23 ديسمبر، 2024 11:45 ص

اخرجوا القوات التركية من الموصل قبل فوات الأوان

اخرجوا القوات التركية من الموصل قبل فوات الأوان

( في يوم من الأيام دخل أجدادنا هذه المنطقة وهم يركبون الخيول , وسيأتي يوم نعود نحن إلى هذه المنطقة ولكن بمعدات حديثة ) , هذا الكلام قد صرّح به أحمد داوود أوغلو عندما زار الموصل عام 2011 كوزير للخارجية بدعوة من محافظ الموصل أثيل النجيفي , بمعنى أنّ هذه الأرض كانت لنا في يوم من الأيام وحان وقت استردادها , وبموجب اتفاقية أبرمتها تركيا مع الحكومة البريطانية في 5 / حزيران / 1926 تعطي لها الحق بحماية التركمان في ولاية الموصل , ترى الحكومة التركية أنّ هذه الاتفاقية تسمح لها بدخول قواتها إلى العراق في أي وقت إذا ما تعرّض أبناء جنسها التركمان إلى أي تهديد , فتركيا الأردوغانية ترى أنّ شمال العراق هو أرض تركية استقطعتها عصبة الأمم المتحدة عام 1925 عند انهيار الدولة العثمانية وضمتها إلى الدولة العراقية , فتركيا الأردوغانية تعتقد أن ولاية الموصل التي تضم الموصل وكركوك وأربيل والسليمانية هي أرض تركية , وتعتقد أيضا انّ الاتفاقية التي أبرمتها مع الحكومة البريطانية عام 1926 والتي سميّت باتفاقية أنقرة لا زالت صالحة وسارية وتعطي لها الحق بإدخال جيوشها داخل العراق كيفما تشاء وفي أي وقت تراه .
وإذا ما أردنا تسليط الضوء على اتفاقية أنقرة المعقودة بين تركيا وبريطانيا , فهذه الاتفاقية قد سقطت وانتهت من اللحظة التي استقلّ فيها العراق ودخل إلى عصبة الأمم المتحدة في 3 / تشرين الأول / 1932 , فمن هذه اللحظة أصبحت الدولة العراقية دولة ذات سيادة وتتمتع بشخصية قانونية دولية تمّكنها من عقد الاتفاقات والمعاهدات الدولية , فالاتفاقية لم تعقد بين الدولة العراقية والحكومة التركية , بل كانت بين تركيا والدولة المنتدبة بريطانيا , ونهاية الانتداب البريطاني للعراق واستقلاله عام 1932 , هو نهاية لهذه الاتفاقية , وهي ليست ملزمة للدولة العراقية , ومن جانب آخر فإنّ هذه الاتفاقية قد أبرمت قبل تأسيس هيئة الأمم المتحدة عام 1945 , فبموجب ميثاق الأمم المتحدة الذي يعتبر المعاهدة الأسمى والأعلى من بين كل المعاهدات الدولية , فإنّ المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة قد نصّت على ( أولا .. كل معاهدة أو اتفاق يعقده أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة بعد العمل بهذا الاتفاق يجب أن يسجّل في أمانة الهيئة وأن تقوم بنشره بأسرع ما يمكن . ثانيا .. ليس لأي طرف في معاهدة أو اتفاق دولي لم يسّجل وفقا للفقرة الأولى من هذه المادة , أن يتّمسك بتلك المعاهدة أو ذلك الاتفاق أمام أي فرع من فروع الأمم المتحدة ) , وكذلك نصّت المادة 103 من ميثاق الأمم المتحدة على ( إذا تعارضت الالتزامات التي يرتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقا لأحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به , فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق ) , بمعنى أنّ لا عبرة لأي معاهدة أو اتفاق يتعارض مع بنود ميثاق الأمم المتحدة .

وهذه النصوص واضحة وجليّة وتدحض ادعاءات السلطان العثماني الجديد أردوغان بما يسمى باتفاقية أنقرة , وكان من واجب وزارة الخارجية العراقية أن ترّد على ادعاءات تركيا بشأن اتفاقية عام 1926 المعقودة بين تركيا وبريطانيا بما أقرّه ميثاق الأمو المتحدة ومعاهدة فيينا عام 1969 , وأن تطالب مجلس الأمن بحماية السيادة الوطنية للدولة العراقية باعتبار العراق  عضو دائم في هيئة الأمم المتحدة و بإخراج القوات التركية التي دخلت الأراضي العراقية بدون طلب من الحكومة العراقية , فوجود هذه القوات يشّكل خرقا فاضحا للسيادة الوطنية وتهديدا جدّيا لوحدة العراق , خصوصا بعد المطالبات المتكررة والتصريحات التي يدلي بها قادة تركيا بعودة الموصل إلى تركيا , فالقوات التركية لم تدخل العراق لمساعدة حكومته في القضاء على داعش , أو لتدريب بضعة مئات في معسكر تابع لأثيل النجيفي , بل أن وجود هذه القوات بالقرب من الموصل هو لتحقيق مطامع تركيا في الموصل , ولهذا فقد بات من الضروري إخراج القوات التركية من الموصل فورا وقبل البدء بعمليات تحرير الموصل من داعش , وها أنا أخاطب الحكومة العراقية وأقول لها .. اخرجوا القوات التركية من الموصل قبل فوات الأوان , اللهم أني قد بلّغت اللهم فاشهد ..