{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
أزميل الحفار يتهجس سبيله، مهتديا، بنبضات قلب مكتئب، وهو يهمس للرفاة المدفونة.. جمعا وحرما، أمام الله، كما لو أن حشر القيامة، حل، في تلك البقعة المقدسة، من المقابر الجماعية، التي باتت تشكل طبقة من أديم ارض العراق.
الجيولوجيون يقولون ان العراق عبارة عن طبقة نفط فوقها آثار وعليهما غطاء من تراب فائق الخصوبة.. وأوجد الطاغية المقبور صدام حسين، طبقة رابعة، هي الجثث الملقاة فوق بعضها البعض، في مقابر جماعية، ضخها حزب “البعث” الى موتنا الحي، على أهبة النهاية، منذ مجازر الحرس القومي، الى ان جار صنيعته صدام، بفظاعة لا يطيقها عقل.
ومن بين قلق الازميل بيد المنقب في إحدى مقابر كربلاء الجماعية، همست عظام شاب لم يبلغ العشرين بعد: “أنا أحمد جواد كاظم ماميثة، فترفق”.
إنهار المنقب بكاءً، ظنه من حوله، جزءا من هستيريا إعتادها العاملون في هذه المهمة، الشاقة وجدانيا.. إلا نه ابلغهم، بأن حوارا وئيدا جرى بينه والرفاة.
فإطلعوا عليه:
أحمد.. شاب، في العشرين من عمره، او يكاد يبلغها، أعدم في “جملونات حسين كامل” المسقفات التي حشر فيها “لواء الحرس الجمهوري” شبابا، لا ذنب لهم، سوى الاعتراض على الذل ومقاتلة الجيران من دون سبب.. يوما حرب ضد ايران؛ ومرة غزو دولة الكويت الشقيقة، والشعب يراد له ان يتحول الى خراف لمجازر البعثية…
طافت روح ماميثة، على جناح الاثير، بموجب القرار 600 / 4 ، عريسا في رحاب سماوات سبع، مفاخرا بفتوة موته.. شهيدا.
ولد العام 1970 واستشهد في العام 1990 ليتزوج من حوريات الجنة وسط أعناب وكروم.. “ريح وريحان وطيب مقام”.
برغم ما عانه ذووه، من جلاوزة حزب “البعث” بعد إعدامه؛ لمشاركته في الإنتفاضة الشعبانية المباركة، الا ان بيتهم، صار مزارا سريا، في حي “باب الطاق” بكربلاء.
إكتفى أحمد ماميثة، بشهادة الدراسة الاعدادية، ليتفرغ للعمل، في خدمة العتبة العباسية المطهرة، وهو الان في رحاب رب رحيم.