27 ديسمبر، 2024 1:05 ص

ادارة الحكم في العراق دستورية من الخارج عشائرية من الداخل!

ادارة الحكم في العراق دستورية من الخارج عشائرية من الداخل!

من ينظر الى السلطة التشريعية المتمثلة بالبرلمان والسلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة، وباقي مؤسسات الدولة يعتقد انها جميعا تعمل حسب القوانين المعمول بها وعلى رأسها الدستور وتطبقها على حد السيف، لكن الحقيقة غير ذلك. ان الحكم في العراق تديره الاحزاب لكن على الطريقة العشائرية التي تصلح فقط لتمشية شؤون افراد العشيرة، حيث ان الأفراد الذين ينتمون للأحزاب والذين يتحكمون بزمام الأمور في السلطتين التنفيذية والتشريعية يخضعون لسلطة العشيرة وان الكثير منهم لم يعمل او يتدرج في سلك الخدمة المدنية ولا يمتلك اية مؤهلات أكاديمية. و عندما يقع احد منهم في قبضة العدالة نتيجة انتهاك القوانين اما من خلال التورط بقضيةً فساد كبيرة، او الاختلاس او وضع اليد على عقارات الدولة او عقارات عامة الناس وهلم جرا ، فتراهم يهبون جميعا هبة رجل واحد، يضعون خلافاتهم جانبًا للدفاع عنه، والعمل على “طمطمة” القضية بأية ثمن حتى وان كان على حساب القانون وفقا للتفسير الخاطئللحديث ” انصر أخاك ظالما او مظلوما” وكما حدث في قضية التستر على سرقة ٨ مليار دولار، التي لم ولن تحصل في اي دولة على وجه الارض، وتهديد قاضي النزاهة لإنه حاول الاقتراب من كشف المستور، وكلها انتهاكات صارخة للقانون.

اما في الدول المتقدمة التي تطبق القانون بحذافيره وتعمل وفق الدستور، ترى الجميع يقع تحت سلطة القانون ولا يمكن ان يفلت من العدالة، سواء كان الرئيس او ذويه او اي عضو في الحزب الحاكم إلى أصغر موظف. 

 كان روبرت منينديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي حينما وجّهت له تهمة بقبول رشى من احدى الدول العربية مقابل دعم موقفها في الكونغرس. وعندما ثبتت عليه التهمة، اول من طالبه بالاستقالة هم أعضاء الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه علما ان حكومة البيت الأبيض هي حكومة ديمقراطية يرأسها الرئيس جو بايدن. وبعد بضعة دقائق فقط من صدور الحكم بالإدانة، طالبه رئيس الأغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ بتقديم استقالته فورا دون أية محاباة او محاولة الالتفاف على الحكم كونه ينتمي إلى نفس الحزب. وآخر حكم صدر بحق ابن الرئيس بايدن في قضية التهرب الضريبي، ناهيك عن الرئيس ترامب الذي يخرج من محكمة ويدخل اخرى بسب قضايا مختلفة. 

هذا الأمر لا يقتصر على دولة دون اخرى من الدول التي تتخذ من الديمقراطية منهجا للحكم، حيث يخضع الجميع لسلطة القانون، ولن يفلت من قبضة العدالة طالت او قصرت فترة هروبه.

ففي بريطانيا وجد تحقيق أجرته صحيفة الجارديان ان واحد من كل ١٠ مجالس في المملكة خضع لتحقيقات فساد في العقد الماضي حيث كان يوجد لدى ٣٦ سلطة محلية أعضاء وموظفون متهمون بارتكاب جرائم اقتصادية منها الاحتيال واساة استخدام الأموال العامة وبالفعل تم اعتقال وإدانة العشرات منهم.

وفي ألمانيا دعا المدعي العام الألماني المستشار الاتحادي أولافشولتس، للمثول أمامه في ١٩ آب الماضي، من أجل التحقيق معه في شبهات فساد وتهرب ضريبي، وقعت عندما كان وزير مالية وعمدة لمدينة هامبورغ. 

في العراق، لن يستمر الوضع الفوضوي الحالي إلى امد بعيد، على الرغم من محاولات السياسيين المستمرة القفز على مواد الدستور، وتحييد العدالة من اجل الاستمرار بإدارة الحكم وبأسلوب عشائري. فهو بلد يبلغ عدد سكانه ٤٤ مليون نسمة، ويرتكز على ارث حضاري كبير في مجال إرساء العدالة. ان الإمبراطورية البابلية، هي اول من شرعت القوانين التي جاءت على هيئة مسلة، سميت بمسلة حمورابي نسبة إلى الإمبراطور العظيم حمورابي الذي وضع قوانينها، والتي عرضت موادها في ثلاثة عشر قسماً منها ما يتعلق بالقضاء والشهود، ومنها ما يتعلق بالسرقة والنهب.

ان أسلوب التجهيل المتبع لتضليل الناس، وتخديرهم باستخدام الدين من اجل مصالح دنيوية لا تمت الى جوهر الدين بصلة، لا بد ان يصل الى نهاية وينقلب السحر على الساحر، حتى لو بعد حين.

https://www.facebook.com/jabbar.jaafar.1