعني رايهم مجرد استئناس بالموضوع .!
ثانياً: تعيين اهل الحلِّ والعقد .. ويسمونه الشورى في الحكم . وهذا مورد اتفاق بين المسلمين اعتماداً على صريح الكتاب والسنة. الا انه قد وقعت بعض الاختلافات حول التفصيلات في ذلك.
ثالثاً : تعيين الحاكم السابق للحاكم اللاحق، فيما اذا كان الاول يمتلك الاساس الشرعي في الحكم. وهذا مما اجمع عليه المسلمون قاطبة.
رابعاً : قد جعل بعض الفقهاء الانتخاب الجماهيري وسيلة من الوسائل الشرعية لتعيين الخليفة او الرئيس. وهذا يستوجب امور مهمة لتعيين الخليفة من قبل الجمهور المؤهل وله مستوى في امور هي.
أ ـ امتلاك الروح الدينية. .. ب ـ امتلاك الوعي السياسي… ج ـ ان يكون اهل الحل والعقد او قسم منهم في جملة المنتخبين. لا ان يكون الاغلبية مقاطعين .. والا سيكون الهمج الرعاع هم من ينتخبون. بعد كل هذا
يرى بعضهم ان الحاكم لا بد ان يستند الى الشرعية في الحكم ،اذا حكم بالعدل واقام السنة وامات البدعة; فانه يستحق الحكم..
والدليل عنهم خلافة عمر بن عبدالعزيز; فانه لم يحكم بانتخاب شرعي انما عينه الخليفة قبله . ولكن الذي عينه فاقد الشرعية بالأساس .. وفاقد الشيء لا يعطيه اذ يكون حكم عمر بن عبدالعزيز عن طريق القوة ومصادرة الاصوات . وهذا لا يكفي مسوِّغاً للحكم. ولكن حكمه بالعدل والكتاب والسُّنة اضفى عليه طابع الشرعية .كما يقولون.
** هذا الراي الاخير يفتح الباب على مصراعيه لمختلف الناس ثم انه يفتح الباب على مصراعيه لمختلف السياسيين، بذريعة اقامة العدل لو حكموا، وانهم يطبقون حكم الله ورسوله(ص) . سواء من يصدق، ومن يكذب (وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين).من هنا نعرف بوضوح ان القوة وحدها في التغلب على الحكم ليست مبرراً للحاكم في التسلط على الرقاب، لان نظرية القوة ليست من نظريات الفقه السياسي في الاسلام.