تجلس امام دارها كل يوم تنتظر ابنها البكر محمد الذي فقد في قاعدة سبايكر منذ اكثر من ثلاثة اشهر ولا تعرف بالضبط اين هو مصيره ، تكتفي أم محمد بجلوسها امام دكة بيتها تنتظر عودته، في مكان اخر ترقد امرأة اخرى من نفس المدينة على فراش الموت بعد ان فقدت ابنها في سبايكر ، اما والده فظل في الايام الاخيرة يرتدي السواد بعد ان سمع خبر استشهاد ولده ، لكنه لا يحب الحديث عن وفاته . مضى على مجزرة قاعدة سبايكر اكثر من ثلاثة اشهر ولا تزال الجهات الرسمية العراقية صامتة تماما ، اكثر من 1700 شاب عراقي تمت خيانتهم من بعض الضباط وبعض شيوخ العشائر ،قتلوا هكذا لأنهم شيعة وبمشاركة وبمباركة من داعش ، ويمضي اهالي هولاء الضحايا يتظاهرون دون جدوى من اي ردة فعل حقيقية من قبل السلطة . اسئلة كبيرة تجتاح الشارع العراقي ، تمضي هذه الاسئلة دون اجابة حقيقية لها ، ويمضي ذوي ضحايا اولئك الذين تم غدرهم تائهون ولايعرفون اي طريق يمكنهم ان يسلكوه بعد ان اغلقت الحكومة ابوابها وفتحت النوافذ كي تستمع لهم ! . كيف حدثت مثل هكذا جريمة ؟ وكيف استطاع نفر قليل من داعش ان يسيطروا على اكثر من 1700 شخص ؟ من اين بدأت الخيانة بالضبط ؟ كم لدينا قادة خانوا جنودهم امام داعش ؟ وهل ان قصة سبايكر وهي قاعدة عسكرية في محافظة صلاح الدين فقط التي حدثت ام ان هنالك مجازر اخرى لم يتحدث عنها احد ارتكبها داعش ؟ لايوجد اي موقف صريح لدى السلطات العراقية ، السيد المالكي كان قد اعلن وفي حديث متلفز بأن الجريمة راح ضحيتها فقط 170 شخص ، فيما نفى الناطق الاعلامي السيد قاسم عطا اي مجزرة في سبايكر ، حديث السادة في الحكومة كان يكشف مدى التهرب من تسليط الضوء حول هذه المجزرة حفاظا على كراسيهم التي امتلأت بالدم . اكثر من خمسة محافظات ضحايا سبايكر وهذه المحافظات كانت قد شهدت تظاهرات مستمرة من قبل ذوي الضحايا ، حتى اخرها التي وصلت الى البرلمان وهروب النواب من المجلس واكتشاف الناس هناك خيبة الامل الكبيرة وهي عدم اهتمام البرلمان بهذه الحادثة حتى انهم لم يخصصوا لها اي جلسة او ادراجها ضمن مقررات مجلس النواب . يعتقد مراقبون بأن المجرمين كان دافعهم طائفي بامتياز كون المغدورين جميعهم من الشيعة ، وهذا مايجعل فرصة القبض عليهم غير جادة ، البعض منهم هرب الى الموصل لينضم الى داعش ومن ثم يهرب الى سوريا او اي مكان اخر ، فيما ستغلق ملف هذه القضية مثل اي قضية اخرى شغلت الرأي العام وانطفأت . اما ام محمد ستمضي بجلوسها امام دكة دارها تنتظر ابنها وخيبة الامل ترسم وجهها وهي تنظر الى انصار دولة القانون وهم يضحكون ويبتسمون لأن قائدهم حصل على منصب نائب رئيس الجمهورية ولم يكترثوا ابدا لحجم الكارثة ،لن تستريح ام محمد حتى ترى جثة ابنها امامها .