19 ديسمبر، 2024 9:17 ص

اختزال الدولة …  وحكومة المالكي…

اختزال الدولة …  وحكومة المالكي…

 عندما كانت البلاد تحت قبضة المقبور ، ومع كل المآسي والكوارث والدمار الذي حل بنا ، ارتفع شعارا … وعلا صوت نشاز يعلن ” اذا قال المقبور … قال العراق …؟ ،انظروا معي لمثل هذا التجني ، فقط عقل واحد أهوج  يفكر في بلاد وادي الرافدين ” الميزوبوتيميا” ، وماعداه ليس إلا صدى …،وتداعياته … حروب ومعارك طاحنة ،خربت البلاد وقتلت العباد ،ورثها الاحتلال بامتياز وبآلة العم سام العسكرية .
حصيلة الاحتلال ، زرع نظام يقال عنه ديمقراطيا “اي ديمقراطية ” ،لكن الوطنية نزعت ، فعمت ، مصطلحات… المكونات … التوافق … الشراكة … المحاصصة . ..ودار الفساد في     الأوصياء والقائمين على العملية السياسية “كما أسموها” بامتياز … فقد تاهت المسئوليات وعمت الفوضى ولايعرف “رجلها من حماها ” الكل في الحكومة والكل معارضا لها … والكل
يتهم الكل بالخضوع لأجندات إقليمية …رئيس  الوزراء يتهم وزرائه بعدم الكفاءة … الوزراء يصمتون … كتلهم تتهم رئيس الوزراء بالتقصير لان واجبه الأول … سحب الثقة عن اي وزير فاسد او مقصر … تارة سحب الثقة عن رئيس الوزراء … وأخرى حل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة … ووزراء يتهربون من تهم الفساد والاستجواب في البرلمان … والمحكمة الاتحادية المتهمة بالتسييس تؤيد ذلك … وبالتالي ومرة أخرى عملية سياسيه … اختلط فيها الحابل بالنابل … وضاع فيها  الخيط والعصفور …
بعد تصنيفنا كدولة فاشلة رقم 9 في العالم من قبل ” مجلة الفورن بولسي ” ،ومنظمة ” الفند فور بيس “، يقول الدكتور كويلر من جامعة اوكسفورد … بان الدولة الفاشلة لاتبني الديمقراطية وتكون آيلة للسقوط كنظام سياسي … ويعلل ذلك بان هذه الدولة تفتقد الى الأسس المتينة التي تبنى عليها الدول وهي ” الأمن والمساءلة ” … يزيد كويلر بان السبب في ذلك يعود لفقدان القيادات الوطنية … واستلام السلطة من قبل زعامات أثنية وطائفية وعشائرية ومناطقية … وهذه الجماعات تتصارع فيما بينها على السلطة لاجل مكاسبها الفئوية والشخصية ، خاصة في البلدان الريعية أي التي يكون فيها ثروات نفطية… “للمزيد يمكن مراجعة كتب كويلر …” أسلحة وأصوات وانتخابات”.
رئيس وزراء اي دولة ديمقراطية … هو في المقام الأول … رئيس بلدية بامتياز … أي المسئول الأول والأخير عن تقديم ليس مايسمى بالخدمات سابقا … لكن ماسمي لاحقا بـ “السلع” التي تقدمها الحكومة لمواطنيها …وعندما نقول سلعة فاننا نحدد مواصفات عالية “جودة” وكلفة مقبولة … رئيس الحكومة … ليس وصيا على الدولة … لان الدولة تشمل … المجتمع السياسي ” احزاب ونخب ” … المجتمع المدني … والقطاع الخاص … والأخيرين… لاتربطهما علاقة بالحكومة بل بالشعب .
أخونا ابو إسراء ، رئيس الوزراء ، ومنذ استلامه منصبه … وهو يسوق نفسه قائدا وطنيا … ويفرض وصايته على الدولة العراقية … ويتملكه حلم ان يكون قائدا تاريخيا … وهو لن يكون كذلك بآي حال من الأحوال … لسبب يتغاضى عنه ” دفن الرأس بالرمال”…لانه وصل للسلطة زعيما لحزب ذو اتجاه طائفي … ولم يصل اليها بإجماع وطني ” انتخابات رئاسية عامة “… بل بموجب صفقات سياسية مع غيره من الزعماء الاثنين والطائفيين …والصفقات يسهل التنصل عنها “أي من إطرافها ”  … لكن من كان مرجعيته الشعب يكون واثق الخطوة .
أخونا أبو إسراء … وكونه قائدا عاما للقوات المسلحة ” حسب الدستور “… سار في اتجاه تعزيز قوته وسلطته بظن”زعامته الوطنية ” ، على حساب امتداده الشعبي من خلال تبني خطط تنموية إستراتيجية وتسكين ومكافحة الفقر …والسيطرة على آفة الفساد الناخرة في جسد الدولة …فهذه السلع او البضاعة التي لو عمل على تحقيقها المالكي …وآلت ثمارها وفوائدها للمستضعفين والمهمشين والأرامل واليتامى… لتوج زعيما وطنيا بامتياز …لكن فخ السلطة اصطاده والسلطة عقيمة ” كما يقول العرب “… والسلطة  المطلقة… يصاحبها وسواس المؤامرة والخيانة والأعداء والعملاء… فكل من يناصر بالكلام ” النفاق” المعسول … مع القائد وكل من ينتقد ويصوب … متطاول ومتجاوز … وصاحب أجندات خارجية ” عميل وخائن “، والتداعيات قائد الضرورة .. البطل المغوار … العليم … ألفهيم … الحكيم ، ذو الفكر الوقاد النير وهو الفرد الاحد القادر … على بناء البلاد وتحديد اتجاهاتها المستقبلية …
كسر بجمع … التفكير والتصورات التي ذكرتها آنفا … أوصلت البلاد الى مؤشر الخزي في العالم …فيضان الإمطار … بلا سابقة لاي دولة  مهما كانت درجة التخلف فيها …وثانيها … انتفاضات شعبية تعم البلاد …  وان اقتصرت على مناطق معينة حاليا … لكنها بعد الأربعينية ستعم… ولايعرف ما ستكون عاقبة ذلك … وليومنا هذا لا يبدوا أن أخونا أبو إسراء …بكل مالديه من سلطة وقوة  قادرا على استيعاب الإحداث والسيطرة عليها … والبلاد تسير للمجهول … وتمنيت عليه ولو لمرة ان يستوعب حكمة ملوك المغرب التي يتوارثوها والتي تقول ” اذا حدثت الثورة … فنحن نكون قادتها”… والعاقل من اتعظ بغيره.
سادتي مع إطالتي  عليكم … لكن اسمحوا لي  … التذييل بهذه المقالة … عسى ان يقرءاها صاحب قرار ويتعظ …
الدولة والمجتمع.. والسلطان الغاشم
د. محمد سيف *
الدولة هي الوطن والشعب والسلطات، فهي إذن الشكل والجوهر للتكوين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، اللذان يعطيان أمة ما أو مجتمعاً ما السمة والوجود والتوجه.. ومن هنا نقرر الاستنتاج التالي: إن الحكومة أية حكومة في أي بلد، ليست هي الدولة، وإن أية حكومة تطلق على نفسها اسم الدولة، أو تعتبر نفسها أنها هي الدولة، تكون قد اعتدت على مفهوم الدولة، وكيانها وتكوينها. فالحكومة بالمفهوم السياسي الحديث، هي الأداة التنفيذية في الدولة، وهي إحدى مكونات تشكيل الدولة، بل هي جزء من المكون الثلاثي للدولة الذي هو (السلطات).. والسلطات تتمثل في: السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية،، وهناك في بعض التعريفات سلطة رابعة هي سلطة الإعلام والصحافة.. وإذن فالحكومة في العرف الديمقراطي الحقيقي ليست إلا سلطة تنفيذ لمقررات ورؤى السلطة التشريعية والقضائية..
ولكن كثيراً من الحكومات المتسلطة بما تمتلكه من أدوات قوة وأجهزة وأموال ورجال تذهب إلى اعتبار نفسها أنها هي (الدولة).. أي أنها الوطن والشعب والسلطات، وكل شيء في مجتمعها، وتذهب في التغول إلى حدّ تهميش كل عناصر الأمة والمجتمع والوطن، فلا يعود يُسمع في ذلك التكوين السياسي أي رأيٍ ولو همساً، وحينئذٍ تنبت على حافات تلك الصحراء أصوات النفاق، ومؤسسات الفساد والإفساد، وأجهزة القمع والقتل، وعصابات مافيوية للنهب، وتكديس للأموال في حسابات المتنفذين والمنافقين المتسلقين على جدران تلك الحكومة وسلطانها، ويبنون قامات لا يتاح لها في الوضع الطبيعي للحرية والديمقراطية أن تشرئب أعناقها، أو تمتد أيديها إلى شيء من فضيلة البناء؛ لأنها تعلم قبل غيرها، أن تلك الفضيلة تحتاج إلى كفاءات وخبرات، وأخلاق واتساق وانسجام مع الحلم الوطني الشعبي، وهم يعلمون أيضاً أنهم لا يملكون من ذلك شيئاً، فهم على ضحالة في الفكر، وركاكة في الخلق، وفقر مدقع في الكفاءات والخبرات، وهم على نقيض تام مع الحلم الوطني الشعبي، لا يملكون في هذا المجال إلا أنانيات بغيضة، وآفاقاً ضيقةً حاقدةً، يدورون في دهاليزها، حيث دارت رؤاهم، التي لا تتجاوز حدود أجفانهم الحسيرة.
إن حكومة اتخذت هذا المسار المتغول سبيلاً، بعيداً عن إرادة مجتمعها، متجاوزة طرق الاختيار السديد لها من قبل الشعب، فارضة نفسها وبرنامجها الأناني الضيق بقوة السلطان، الذي امتلكته دون اختيار ديمقراطي حق، أقول: إن حكومةً هذا شكل برنامجها، لا يمكن أن يكون لها إنجاز معتبراً، يصب في حيز المصلحة العامة، وهي بهذا لا بد أن تقود الدولة الساكتة على نهجها المجنون إلى الهاوية، وإلى فقدان المكانة داخلياً وخارجياً.

أحدث المقالات

أحدث المقالات