24 نوفمبر، 2024 6:13 ص
Search
Close this search box.

اختلاف اللغة

ما اٌلمقصود باللغة:

اختلاف اللغة ليست تسمية الأسد Lion فهذا اختلاف لا يغير من ماهية المُسَمَّى، ما أعنيه من اللغة هو طريق التفكير، تختلف بين الشعوب وفق التربيةالأساسية والجهاز المعرفي بمعاني المصطلحات ودرجة حساسية القيم والتي تقاد بركيزة البناء التصوري والفكري في تعريف السلوك والأشياء.

سبب اختلاف اللغة:

اختلاف اللغة سيدير حوار الطرشان في التعامل بين البشرية والثقافات وبالتالي تعادي الناس بعضها وتحتقر بعضها جراء انطباعات، ولعل تباين الناس في التطور المدني وهو ما يحصل حتى في الشعب الواحد يبرز سوء التفاهم أمام معرفة الحقيقة وانتقالها وهي مسألة حضارية فكرية تتفاعل مع محاولة الإنسان تبسيط الأشياء لفهمها بإيجاد فكرة واحدة أو سبب واحد ونتيجة واحدة وهذا ضد سنن الكون الذي تتظافر في تكوينه وديمومته عوامل عدة لكنها تتفاعل وفق قانون ونظام إلهي يسير العالم، بل الأرض واستمرار وجودها.

جدلية الاختلاف:

الاختلاف أساسا يفهمه البعض من سنن الكون لكن الآيات تشير إلى أن التفكير هو السنة الكونية تخرج الاختلاف كوسيلة إيجابية للتصويب ولأثارةالإبداع عند الآدمية وتوليد الأفكار، بيد أن فهم الإنسان يحتاج إلى أن يتسع ليستوعب وليس أن يذهب إلى الأحادية، ومن اهم العوامل التي تحدث التباين بين الشعوب هي الإسقاطات التاريخية وكيفية معالجة إخفاقات ومطبات التاريخ بالمنظومة المعرفية التي تحولت اليوم إلى جهاز آلي معرفي لا تجري فيه عملية إعادة التغذية بكفاءة مع تصوره انه امتلك الحقيقة بينما البيئة التي أنشأت الفكرة والسلوك مختلفة.

كذلك طريق التفكير، فمنهم من تنشط كمنظومته العقلية لتكون أكثر قربا من الحقيقة، ومنهم من تنشط لتبتعد عن الحقيقة، فالعملية الفكرية هي الأساس في تفسير الأحداث وفي حل الإشكاليات والمعترضات، وهي أساس الخلق ومن فرق في النتائج من بدأ الخليقة وصراع قابيل مع افتراضاته كما يفعل الذي يديرهم هواهم في الشرق والغرب، والنتيجة أن هابيل الضحية ويفشل قابيل مع الندم.

وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ وَتَمَّتۡ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ (119) لو تأملنا في هذه الآية لوجدنا أن الاختلاف من نواتج التفكير، وسبب تطور المدنية والعمران وتلاقح الأفكار والوصول إلى مقاربات الحقيقة، فالحياة في الأرضامتحان لمنظومة الإنسان العقلية والله خلقهم ليفكروا فمنهم منظومة فاشلة لها منطقها ومنهم منظومة ناجحة لها منطقها، هي مخرجات تقود السلوك لا تتشابه بين الأفراد انفسهم لهذا تُخضع بقوانين وسلطة، وما نجده اليوم تماما كتغلب قابيل على هابيل المسالم، وطغيان المنظومة العقلية الفاشلة على العالم، وقلة من الناس متمسكون برحمة الله وربما ضحايا لهذا الطغيان كهابيل، فمحاولة أي شخص أو فكر أو رؤية أن يجعل الناس مثله هذا تخلف وفشل في المنظومة العقلية وتخالف (لتعارفوا) والتي تدعو للتفاهم والاتفاق على الإعمار لا الهدم والفوضى التي نراها بوضوح في عصرنا.

كلما ابتدع الغرب وسيلة اجبر الدين على التماهي معها، فهذا اختراق له سوابق تاريخية والتماهي ممكن كما تماهى مع قسطنطين في العقيدة، وخضع لسلطة الحداثة، يتماهى في قبول حالة كالشواذ وكأنها صحيحة وربما يصل الأمر أن يكفّر ويقتل من يخالف هذا لاحقا كما كفّر وحورب قسطنطين نفسه من رجال الكنيسة التي صنعها عندما أصبحت هنالك مصالح اقوى من إتِباع قسطنطين ومن حمل فكره بعد فهمه للأصل.

كما نرى هذا فهم لإسقاط تاريخي قد يكون هنالك غيره، كذلك مجمل الإسقاطات التي تولدت منها أفكار الغرب الحالية التي هي بردود الفعل وافتراض حالات لامعنى لها ومصطلحات فارغة لا واقع لها وفرضها على العالم، عملية الفرض هذه اشد حالات التعصب لديانات ضد الدين التي تنبثق عن أفكار علمانية وليبرالية وتحاول تطويع الأديان المنزّلة على الرسل لأفكارها، وليس للتفاهم وقبول الخصوصيات ، وكما كانوا ينشرون ما يرون من حقوق الطفل مثلا، نجد اليوم يلغون حق الطفل والأسرة وكل ما يعترض نشر الشذوذ وأشاعته، وإجبار الكنيسة على التماهي والشذوذ وعقد عقود لا معنى لها، ومن هنا فهم بعض المفكرين المسيحيين أن محافظة المسيحية على بنيانها هي نتيجة ثبات الثقافة للمجتمع الإسلامي المتين بنيويا الذي لا يتأثر بجغرافيا أو نظام سياسي والأديان في نسيجه فتجدهم دعاة لقيام النظام الإسلاميبفهم ووضوح اكثر من اغلب المسلمين.

يفترض الغرب أن ما يتبناه يجب أن يهيمن على العالم رغم انه مقحم وشاذ وليس صحيحا وغير مثبت لا علميا ولا اجتماعيا إلا من باب الطغيان، أمامحقائق كونية وسنن هو منتهى التخلف وأحادية النظرة ونموذج فشل المنظومة العقلية الآدمية عند هؤلاء الذين يشيعون الفواحش والدمار والفساد في الأرضفان تبنى لاحقا ضد ما يتبنى فعلى العالم أن يتبناه كذلك والا سيتعرض للعقوبات والتدمير ولا يهم إن كان ما يعرضه هو ضد دين ، بل يجب أن يخضع الدين له، وهذا لفاعلية الغرائز كالسيادة وأحادية النظرة، وهم اليوم يستغلون بعض المأزومين من الأديان الأخرى لمهاجمة الإسلام مستغلين جهلهم انهم يهدمون حماية وجود دينهم في الشرق ويتحولون مِن لَكُمُ دِيْنُكُمْ إلى حالة الغرب دين تابع لنزوات القيم المهيمنة.

إننا إذن نعاني من اختلاف اللغة ولو تأملنا سنجد مشاكلنا جراء هذا الاختلاف، فطريق التفكير مختلفة والخطورة في إجبار الآخرين على قبول التفاهة والهراء بما تطورت إليه فكرة الليبرالية، والمتغلب اليوم هي المدنية لهذا سينظر للآخر الجاهل والعالم انه متخلف ويحتاج أن يتبع سبلهم الضالة وفرضياتهم غير المثبتة وإجبار الناس عليها، وإعانتهم أو الاستسلام لهم تحيل الصالح إلى مجرم لان مواصفات الليبرالية لطالما تُخِلّي عنها حسب الظرف وهي اليوم مقلوبة.

فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ (112) ….. إلى قوله تعالى… فَلَوۡلَا كَانَ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِن قَبۡلِكُمۡ أُوْلُواْ بَقِيَّةٖ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا قَلِيلٗا مِّمَّنۡ أَنجَيۡنَا مِنۡهُمۡۗ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتۡرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجۡرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ (117).

الاستقامة وعدم الطغيان أو الاعتداء على أحد وليس كما يفعل المتطرفون اللذين لا يفهمون معنى الأمر بالمعروف، وليس الحل بان تضعف وتتبع هؤلاء (القابيلين) لان إنابتهم بصمودك وان كنت الضحية. الإنسان ليس ملاكا فاستعادة توازنه بالبقاء مع الله بارتباطه ودعائه في صلاته، والصبر في هكذا امر أي المطاولة والثبات على الحق والإحسان في مقاومة الباطل وتفنيده له أجره، لان ضعف الدعاة العارفين والثابتين على الحق فان الفساد سيعم وهو ما نراه من تقدم وصلافة وإشهار للفساد واضطهاد للصلاح والصالحين.

ما سنراه قريبا من فوضى الحياة التي ولدتها فوضى الأفكار لابد أن نعرف انه لغياب الصلاح ورأينا فعلا كم من مدن كانت تزعم الصلاح ولا تعمل به كيف دمرت، ولكن هل من متعظ! فان هذه إلا تنبيه لمن القى السمع وهو شهيد.

أحدث المقالات

أحدث المقالات