مع سقوط نظام بشار الأسد استعاد قسم كبير من الشعب السوري حريته، والشعب الكردي حكما وهم الذين حرموا من الهوية السورية وهجروا من العديد من المناطق شمال سوريا أيام حكم آل الأسد وغيرها من الامور التي وصلت الى حدود منعهم من استعمال لغتهم والاحتفال بالمناسبات الخاصة بهم . وأدت ممارسة النظام الاسدي الى نشؤ حركات سياسية ومسلحة خلال عقد من الزمن و في فترة الثورة السورية وكانت قوات سورية الديمقراطية احد الواجهات الفعالة في إدارة المناطق تحت سيطرتهم . وبعد الانهيار جاءت مرحلة اخرى بدأت قادة الثورة كل على حدى على دراستها لأجل أتخاذ القرارات المصيرية رغما على ضغوطات من القوى العالمية المتصارعة على ارض ليس لهم حق فيها ومنه جات اتفاق توحيد القوى المسلحة ودمجها وثار توقيع الرئيس السوري احمد الشرع وقائد “قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي اتفاقاً من 8 بنود، وكانت بمثابة صدمة في الأوساط الداخلية والخارجية، تزامن مع الأحداث الخطيرة في الساحل السوري ومحاولة محاصرة القيادة السورية الجديدة من عدة جبهات على الصعيد الأمني والسياسي في آن هذا الاتفاق وفق أحد المراقبين سيكون له تداعياته، لاسيما ما ورد في البند الرابع الذي يقضي بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن الدولة السورية وهي تشكل حوالي 28% من الاراضي السورية، تشمل المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز التي تديرها بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وتحتوي على اهم الحقول ابرزها “العمر” التنف” “رميلان” “كونيكو” “الجفرة” و”التيم”. خلافا لما يتم تداوله حول الاتفاق الذي وقع بين مظلوم عبدي والرئيس الشرع، الى ان المباحثات بين الطرفين كانت قائمة منذ ما يقارب الشهر لكنها لم تخرج الى العلن الا حين نضجت البنود التي تم التباحث بها وباتت جاهزة للإعلان والتوقيع. لا شك ان التطورات والتغييرات في المنطقة كان لها انعكاساتها لكنها دعمت برغبة من الطرفين وستكون لها تداعياتها ليس فقط على سوريا انما على تركيا والعراق، وهذا ما سيشكل كتلة ضاغطة في مواجهة المحور الإيراني
والرأي القائم حاليا أن القائد مظلوم عبدي قرأ الواقع السياسي بشكل جيد ان على الصعيد الداخلي او الدولي بعد وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى رئاسة الولايات المتحدة الاميركية وهو الذي اعلن في رئاسته الاولى عن رغبة ادارته بالانسحاب من سوريا، وتدارك لأي متغير يطرأ على سياسة ترامب من خلال قرار مفاجئ فيما يرتبط بانسحاب القوات الاميركية، قد يدفع ثمنها الشعب الكردي بغياب المظلة الاميركية التي كانت مؤمنة له من خلال التحالف الدولي ، وهذا ما سيدفعه الى قبول أي شرط يمكن ان يوضع عليه بالنسبة للمكسب الذى حققته قيادة الشرع من إعلان هذا الاتفاق، ان المكسب الرئيسي نجاحه في ضرب المحور الايراني معنويا، وانهى مشروع تقسيم سوريا خاصة وان التفاهمات انسحبت على الدروز في السويداء على جزء كبير من وجهاء دروز السويداء، وهذا الامر انعكس على العلويين في الساحل الذين باتوا وحيدين سياسيا نتيجة هذه التفاهمات. اما على الصعيد العسكري يمكن القول انهم فقدوا قدرتهم على التأثير وانتهوا ، ما خلا بعض العمليات والكمائن التي يمكن ان يخرجوا بها في عدة مناطق وستكون فردية لا يمكنها فرض واقع معين بالنسبة للظروف التي ساهمت في ولادة هذا الاتفاق التاريخي وانعكاساته على الاكراد والقيادة السورية، وهل الاحداث في الساحل السوري أرخت بثقلها لتسريع عملية التوقيع، انه لا يمكن فصلها عن الاحداث الخطيرة التي جرت في الساحل السوري، حيث وردت معلومات عن تحرك الجناح الإيراني في “قسد” للمشاركة في عملية الانقلاب على الشرعية. بالنسبة للمصالح التي أمنت التقارب الكردي مع القيادة السورية الجديدة للوصول الى اتفاق واضح لناحية الانضمام الى الشرعية بشكل كامل، اما على صعيد التصعيد الاسرائيلي تجاه الرئاسة السورية الجديدة والجنوح باتجاه الدفاع عن انقلاب العلويين، وإبداء الاستعداد لحماية الدروز في سوريا، ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حامل عباءة مشروع “بن غوريون” لحماية الاقليات وتعزيز تفكيك المجتمعات، وهذا ما يفسر تحركه في شمال شرق سوريا من خلال تعاونهم مع المحور الإيراني في هذا التوقيت والدفاع عن من يدور فلكهم من العلويين والدروز والاكراد، للدفع باتجاه الانفصال في وقت تسعى الادارة الاميركية الى الحفاظ على دولة مركزية، بعدما بات الاكراد عبئا عليها، بعيدا عن الروايات حول حماية حقول النفط، لان الوجود الأميركي في تلك المنطقة هو فقط لضبط ايقاع المنطقة ومقاتلة “داعش”، بعد رفض الجيش الحر التخلي عن قتال نظام الأسد ومشاركتها في مواجهة الإرهابيين ولا يمكن الربط بين قرار رئيس “حزب العمال الكردستاني” عبد الله اوجلان لإلقاء السلاح بالاتفاق بين عبدي وقيادة الشرع كونه شأن داخلي تركي،. الترابط الجيوسياسي في المنطقة وتأثيراتها في المنطقة هو مدار البحث لدى القوى العالمية كون المنطقة وخاصة الاستقرار في سوريا والمناطق المتماسكة من قبل القوى الكردية من العراق وسوريا له بعد طويل المدى في كيفية اتخاذ السياسات الاقتصادية والأمن الغذائي والمائي لدول المنطقة والشرق الاوسط وربطها بمصالح القوى العالمية والامن العالمي وايضا في كيفية ادارة الحروب المستقبلية في المنطقة بعد القضاء لكافة المظاهر المسلحة وانهيار النظام السوري تعني انهيار السياسية المهيمنة من قبل إيران وخلق نظام عالمي