A/ منذ ضحى امس الجمعة , وبوقتٍ اقلّ من سرعة الصوت , وبما يكاد ينافس سرعة انتشار النار في الهشيم , انتشر خبر وفاة ابراهيم الأشيقر – الجعفري وزير الخارجية ورئيس الوزراء الأسبق , وبما يوازي تلكما السرعتين إمتلأت التعليقات في السوشيال ميديا وبطرقٍ واساليبٍ تعبيريةٍ مختلفة لا يجمعها سوى قاسم مشترك واحد وهو الدعاء للجعفري بالخلود في قعر جهنم وليس في وسطها او في سطحها , وكان لسرعة تلك التعليقات والكتابات التي ” وكأنها كانت جاهزة ! ” هو التنفيس عمّا مكبوت في نفوس العراقيين من ضيقٍ وكراهية لهذا الرجل والذي زرعها بنفسه , وشوّه سمعة العراق في المحافل الدولية وجرّد الخارجية العراقية من اية دبلوماسية تُذكر . ومن الملاحظ في هذا الصدد الذي جاء كردود افعال جماهيرية معبّرةً عن سعادتها لزوال وتلاشي الجعفري من حياة العراقيين , أنّ هذا الأشيقر لم يكن أسوأ الساسة الآخرين ولم يمتلك تشكيلاتٍ مسلحة قد تقوم ما تقوم به ! , وأنّ مجمل ما يلتصق به من اتهامات يتمحور حول الفساد المالي المليوني وثم سذاجته المسرفة والمفرطة في علم وممارسة السياسة واعتماده على اجتهاداته الغريزية على أقلّ تقدير .
من المفاجآتِ المفاجئة في خبر موت الجعفري أنّ مكتبه نفى صحة وفاته في مساء امس < ويعني ذلك التعمّد في اعطاء مهلة استغرقت ساعاتٍ طوال مقصودة لنفي الوفاة ! > , لكنّ من اكثر الفاتاً للنظر ممّا قرأته في هذا الشأن أنّ بعض المواقع نشرت موضوعاً لا أؤكد ولا أنفي دقّته وصحته , ومفاد ذلك أنّ ابراهيم الأشيقر حين وجد أسمه غير مطروحاً في الكابينة الوزارية الجديدة ” حتى في ادنى مستوىً من المناصب ” , فأراد تقليد نجوم هوليود وسواهم من نجمات بيروت او نجوم القاهرة , فيلجأون الى بث ونشر خبر وفاتهم ويشغلون الرأي العام به ثمّ يعودون لنفي الخبر بغية تسليط الأضواء عليهم , لكنه وفي كلتا الحالتين فأنّ بقاء الجعفري على قيد الحياة او مماته فلا مساحة صغيرة له في الذاكرة العراقية العراقية إلاّ بما تسبب به من اضرارٍ للعراق .
B \ خبر استقالة وزير الدفاع الأمريكي الجنرال السابق ” جيم ماتيس ” ردّاً على قرار الرئيس الأمريكي ترامب بسحب القطعات الأمريكية من سوريا , كان ردّاً جريئاً وشجاعاً ويحظى بالتقدير التجريدي ويشار أنّ هذا الجنرال كان يُطلق عليه في الإعلام الأمريكي بالكلب المسعور لشدة شدّته وقسوته في المعارك والحروب , وهو تعبير مديحٍ وليس تعبير ذم في إعلام ومجتمع الولايات المتحدة .. ” وبالرغم من اننا مع انسحاب اية قوات امريكية من ايّ دولةٍ او اراضٍ عربية ” , لكننا ايضاً ومن زاويةٍ اشمل فلا نرى فرقاً في سحب تلك القوات واعادة انتشارها في شمال اربيل ! بل نرى الأمر قد يدعو الى تصعيدٍ سياسيٍ في المنطقة وغير بعيد , كما ننظر الى الأمر وكأنّ الحكومة العراقية وكافة قادة الأحزاب الأسلام السياسي يعتبرون الأقليم وكأنه دولة اخرى ولا يخضع للسيادة العراقية ولا يكترثون لأية قوات اجنبية تحطّ الرحال فيه وتؤسس قواعد عسكرية في اراضي كردستان , بينما حكمومة العراق تدفع رواتب قوات البيشمركة التي تتصدى وجهاً لوجه للجيش العراقي ولا تسمح لأية سيارة شرطة مرور من دخول الأقليم او شمال العراق .!
الى ذلك , فقرار ترامب بسحب قواته من سوريا والذي اعقبه بقرارٍ آخر بسحب الوحدات الأمريكية من افغانستان فما انفكّ يثير بواعث الأبهام , وإذ اتّسعت معارضته ليس في اوساطٍ سياسية امريكية فحسب بل في لندن وباريس والمانيا , وأنّ الدولتين الوحيدتين اللتين أيّدتا ذلك كانتا تركيا وروسيا , وكان لا بدّ لتركيا من تأييد القرار بغية التفرّغ اللاحق لمقاتلي حزب العمال الكردي – التركي وحلفائهم في الأراضي السورية , وكذلك لتتفرغ روسيا في ادارة عملياتها العسكرية والسياسية في سوريا , لكنّ قرار الرئيس الأمريكي ” مهما كانت مسوغاته ” فأنه يكاد يوحي بوجود صفقة سرية بين بعض الأطراف من دول المنطقة وما حولها , او أنّ ذلك قد يغدو تهيئةً استباقيةً لأحداثٍ مفترضة قد تحدث في شرق المنطقة , وقد لايصحّ لا هذا ولا ذاك ولربما يهدف ترامب الى اعادة جنوده الى عوائلهم بغية استعادة بعض شعبيته التي انخفضت الى مستوياتٍ متدنية في الشهور الأخيرة , وأنّ موضوع سحب القطعات الأمريكية لم يكتمل نصب ووضع كافة زوايا النظر حوله
C \ مَنْ يُمعن النظر , ومَن يسلّطون ويركّزون الأنظار في بغداد , وهم كثار لا يُعدّون ولا يُحصون , فلا بدَّ لابدّ أنّ شاهدوا الآلاف المؤلفة < افواجاً افواجا > من المحلات والدكاكين والصيدليات والمطاعم وسواها الأكثر ايضا , قد استبقت حلول اعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية < التي لا تقبل سادة وقادة احزاب الأسلام السياسي بتسميتها بالسنة المباركة , بالرغم من انها سنة ميلادنا وتعاملاتنا الرسمية والأدارة والدولية > , بوضعهم ونصبهم شجرة الميلاد الملونة والمضاءة والمتلألئة على ” فاترينات ” او واجهات محلاتهم , وهي ليس للبيع اطلاقاً , وانما كموقفٍ ذاتيٍّ وتلقائيّ مفرح , وهو كردّ فعلٍ سيكولوجيٍ – سوسيولوجي بالضد من مفاهيم الأسلام السياسي التي تولّت بمهارة من تخريب العراق والمجتمع العراقي وتمزيق انسجته الوطنية , ويتذكّر مواطنو الجيل السابق كيف أنّ حقبة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كانت تشهد الأحتفالات الكبرى لمسلمي ومسيحيي العراق والديانات الأخرى , بل أنّ حفلات رأس السنة في النوادي والمراكز الترفيهية وحتى مطاعم الدرجة الأولى ” وما يتخللها من موسيقى ورقصٍ ” كان يجري حجز تذاكر دخولها قبل اسابيعٍ من حلول رأس السنة الميلادية الشريفة , وإنّ الكثير من تلك الأمكنة كان الحضور فيها لمسلمي الوطن دون وجودٍ بالمصادفة لأيٍ من الأشقاء من قوم عيسى ” عليه السلام ” .! , وكانت تلك هي الطبيعة المميزة لطبيعة المجتمع العراقي والى غاية يوم 9 \ 4 \ 2003 , وهو أمرٌ لا علاقة له بالسياسة والساسة .!
D \ لستُ من ذوي الحلفان , ولا القَسَم بأغلظ او ارفع الأيمان , ومحال واشدّ من المحال أن الجأ لأيّ لجوءٍ للحلف بالطلاق ” وهذا عندي ممّا لا يطاق ” , لكنّي أجد قاسماً مشتركاً ” عبر متابعات الرصد والإعلام ” , بأنّ كلما حلَّ او اطلَّ وزير كهرباءٍ جديد فتزداد ساعات قطع الكهرباء .! ولا اُحمّل ذمتي فوق طاقتها بأن بعض التجار من مستوردي المولدات الكهرباية بالجملة او من اصحاب المولدات في المناطق السكنية هم مَن يقفون ويتسببون في زيادة ساعات القطع والتقطيع عبر نفوذٍ ” غير مرئيٍّ ” بالتلسكوب او للمخابرات داخل وزارة الكهرباء صاحبة هذا الوباء .!