امانة بغداد هو المؤسسة الحكومية الاكثر تمويلاً ودعماً بسبب مشاريع وخطط هذه المؤسسة المهمة.
ولعل المؤسسة الاكثر انفاقاَ بشكل يومي هي امانة بغداد لما تتطلبه العاصمة من خدمات يومية تتعلق بالماء ومياه الصرف الصحي والتنظيف المستمر.
مشكلتنا الكبرى اننا ندين الوزير او الوزارة اثناء الازمات كالوقوف طوابير على محطات الوقود او شحة مياه الاسالة او تراكم النفايات في ازقة بغداد وشوارعها الرئيسية وعندما تنتهي الازمات بفضل الخدمات ننسى او نتناسى الماضي القريب وننشغل بالحاضر وان كان هذا الامر هو منطقي لسبب بسيط باعتبار ان هذه الخدمات هي ليست منة على الشعب او تفضل عليه بل هي من واجبات الوزير او امين العاصمة فلا يحتاج ذلك ثناء او شكر لانه من صميم واجبه.
اذا كان ذلك صحيحاً فالصحيح ايضاً لكي لا تبخسوا الناس اشياءهم هو ان نتذكر ماضيهم بانجازات حاضرهم لكي لا يتساوى المحسن والمسىء عندنا كما اشار امير المؤمنين عليه السلام في عهده لمالك الاشتر:” ولا يَكُونَنَّ الْمُحْسِنُ والْمُسِيءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ ؛ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَزْهِيداً لأَهْلِ الإحْسَانِ فِي الإحْسَانِ ، وتَدْرِيباً لأَهْلِ الإسَاءَةِ عَلَى الإسَاءَةِ”
واليوم نحاول فتح ملف خطير ومثير امام انظار قراء كتابات ولجنة النزاهة النيابية وهيئة النزاهة لكي يطلعوا على حقيقة الامر واتخاذ الاجراءات الجدية بعد التحقيق والتدقيق في معلوماتنا حتى لا نصبح على ما فعلنا نادمين التزاماً بقوله تعالى ” “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”
ومن هنا فان مؤسسة بهذا الحجم والسعة والموزانة الانفجارية بحسب ما يتطلبه الوضع البغدادي لا يستبعد ان تكون هذه المؤسسة كامانة العاصمة مغرية ومثيرة للعاب الاخرين وسعيهم الجاد للسيطرة عليها والاستفادة من مشاريعها.
ثمة برلمانيون يسعون بشكل دائم للحصول على عقود لمشاريع امانة العاصمة وهو سعي طبيعي وواقعي لعله لم يكن سعياً شخصياً بل من اجل دعم الجهة او الحزب الذي ينتمي اليه هذا النائب او ذاك المسؤول.
وقد يستطيع امين العاصمة ارضاء الاخرين من النواب ضمانة لتأييده في مجلس النواب او قبول وساطاتهم وتوسطهم لشركات عملاقة تمنح هؤلاء النواب نسبة جيدة من هذه العقود.
وامين العاصمة يعلم اكثر من سواه ان هؤلاء البرلمانيين (نواب الشعب) وخاصة في لجنة النزاهة ولجنة الخدمات لا يتوروعون عن التشهير والتسقيط والافتراء في حال حرمانهم من هذه العقود والنسب المخصصة للوسطاء عند الشركات العملاقة.
الخطاً الفادح لامين العاصمة السابق الدكتور صابر العيساوي انه تعامل بمهنية عالية واحترافية كبيرة وليس في توجهات الربح والخسارة ولذا منع هؤلاء النواب من هذه العقود الكبيرة لعلمه ان هذه الوساط والوساطات للشركات ومحاولة بيع العقود بشكل متكرر لاكثر من شركة هو السبب في تلكؤ المشاريع وفسادها وحضور اكثر من شركة فاشلة وفاسدة تعتمد الوساطات النيابية وتمنح نسباً للعمولات من اجل الفوز بالعطاءات والعقود وهو ما يجعل النسب الممنوحة للوسطاء تكلف الشركات مبالغ باهظة وينعكس ذلك على متانة مشاريعها ودقة التزامها بالضوابط والشرائط والسقوف الزمنية.
فالعيساوي بين امرين فاما يكسب النواب من خلال الموافقة على العقود والوساطة للشركات او يرفض ذلك ومن الطبيعي ان يتحمل ضريبة الرفض لانه لو وافق على عقود النواب الوسطاء فانه سيكسب اصواتهم ويخسر مهنيته وعهده للمواطنين ووفاءه بالقسم واذا رفض فسوف يتحمل ما تحمل من تشهير وتشويه وظلم وهو يعلم يقيناً لو انه وافق على وساطات وتوسطات الاخوة النواب في لجنة النزاهة او لجنة الخدمات النيابية فانه لم ولن يتزعزع من مكانه لكن سيتزحزح اكيداَ من قلوب الناس والبغداديين خصوصاَ.
امين بغداد السابق لم يتعامل ببراغماتية سياسية مع ضغط النواب المحترمين بل تعاطى مع ضغوطاتهم بمهنية عالية لكي لا يحقق رضا النواب على حساب الناس والمهنية والمصداقية في ادائه المشهود له بالعطاء والميدانية والابداع.
واما محاولات النواب المحترمين لتقديم الامين السابق للقضاء فهي محاولة لذر الرماد بالعيون وعملية استباقية لكي لا يفضح هؤلاء ويكشف مخططاتهم للتوسط لشركات معروفة بضعف الاداء ولكن هؤلاء النواب سيواصلون الضغط على الامين الجديد بنفس الطريقة السابقة واحدهم قدم عقود لطائرات لشركة النقل وكانت الطائرات ليست بالمواصفات المطلوبة والاسعار المناسبة فتم رفض هذه الطائرات فجن جنون سيادة النائب ليعلن امام الاعلام بان صفقة طائرات اير بارص 321 مستهلكة بينما بحسب ما نقلته الفضائيات التي حضرت استقبال هاتين الطائرتين في مطار بغداد بانهما جديدتان ومن الطائرات المتميزة.
هذا هو حال البرلمان وبعض ممثلي الشعب الذين تم انتخابهم باملاءات وضغوطات تضليلية لا علاقة لها بالتنافس الانتخابي بل توجيهات لاحزاب مناطقية بتوزيع المرشحين على مسااحات جغرافية محددة تحمل الولاءات لهذه الجهة وتم وصول هؤلاء الى قبة البرلمان بهذه الطريقة الخاطئة.