منذ أكثر من شهرين اختفى زعيم التيّار الصدريّمقتدى الصدر عن الأنظار ومن المشهد السياسيّالعراقيّ، وبدأت التكهّنات والشائعات حول مكانه ومصيره، وآخرها أنّه أجرى عمليّة جراحيّة في بيروت.
مكتب الصدر هو الآخر التزم الصمت على غير العادة، حيث كان الصدر شخصيّاً يردّ على مثل هذه الدعايات عبر منصّة (تويتر)، ممّا زاد من الشكوك حول وضع الصدر، أو حتّى مستقبله السياسيّ!
أحد المقرّبين من الصدر قال إنّ “ الصدر – ومنذشهر تقريباً– أجرى عمليّة جراحيّة لرفع البنكرياسفي أحدى مستشفيات بيروت، ووضعه الصحّيّمستقرّ“!
لكنّ الصورة توضّحت قليلاً حينما نفى القياديّالسابق في التيّار الصدريّ بهاء الاعرجي في لقاءٍمتلفز شائعات تعرّض الصدر لوعكة صحّيّة،تسبّبت باحتجابه عن الظهور الإعلاميّ، وأنّ الصدر “ليس راضياً على أداء الحكومة، وأنّه قد يطرحمشروعاً مناهضاً لحكومة المهدي بعد أن كان احدداعميه”!
وفي منتصف الأسبوع الحاليّ تناقلت الوكالات العراقيّة أنباء جولة جعفر الصدر، نجل المرجعالدينيّ محمد باقر الصدر القادم من بيروت، وأنّمقتدى الصدر هو الذي أرسله بعد هذا الغياب غير المفهوم لحسم العديد من الملفّات العالقة مع الحكومة وبعض الأطراف الفاعلة في المشهد السياسيّ!
جعفر الصدر التقى برئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، ورئيس مجلس النوّاب، محمد الحلبوسي،وغيرهما، الأمر الذي عدّه مراقبون أنّها رسائل صدريّة للضغط على المهدي، خاصّة وأنّ لقاءهبالحلبوسي كان للدفع باتّجاه إكمال الكابينةالحكوميّة وإنهاء إدارة الدولة بالوكالة، بحسب مكتبالحلبوسي.
وهذا الحراك الصدريّ الداخليّ يدعم التكهّنات القائلة باحتماليّة وجود مرحلة عراقيّة جديدة!
وفي نهاية الأسبوع الماضي، أكّد النائب السابقعزت الشابندر بأنّه نسّق “اجتماعًا بين الصدروقاسم سليماني، بضيافة الأمين العامّ لحزب اللهحسن نصر الله، في بيروت، استمرّ لخمسة ساعات،توصّل إلى شبه اتفاق لحسم أزمة حقيبة وزارةالداخليّة“!
وكان آخر موقف للصدر هو رسالته التي وجههالرئيس حكومة بغداد عادل عبد المهدي، في مطلعكانون الأول/ ديسمبر الماضي، ذكّره بأنّه رُشّحللمنصب نتيجة استقلاليّته، ودعاه إلى عدمالانصياع لما يجري خلف الكواليس، وأمهله ستّةأشهر إلى سنة، ليثبّت جدارته في إصلاح ملفّاتالخدمات، والفساد وغيرهما.
وبالمجمل فإنّ رسائل الصدر دفعت القوى السياسيّة الأخرى، ومنها تحالف هادي العامري للتصريح بأنّهم متمسّكون بالمهدي، ولن يسمحوا بعودة العبادي لرئاسة الوزراء!
ومع هذا الغياب غير المفهوم، والتصريحات التي تشير لموقف صدريّ ثوريّ مرتقب، بودّي أن أتساءلكمواطن عراقيّ:
–هل تعتقد يا سيّد مقتدى أنّ خلاص العراق يكونعبر عمليّة سياسيّة سبق لك أن انسحبت منها، ووصفتها بنعوت مختلفة تؤكّد أنّها لم تعد صالحةللتطبيق؟
– هل تعتقدون أنّ العبادي هو الحلّ، أم المشكلة في أصل العمليّة السياسيّة؟
–هل يمكنكم قلب الطاولة على السياسيّين، وما هيقدراتكم، ومنْ هي القوى الداعمة لكم؟
– أظنّ أنّ لقاءكم مع سليماني في بيروت كان ايجابيّاً – وربّما رتب الأمور ثانية بينكم وبين إيران، الدولة غير مرغوب بها شعبيّاً كما تعلمون– فكيفيمكنكم تفسير هذه الخطوة؟
– أخيراً يا سيّد مقتدى أعتقد أنّكم سمعتم بضحايا غرق عبارة الموصل، يوم أمس الخميس، التي سحقت أكثر من (100) مواطن عراقيّ، وكلّ ذلك بسبب الفساد الإداريّ والمكاتب الاقتصاديّة التابعة لبعض المليشيات، فماذا سيكون موقفكم العمليّ، أم ستكتفون ببيان شجب واستنكار؟
الحلّ في العراق يا سيّد مقتدى لن يكون بترقيعحكومة المهدي، التي لم تقدّم حتّى الساعة ما يؤكّدقدرتها على مكافحة ملفّات كبرى، ومنها انتشارالسلاح خارج إطار القوّات المسلّحة الرسميّة،وتغول حيتان الفساد، وإعادة إعمار المدن المدمّرةوغيرها من الملفّات الكبرى التي لم نر أيّ خطوةعمليّة لعلاجها سوى بعض التصريحات الإعلاميّةالهشّة!
يا سيّد مقتدى:
نتمنى أن لا تكون خطوتكم الثورية مجرّد جولة جديدة من المفاوضات مع الكتل السياسية لا تقدّم الأمن والخبز والدواء والخدمات والإعمار لعموم الشعب؟