23 ديسمبر، 2024 9:10 ص

اختار الشهادة ليبقى نهجه الرسالي المخلص           

اختار الشهادة ليبقى نهجه الرسالي المخلص           

وصمة عار جديدة في جبين النظام السعودي التي تتوالى متعاقبة اقدمت عليه في بداية هذه السنة الميلادية هذه الجريمة التي افتتحت بها السلطات السعودية العام الجديد تبقى تلاحق هذا النظام الذي اقدم على المجازر والمذابح منذ نشوئه وحتى الآن، ولم يكن آخر ما ارتكبه المجزرة الوحشية التي أودت بحياة الآلاف من حجاج بيت الله الحرام في منى، دون أن يرف لمسؤولي هذا النظام جفن، أو يعبّروا عن أسف أو حزن لهذا الفعل الإجرامي.

واليوم استشهاد الشيخ نمرباقرالنمرالذي شکل صوت الحق فی مواجهة الطغمة السعودیة التی أمعنت فی القمع والتعسف والإفساد لیس فقط داخل الجزیرة العربیة بل امتد شرها إلی العالم الإسلامی بدعمها حرکات الإرهاب والتکفیر والتدمیر فی سوریا والعراق ولیبیا، وبشنها عدواناً ظالماً علی الشعب الیمنی الفقير. وعززتحقدها بفجع العالم الاسلامي بنبأ إعدام سماحة الشیخ النمر الشخصية الدينية والسياسية المعروفة بحراكه السلمي المشفوع بالمنطق والايمان والدفاع عن المظلومين والمحرومين، وقد دفع اليوم ضريبة معارضته ومجاهرته وانتقاده للحكم السعودي الجائروكان يعرف الثمن والطريق الذي اختاره ورخص دمه الغالي من اجل ان يبقى الاسلام المحمدي الاصيل .

وكان يتمتع بخلق رفيع وقوة في تمسكه بمبادئ وقيم الدين الحنيف وتبلورت عملياً في مسيرته الفكرية والجهادية. كما كانت له نظرة ثاقبة في المستجدات الواقعة، وبرؤية تحليلية دقيقة وموضوعية لمجريات الواقع الاجتماعي والسياسي بما لديه من ثقافة غزيرة ومتنوعة، ومن الرجال الذين خاضوا معرکة الاسلام فکراً وسلوکاً وقدّم فداء ذلک استعلاء علی الدنیا بکل ما فیها من بهارج وآثر ببساطة متواضعة لله حيانه ، ولذلک لم یمهله الظالمون الجناة فأرادوه قتیلا مضمخا بعطر الشهادة ، . فکشف العیوب والعثرات التی علقت بالکیان الاسلامی ممثلة بوعاظ السلاطین الذین آثروا إرضاء الحکام علی مصلحة الدعوة وقد تمدد هذا الفساد حتی شمل المؤسسة الدینیة الرسمیة بأشکالها المختلفة.

ومن سعادة المفکر المجاهد انه ينال الشهادة خاتمة لنهجه الرسالي المخلص وثمنا لمواقفه العظیمة . ووفقا لمنظمة العفو الدولية، فإن عقوبة الإعدام في السعودية لا تخضع لأي نوع من المعايير القانونية ، مع استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات من المتهمين.

وقد إرسل الشهيد السعيد النمر رسالة لوالدته، یحمد الله فیها علی کل ما جری ویؤکد استسلامه لمشیئة الله.
وفیما یلی نص الرسالة:
(( إلی أمی الصابرة أم جعفر؛ الحمد لله علی کل حال، أمی؛ اشکری الله علی کل ما یکتب، تقدیر الله خیرٌ من تقدیرنا، واختیاره خیر من اختیارنا، نحن نختار شیئاً ولکن اختیار الله هو الأفضل لنا، ونحن نطلب شیئاً ونقول لله أختر لنا ما فیه خیر عندک، الله سبحانه وتعالی له الأمر وله الخلق، لا أحد یقدر أن یحرک ساکناً فی هذا الکون إلا بمشیئة الله، لا شیء خارج عن عین الله، عن إرادة الله، وهذا یکفی یا أمی؛ ما دامت کل الأمور تحت عین الله، تحت إرادته، هذا یکفی، هذا یکفینا، أمانة الله علیکِ، الله یحمیکِ، والله یحفظکِ، ویحفظ الجمیع )) .

النظام السعودي يدعم الطائفية والتكفير ولايفرق بين الارهاب وبين المطالبة المشروعة بالحريات والاصلاح، والحق في الاحتجاج، على المظالم والقمع والفساد ومصادرة الحريات،  ومثل هذه الجريمة هي من الافعال الشنيعة التي هزت ضمير العالم الحر وكشفت عن خست هذا النظام الذي وضع اسس وشجع التجاذب الإقليمي والدولي على المزيد من أساليب إنتاج التطرّف الذي ينتظره والذي قد يتجاوز بتداعياته الأجيال القادمة. انها بعيدة عن المنطق العقلي والاعتدال والحوار.

اعدام الشيخ النمرهو اعدام للراي الاخر وعمل متهور وسابقة خطيرة بتاريخ قتل العقول وابادة عرى الوحدة الاسلامية وروادها ولايخدم الزمرة الحاكمة ومستقبلها المظلم التي خطتها لنفسها .و تهوراً كهذا يعني كارثة على مستوى الانسان والامة وهي جريمة بحجم الانسانية ستتردد تداعياتها في القادم من الايام على النظام نفسه ولايمكن السكوت عنه ولن تمرّ دون تداعيات. والشهيد قاد صحوة لا تُقمع ابداً ودماؤه وقوداً لها .

النظام السعودي الحاكم يمثل الفكر الوهابي المتطرف وهو اساس البلاء وجامعة المصائب والمحن ورأس الفتنة ومشرق الشؤم ومنبع التطرف والثدي الذي يرضع منها وتطعم الارهاب الدولي بالمال والبذرة التي تزرع الخراب والهلاك ووضع العصى في عجلة التقدم والحضارة ولسنا في محل  للبحث في الحاضر ونتائج حروب التكفير والتدمير، بل التفكير الجدّي في مكامنه ومناهجه بهدف صيانة ملامح المستقبل الاسلامي والعربي لانها مهما طال الزمن لايمكن نسيانه ولايمكن ان تكون عابرة وسهلة وتبقى تداعياتها ثقيلة في إعادة بناء الحضارة.

ومن المفهوم  والواضح ان معادات الحرية تخلق مجتمعاً مهزوماً وضعيفاً وهذا ماتريده الانظمة الاستبدادية الخليجية الحالية وخاصة المملكة العربية السعودية وشعبها يعاني من بؤس التشابه والتبعية والخوف من التحديث والاستقلال والتباين في الشخصية الفردية، فرد هذه البيئات المرتهنة لأغلال الرقابة والتقييد ولا يدرك المغزى الحقيقي للدين، ولا مغزي وجوده ودوره في الحياة، وهذا ما ولد العديد من الاشكالات التي لا توجد في بيئات الانفتاح.

ومع الاسف ان الانسان السعودي اليوم يعيش في مهب الريح لا يمتلك أي مقاومة ذهنية وحتى نفسية في مواجهة المتغيرات والصعوبات التي تزخر بها الحياة. وهو الذي يخطط له النظام من اجل البقاء والديمومة فقط بعيداً عن حقوق المواطنة .

ويختار الفئات الشاذة التي تسيء إلى الدين الإسلامي الحنيف وتعمل على تشويه مبادئه السمحة وتوظيفه من أجل خدمة أهدافها ومصالحها الضيقة. وتعزيز الرغبة في إبقاء واستمرار وتنامي التصورات الكاذبة وغير الحقيقية وفي رعاية  الإرهاب الدولي وتناميه عبر المال ، ولانريد ان نخوض من وقائع الحال العربي والاسلامي الذي لايقل عن هذا الوضع بقدر ان نضع النقاط على الحروف ، بل نحاول إظهار المعضلات المتكرّرة والجديدة تسرع في إنهيار العروبة وتشويه الإسلام عبر الإرهاب والتكفير، يجب أن ندرك تماماً ما قد يشهده المستقبل من مخاطر على أمن البلدان وسعي أرباب الفكر الضال إلى تنفيذ أهدافهم ومخططاتهم الإرهابية، وأن نبحث دائماً عن الحلول الفعّالة التي تُسهم في إغلاق كافة الطرق والوسائل المؤدية إلى تمويله وإيصاله للجماعات الإرهابية، حيث يُعتبر التصدي للتمويل الإرهابي من أهم وسائل محاربته والتصدي له ومنع مخططاتهم وأهدافهم الإجرامية. ولكن ومن الواضح أن حرية الرأي والتعبير هي من أهم الحقوق التي لابد أن تكون مكفولة في العمل ولاتدخل في مصادر الارهاب الذي يخالف القيم الاجتماعية والأخلاقية ويشكل اغتصابا لكرامة الإنسان.

 فالاساس أن كل عضو في المجتمع  له الحق في التعبير عن رأيه وأفكاره في كل القضايا حسب الفهم والادراك المختلف دون رقابة أو تقييد أو مصادرة للرأي، كما أن المواطن من خلال تعليقه الحر عليه أن يشعر بأن رأيه غير مكبل ولا يوجد رقيب يتابع مواقفه ويحاسبه عليها.. بمعنى أن يشعر أن له الحق في ابداء الرأي والتعبير عنه بحرية مطلقة دون قيود أو شروط