23 ديسمبر، 2024 9:58 م

احزاب الإسلام السياسي وكيفية تغير قناعات الناخب العراقي اتجاهها ؟؟

احزاب الإسلام السياسي وكيفية تغير قناعات الناخب العراقي اتجاهها ؟؟

بروز العديد من المصطلحات الجديدة بعد عام 2003 والتي لم تك متداولة في الساحة العراقية وطيلة فترة حكم النظام السابق جعلت من المواطن العراقي في حالة من التخبط وأقصد بالمواطن العراقي هنا هو “المواطن البسيط”.. مصطلح الديمقراطية والتعددية الحزبية الذي كان غائبا عن ذهنية الناس هي مصطلحات طغت على الساحة العراقية فلم يك المواطن العراقي على دراية وفهم كافيين ليتمكن من أن يفقه كنه حقيقة هذه المصطلحات وتفكيك رموزها لتسارع الحدث ونمو تلك المصطلحات وانتشارها بصورة مذهلة .الأحداث والمواقف والصراعات التي طغت على الساحة العراقية بعد هذا التأريخ جعل من المواطن يمتعض ويجانب ما رفع من شعارات داخلة في هذا السياق .. “حرب طائفية شديدة المراس وقتل على الهوية وتفجير الجسد الذي فضله الله على سائر المخلوقات وانحدار أمني  وقلة الخدمات” كل هذه الأسباب جعلت من المواطن العراقي ينأى  بنفسه عن التفاعل والتعامل مع هذه الأحزاب وشيئا فشيئا فيما خف وهج الحماسة لديه في العمل الجاد والتمازج مع الأحزاب العاملة في الساحة.. الإسلام السياسي هو مصطلح لم يك مفهومه حاضرا في الساحة العراقية من قبل. لذا فالعراقيون في بادئ الأمر  لم يعوا هذا المصطلح جيدا وحيث بات هو الفاعل والمحرك والناشط في تسير العملية السياسية الجديدة .. الإيمان العقائدي الديني والروحي وما جبل عليه العراقيون وآمنوا به في  داخل اللاشعور الفكري والروحي سمة كانت عند الغالبية منهم حيث  ان الدين لديهم هو الروح والصلة بينهم وبين خالقهم فقط مع تنوع الرموز الدينية والمذهبية لديهم  واختلافاتها .. “القرآن  والسنة .. القرآن وأهل بيت النبوة .. الرب واليسوع .. معمدان الصابئة وطاووس ملك الأيزيدية الى ما هنالك من رموز الاعتقاد الديني ” هي قناعات متوارثة لدى كافة الطوائف العراقية. ولذا استغلت “أحزاب الإسلام السياسي” هذه الفطرة الدينية واستطاعت أن تنفذ اليهم من خلالها وبالتالي إيهامهم بأنهم هم الصفوة القادرة على حمل شعلة الأيمان في نفوسهم . الأحداث تتوالى ويوما بعد آخر أميط اللثام عن الكثير من سلبيات هذه الأحزاب وباتت الصورة واضحة للجميع جراء الكثير من الممارسات الخاطئة لتلك الأحزاب وأخيرا فهم الشعب العراقي إن الدين لا يمثله هؤلاء وهو بعيد كل البعد عما آمنوا به من معتقدات وخصوصا عند النخب المثقفة منهم بعدما حصدوا النتاج السيئ جراء برامجها البعيدة كل البعد عما كان العراقيون تواقيين لتحقيقه من طموحات وأيقنوا أخيرا أن الدين لا يمكن أن يسيس ويدخل عبر بوابة وشعارات هؤلاء الذين أرادوا اختزال شخصيتة وتغيبها وتمييع ثقافته من خلالها … المواطن العراقي وما يمتلكه من عقلية متفتحة سابرة في روح التساؤل وحتى عند الطبقات البسيطة والغير متعلمة  نجد قراءاته النفسية للمتحرك الأخر والمتصدي للمسؤولية كانت مقاربة للحقيقة في غالبيتها وان تفاوتت نسب القراءة الموضوعية من  مواطن لآخر ولأسباب نحن في غنى عن ذكرها الآن .المهم أن الأعم والأغلب من المواطنين بات على دراية تامة بما حملته تلك الأحزاب من أجندات وبرامج خارجة عن إطار طموحاته ونتيجة لمواقفها التي سايرت عملها الحزبي الذي وأد روح تحصيل الهدف وتحقيق الحلم الذي كان المواطن العراقي يمني النفس بتحقيقه بعدما أنكشف الغطاء عن غالبية أحزاب الإسلام السياسي وحتى الأحزاب العلمانية منها.. والآن يطرح التساؤل التالي .. هل “سينكفئ المواطن العراقي على نفسه مقاطعا كل الأحزاب وهل سيبعد إصبعه عن المحبرة الانتخابية البنفسجية أم أنه سيتوجه الى ذات الصندوق الذي سقط عنده الحلم مترنحا نتيجة الضربات والصدمات المتوالية ومن قبل من رشحهم ذلك الأصبع الذي كان من المفروض أن يحملهم الى الضفة الأخرى”  وجواب ذلك أن احزاب الإسلام السياسي هي من تملك ناصية الحل بتغير ما تجذر في نفسية الفرد العراقي وطيلة فترة التغير ما بعد 2003 والى الآن وان تغيير خطابها الديني الى خطاب أعم وأشمل يركز على بناء المرتكز الحضاري والفكري المتجدد والدعوة الى بناء الدولة وفق أسس مدنية وخلع قشرة المفسدين من ثمار برامجها وأن تبتعد عن الذاتية والأنانية والمصلحة الحزبية وتلطف من خطابات رجالاتها با بعادهم عن لغة التهديد والوعيد وذرف دموع التماسيح من أجل الآخر “المقصي والمهمش” والذي همشوه أكثر بفعل سياستهم الخاطئة؟ ومن أجل “إنصاف ضحيا النظام السابق” ومن دون إنصاف لهم طبعا؟ . فهل تستطيع تلك الأحزاب من فعل ذلك ؟  المسالة ليست بهذه السهولة ولكن ربما التعويل على شخصيات منفردة تعمل ضمن عناوين يافطات تلك الأحزاب والتي كانت ذات مقبوليه الى حد ما عند جمهورها بحيث تستطيع تلك الشخصيات من لعب دور محوري مهم في قلب المواقف السلبية اتجاه أحزابهم الى مواقف أكثر منها إيجابية في العمل الجاد والمثمر والذي يصب في تغير واقع حال المواطن  وقضاء حوائجهم وحل مشكلاتهم ومن خلال استغلال العمق العشائري الذي ينتمون اليه . هنا ربما ستتحسن صورة تلك الأحزاب بنظر ناخبيهم ولو على قدر ما وعلى مساحات جغرافية محددة لكل مكون من مكونات الشعب العراقي لأن عامل الطائفية لازال سار المفعول لدى أطياف ومكونات الشعب العراقي أي إننا يجب أن لا نتفاءل كثيرا في الإنتحابات القادمة ونرى مكونا من طائفة ما تنتخب شخصية قيادية من مكون يعود لطائفة  أخرى . وهذا العمل كان من المفروض أن تعتمده تلك الأحزاب ومنذ زمن بعيد . انتخاب مجالس المحافظات سيكون هو المؤشر والمعيار الحقيقي لمقبولية تلك الشخصيات لدى ناخبيهم… مجالس المحافظات وإداراتها المدنية كان من المفروض أن تتحمل العبء الأكبر في حمل لواء التغيير وكان لزاما عليها  أن تضطلع بدورها على تغير ما ترسخ من قناعات لدى العقلية العراقية بعدم الثقة بناخبيهم من خلال توفير الخدمات وإقامة البنى التحتية بتنفيذ المشاريع التنموية العملاقة ومن خلال التخطيط الأمثل في رسم الخارطة الاستثمارية التي تخدم المواطن وترفع من مستواه الحياتي والمعيشي وليس هذا فحسب بل رفع المستوى الثقافي والعلمي والصحي والتربوي كذلك والعمل بجهد وكد على توفير الأمن والأمان لهم .كل هذا كان سيؤدي بالنتيجة لتغير شيئا مما رسخ في عقلية المواطن من فقدان للثقة واليأس من المستقبل وبالتالي معاودته الى الصندوق الانتخابي .. فهل عمدت فعلا تلك المجالس والإدارات المدنية للمحافظات بالشروع بهكذا برنامج ؟؟ لفت انتباهي خلال زياراتي للمحافظات العراقية انها كانت متفاوتة في العمل على هكذا برامج وبفارق كبير بين محافظة وأخرى .. محافظة النجف الأشرف هي أنموذج بات وقاعدة بيانات للفت انتباه المواطن العراقي وحيثما كان محل سكناه .البرنامج العمراني الشامل المعد لكل المرافق الخدمية التي قامت بها ادارتها المدنية وتماس تلك الإدارة مباشرة مع حاجات المواطن النجفي كان مميزا جدا حيث شهدت المحافظة طفرات عمرانية واسعة  وإقامة للبنى التحتية التي جعلت من المواطن النجفي في حالة من الرضا عما أفرزته ذهنية تلك الإدارة في التخطيط ونتيحه للعمل الجاد والدءوب والمتابعات المستمرة من قبلها للمشاريع.  وعليه فان هذه الإدارة استطاعت انتزاع إعجاب مواطنيها وهذا سيكون له الأثر الإيجابي الكبير في نفسيته وتغير ما ترسخ في ذهنيته من سلبيات المراحل السابقة فيما بعد وبالمحصلة النهائية سيعود أيضا بالنفع على الأحزاب التي تنتمي اليها هكذا شخصيات من تحسين لصورتها أمام جمهور ناخبيهم  .