22 ديسمبر، 2024 2:39 م

اختاروا بين «داعش» أو «الحشد» أو «التقسيم» «3-3»

اختاروا بين «داعش» أو «الحشد» أو «التقسيم» «3-3»

هناك فرق شاسع بين من يتصدى لمقاومة المحتل بالأدوات المشروعة، ومن ضمنها حمل السلاح وبين العمل السياسي، فغالباً ما يرافق عمليات المقاومة رجالاً في الخط الخلفي، مهيئين لإدارة فن الحوار مع المحتل، وكلما ازداد ضغط المقاومة كلما زاد رصيد المفاوض في كسب المزيد من المكتسبات، لكن هذا للأسف لم يحصل مع الجانب السني العراقي المقاوم.
والمعروف عن دول الاحتلال أنها نادراً ما تتفاوض مع من حمل السلاح بوجهها حيث إنه في عرفها يعتبر إهانة كبرى. ومجاميع المقاومة دائماً لديها رجالاً محنكين في التفاوض تدفع بهم متى ما شعرت أن المعادلة تميل لإحدى الكفتين.
وقد خلت الساحة السنية العراقية تماماً من أولئك المفاوضين واستخدمت أمريكا خداعها المعهود وبالتنسيق والتعاون مع إيران وبتقيتها المحبكة للإيقاع بين الفرقاء السنة واستطاعت إغواء الذين قرروا الدخول في العملية السياسية، وسلخت الكثير منهم ونقلتهم إلى الطرف الآخر من المعادلة، ثم ما لبثوا أن وقعوا في الشباك ليتحولوا إلى ما أطلق عليهم لاحقاً بـ «بسنة المالكي»!
ومن تنبهوا منهم لذلك وحاول الانفكاك فقد أعد القضاء المسيس لهم تهم الإرهاب، فمنهم من نفد بجلده ومنهم من تم تصفيته، وآخر مازال معتقلاً أو مطارداً، وبذلك تم تطويق المقاومة ورجال السياسة على حد سواء!!
أما على مستوى الشارع السني المقاوم والفصائل المتفرقة وتشكيلات الجيش العراقي السابق وتنظيمات حزب البعث
المنحل والرافضين للمحتل وبعد خروجهم عن السيطرة وصعوبة الوصول لقياداتهم مما سبب لأمريكا خسائر فادحة فقد أعطت الضوء الأخضر بتشكيل وتسليح المليشيات الشيعية لتتولى بنفسها ونيابة عنها مقارعة المقاوم بل الشارع السني بأسره، وذهبت لأبعد من ذلك، حينما سمحت استخباراتها بالوصول إلى المرق دين العسكريين في سامراء، وتفجيرهما من قبل الميليشيات سواء نفذت من قبل تنظيم القاعدة او الفصائل الشيعية فالجميع يأتمر بأمرها، ليتهم بها الشارع السني، من هنا دخل العراق في منزلق خطير وحرب طائفية أتت على الأخضر واليابس وسلك نقطة اللاعودة.
وازداد الوضع العراقي تدهوراً بعد تولي سيء الصيت نوري المالكي رئاسة الوزراء ومناصبته العداء لجميع سنة العراق دون تمييز، لينفذ الأجندة الإيرانية، فهمشهم وأذاق أبناءهم بجيشه الطائفي سوء العذاب، مما ولد احتقاناً بلغ أشده في ثلاث من المحافظات السنية «نينوى والأنبار وتكريت»، وكل ذلك كان تحت منظار المراقب الأمريكي الذي انسحب تكتيكياً من العراق عام 2011 لكنه بقي يدير اللعبة عن بعد.
ولأن المشروع الأمريكي معد سلفاً بتقسيم العراق إلى ثلاث أقاليم «كردي – شيعي – سني»، ولكون أن الأكراد متطابقين مع المشروع الأمريكي ويصب في صالحهم فيبقى لدى الأمريكيين المعضلة في إقامة الإقليم الشيعي والإقليم السني.
أما الإقليم الشيعي فمع بداية الاحتلال كانت الأحزاب الشيعية وقادتها يحلمون أن يحكموا محافظة واحدة من محافظات العراق وهم من أشد المؤيدين في حينها لإقامة الإقاليم.
لكن الجانب السني الذي يغلب عليه المواطنة والعيش في عراق موحد لم يكن ليرضى بتلك الخطة، وكان لبروز المقاومة الشديدة بالغ الأثر في تأجيل مشروع بايدن الأمريكي.
لكن بعد أن دخلت إيران على الخط، واحتضنت الأحزاب الشيعية، وبسطت نفوذها على كل خيرات العراق وأرضه، لم يعد من السهل إقناع الشيعة بالقبول بالأقاليم. مما اضطر بأمريكا أن تعيد حساباتها من جديد وتفرض واقعاً جديداً خصوصاً بعد أن وصل الاحتقان الطائفي اشده فدفعت بمجاميع تنظيم الدولة «داعش» لتنهي بها الاحتجاجات والاعتصامات السنية ولتشكل بها ورقة ضغط على جميع الأطراف لتمرير مشروعها وهو نفس النهج الذي أتبع للقضاء على الثورة السورية
ففي المناطق التي هي تحت سيطرة الشيعة، فهناك تهديد ضمني ومارد ينتظر الإيعاز فأما أن يهدم صرحهم أو الرضوخ لمشروع بايدن. وفي المناطق السنية الساقطة بيد «داعش» فورقة الضغط على الجانب السني هي أما أن يزحف صوبكم الحشد والميليشيات الشيعية ويدك المدن عن بكرة أبيها دكاً، وهذا ما حدث فعلاً في تكريت والرمادي، أو استمرار حكم «داعش» الإرهابي كما في نينوى أو القبول بالتقسيم.
ونفس الأمر يقاس على الأكراد، فأما القبول والتعايش مع إقليم سني مجاور أو أن «داعش» واضع سبابته على الزناد.
فأجمعوا أمركم معاشر سنة العراق قيادات وأحزاباً وفصائل وشيوخاً وشعباً وضعوا خلافاتكم جانباً واتحدوا..
أو «اختاروا بين «داعش» أو «الحشد» أو «التقسيم»!