17 نوفمبر، 2024 8:44 م
Search
Close this search box.

احزابنا الاسلامية وغياب اللحظة الدعوية

احزابنا الاسلامية وغياب اللحظة الدعوية

لحظتان تلازمان او تنفصلان احداهما عن الاخرى عند كل الاحزاب التي انطلقت بدافع الاسلام , الاولى لحظة دعوية والثانية لحظة الظهور في عالم السياسة , اللحظة الدعوية هي لحظة الولادة والتشكل والتشبث والجهد الحثيث للوصول الى مرحلة الكينونة في ضمير المجتمع الذي ولدت فيه اما لحظة الظهور فتمثل انطلاقتها بعيدا في عالم السياسة والمال والمنفعة الجارفة , المفارقة الكبرى تكمن ها هنا وافرغها بالتساؤل التالي ,هل ثمة عودة الى اللحظة الدعوية الاولى بعد النجاح في لحظة الظهور ؟ هذا التساؤل بالامكان الاجابة عليه بعدة افتراضات , الافترض الاول هو اعدام اللحظة الدعوية بشكل واضح وفاضح بعد تحقيق النجاح في عالم الظهور السياسي وهذا يكشف ان اللحظة الدعوية الاولى لم تكن سوى مرحلة تمهيدية مؤقتة غير اصيلة وبعيدة كل البعد عن المضمون الذي يحمله الشعار والشكل والمبدأ الذي بدأ به ذاك الحزب او هذا , وبألماحة سريعة ودقيقة للاحزاب الاسلامية العراقية التي ظهرت بوضوح بعد عام 2003 نجد انها احزاب اسلامية من حيث الشكل لكنها سياسية من حيث النصاب ويعني هذا بطولة مطلقة للحظة الظهور وتغييب مطلق للحظة الدعوية التي باتت تقتصر على بعض المواعظ والارشادات ذات الطابع الدعوي والتي وان مورست فانها تمارس من باب اسقاط الفرض ليس الا واعتقد ان الاحزاب الاسلامية في العراق المشاركة بالحكم او انتاج القرار السياسي هي من مصاديق هذا الفرض وبدرجة كبيرة , اما الافتراض الثاني فمصاديقه قليلة جدا وهو افتراض قائم على مسك العصا من الوسط وعبر تقسيم الجهد بين اللحظتين الدعوية ولحظة الظهور ولا يمارس هذا الافتراض الا حزب واحد بالكثير وربما لجأ هذا الحزب الى هذا الفرض نتيجة قلة حظوظه في الشارع وضعف ادواته السياسية لذك فان لجوءه الى هذه الفرض هو لجوء من لم يجد امامه فرض غيره للحفاظ على ما لديه من المريدين آملا بزيادة غلته من الجمهور الذي فاته التمييز بين اللحظتين ظانا ان اللحظة الدعوية المرتبطة بالشكل والاسم ما زالت على قيد الحياة ,اما الفرض الثالث فهو فرض لا تكتب له الحياة بل في عداد الموتى وفي مقبرة الامنيات الشريفة التي نشيع منها في كل يوم امنية تحتوش في داخلها هما رصينا صادقا لا يمكنه العيش مع الافتراضين السابقين , هكذا فرض يشكل يوتوبيا لا حظ لها من الوجود والحظوظ امام براغماتية يحكم بها ارباب لحظة الظهور , وحتى ترجع الاحزاب الاسلامية الى اللحظة الدعوية الاولى ماذا يجب عليها ان تفعل ؟هل لديها الرغبة بالرجوع ؟ هل لديها القدرة على تلبيس لحظة الظهور في عالم السياسة لديها لباس الدعوة الحقيقية وان خسرت الكثير من النقاط في هذا العالم الميكافيلي المقيت الذي باتت هي احد اركانه بقصد او دون قصد ام انها لا تستطيع الانتصار والتغلب على مجدها الدنيوي الذي منحته اياها لحظة الظهور , قبل الختام اعتقد ان جميع احزابنا الاسلامية الحاكمة تحت مطرقة هذا الاستفهمات .

أحدث المقالات