في امسية جميلة تحتسب على ايامنا السعيدة التقينا وجمع مبارك من الاخوة والاصدقاء في مضيف الاخ المقدم احمد محمود البرجس في قرية صف التوث بأيقونة الربابة وصاحب الصوت الشجي بعتابته الحزينة الفنان ابونازك احمد عزيز الجبوري الذي طالما كنا نستمع لصوته العذب وهو يردد آهات العاشقين لكل من ذاق مرارة طعم العشق واكتوى بناره التي لا ترحم..
ولمن لا يعرف من هو الفنان احمد عزيز فهو الموسوعة الثقافية الذي يحمل معه كل المجلدات في التراث الريفي فلقد منحه الله موهبتين موهبة الصوت الجميل وموهبة الذكاء والفطنة…
عندما تلتقي به لأول مره تشعر وكأنك تعرفه منذ زمن طويل فهو شخصية اجتماعية مرحة وانسان بسيط جدا يحب الحياة ويعشق مجالس السمر والنقاش مع أصدقائه وعندما جلست معه لأول مره وبدأنا بحوار عام وجدت نفسي امام شخصية ثقافية لديه المام ثقافي في كل المجالات سواء كانت التاريخية او السياسية إضافة الى كتابته العتابة والنايل وكلها من مؤلفاته الشخصي.. ان المجلس الذي يحضره الفنان احمد عزيز له طعم خاص كطعم الهيل في القهوة…
فهو يعرف من اين يبدا الكلام ومتى ينتهي وكلامه موزون بين النثر والشعر والاجمل عندما تجده يتكلم بمصداقية وصراحة تامة لا يمكن للإنسان الذي يجلس معه ان يوجه له بعدها سؤال فكل ما تريده تجده في اجابته وكلامه مسبقا وما يفرح في النفس طيبته وخبرته المتراكمة في الحياة فإنني اليوم وجدت نفسي فعلا امام مدرسة متكاملة.. كان الحديث بين الجميع يدور عن التراث واصالته ودور المجالس في احياءه وقد شاركنا الجلسة والحوار كل الموجودين وكان الدور الاكبر في الحديث للأخ ابو نازك الفنان احمد عزيز والاخ ابو سوسن الحاج خلف العطاالله احد وجهاء وقامات قبيلة الجبور والذي لديه المام ثقافي عام في كل امور المجتمع…
ان الفنان احمد عزيز يتكلم بلغة خاصة مع الربابة واوتارها فهي تعرف ماذا تريد اصابعه الذهبية وقد قمت في نفسي بتشبيهه في اليد التي تحمل القلم للأشخاص الذين يحملون عدة مواهب في الكتابة…. فتجدهم يكتبون الانماط الثقافية مثلما تجيب اوتار الربابة لعازفها ما يريد..
لقد كانت امسية رائعة ينتعش فيها القلب مع ذكريات الزمن الجميل زمن اغاني الحصاد والدرجة والعتابة والنايل التي كنا متعطشين لها من خلال متابعة محلات التسجيلات الصوتية التي كانت منتشرة في زمن السبعينات والثمانينات وما نسمع بصوت جديد حتى نذهب للحصول على نسخة من كاسيت جديد لذلك الصوت وكان الفنان احمد عزيز في مقدمة تلك الاصوات…
وكانت سيارات النقل الكبيرة او ما تسمى باصات ومنشآة يرددون الى اسماع الركاب وخاصة الطريق الطويل بين المحافظات الصوت المميز للفنان احمد عزيز عبر كاسيت في مسجل السيارة وهو يردد ابيات العتابة الجديدة وعلى اوتار الربابة ومازلنا نحتفظ بالكثير من عتاباته وابيات النايل واغاني الحصاد ((وترف عيني عليكم زايد بچاها…..عسى الشتت شملنا يكون يلگاها ))
كم انت جميل يا ابو نازك بصوتك وابتسامتك التي لا تفارقك.. وكم انت قوي وقلبك المرهف يعيش في بلد الحرمان والحروب…. لقد اسعدتنا بأمسيتك الجميلة ولقاءك وتواصلك مع اهلك واصدقائك في منطقة جنوب الموصل… والى لقاءات اخرى كثيرة وامسيات جميلة ان شاء الله….
تم تكبير العنصر.