اعلنت وزارة الصناعة والمعادن انها حملت مديري الشركة العامة للاسناد الهندسي وشركة الصمود العامة للصناعات الفولاذية الاضرار الناجمة عن فقدان 77 الفاً و368 طناً من سكراب الحديد في موقع (تل الطاسة) في الطارمية وذلك لتقصيرهما في الحفاظ على المال العام. وقدرت القيمة التي يتوجب على المسؤولين دفعها بـ (21) ملياراً و645 مليون دينار.
ان حجم الكمية المذكور اعلاه لا يمكن ان ينقل من الموقع دفعة واحدة، ولا هو بالكمية الصغيرة التي تضيع بين كميات السكراب او تخطئها العين، من الواضح انها فقدت بفعل فاعل أي انها عملية فساد، انها سرقة في وضح النهار وعلى رؤوس الاشهاد.
صحيح ان الحكومة صدر بتكبيدهما مسؤولية هذا التقصير الفاضح أياً كانت الكيفية التي فقد بها المال العام الا ان هذا لا يشكل درساً كافياً وبليغاً للمتصدين والمسؤولين عن الوظائف العامة والحفاظ على الاقتصاد الوطني من الهدر. لقد قيل في زمن آخر ان المال السائب يعلم الحرام، ويتجرأ من هب ودب من ضعاف النفوس من الابداع في السرقة والتجاوز والتطاول على المال الذي ليس من حقهما. الواقع ان هذه الحالة يوجد غيرها الكثير في المجتمع والدولة ما دامت الرقابة والمحاسبة والمتابعة غائبة وكل فرد يغمض عينيه عما يجري من فساد يستنزف الاقتصاد الوطني وبالتالي يؤثر ويتسبب في تدني المستوى المعاشي لجميع ابناء شعبنا، سواء كانوا موظفين في هذه الدائرة ام تلك.
ان الشركات والمنشآت العامة تخسر الكثير جراء سوء الاداء والفساد المستشري فيها، وذلك لانها ابتليت بمرض اسناد المسؤولية على الطائفية السياسية وليست الكفاءة والمقدرة، وتحكم الجهات محدودة والاضرار في شؤونها، كبيرها وصغيرها ، وانفراد اشخاص بادارتها بدلاً من تفعيل الادارة الجماعية من خلال مجالس الادارات في الشركات والاقسام والفروع. هذا الحجم من الاف الاطنان لا يمكن ان يكون قد نقل في يوم وليلة وانما اخذ وقتاً طويلاً وبسيارات عدة ورآه عاملون في الشركتين او ربما سهلوا امره.. لذلك هذا الحكم متهاون وكان ينبغي ان يكون اشد واقسى كي لا تتكرر الفعلة ولا يدلس من عرفوا بهذا الهدر الواسع والكبير عن السكوت، فالساكت شارك حتماً ولا يكون مغدوراً باي شكل من الاشكال. بصراحة مثل هذه الاحكام لا تحد من السطو على المال العام وتخريب الاقتصاد الوطني والاضرار به، ولا تشجع ان يبدي العاملون حرصا لمنع سوء الادارة او الفاسدين من التلاعب بالمقدرات الوطنية. ان هذه الاحكام كما يقال في لغة القاموس الشعبي زلاطة لا تشبع ولا تحرم هدراً…