كل الكائنات تفكر, من اجل البقاء تفكر, مسعود البرزاني ايضاً يفكر, وصدام حسين كان يفكر, في الحالات الحرجة او ما قبل النفس الأخير تجتاح العقول وخاصة المتخلفة منها ردود افعال عدوانية مع شهوة الأنتقام, مسعود وفي نفسه الأخير يفكر متيبس الشفتين مختنقاً بالغضب ونوبات التدمير, هناك من شكك بوحدانية قيادته وضروريته وازلية سلطته وتوارث عائلته لأوهامه, الأحزاب الأربعة ارتكبت معصية التفكير بديمقراطية غير التي في مخيلة الأمبراطور ويجب ان تكفر وينالها العقاب, اما بضربة تمسح الجميع عن طريقه واما يتناولها منفردة, في هذا الصدد لديه ترسانة من المناورات والأبتزازات والأغراءات والتصفيات الفردية والجماعية لم تتوقف عند حدود الأستعانة بالجار الصديق دواعش الخلافة الأسلامية و”علي وعلى اعدائي”.
ببالغ القلق, نتابع الثغرات التي سيفتحها مسعود في جدار وحدة الصف والموقف للأحزاب الأربعة المعارضة, كتلة التغيير يبدو عليها منسجمة صادقة مع نفسها وحلفائها فيما يتعلق بمصالح الشعب الكردي وهذا ما دفع مسعود لأستهدافها وتصفية الحساب معها اولاً, مجنداً ماكنتة للسلطات والثروات ومرتزقة الأعلام, ليفتح ثغرة بينها وبين الأحزاب الثلاثة (لا سالمح الله).
مسعود الآن يفكر, هل سيجد ثغرة للمرور الى ضالته, ام ان هناك التزام وطني صارم يوفر للأحزاب الثلاثة ارضية الرفض القاطع, المكاسب الآنية ومهما كانت مغرية, ستفتح محرقة سياسية اجتماعية اخلاقية لمن يخذل حلفائه وشعبه, وفي اعتقادنا ان وسائل مسعود نافقة لا يمكنها ان تمر على الأتحاد الوطني الكردستاني وبشكل خاص كوادره الشابة وقاعدته الشعبية ولا يمكنها ان تستغفل يقظة الحزبين الأسلاميين.
لو افترضنا ان مسعود استطاع ان يحدث اختراقاً ونجاحاً آنياً في عزل كتلة التغيير فهل ستخسر مواقعها في عمق الحركة الجماهيرية الكردية؟؟ بالعكس وفي الوقت الذي قد تحقق بعض الأطراف مكاسباً طارئة على اصعدة السلطات والثروات والمصالحات المنافقة والتآخي الكاذب, ستصبح حركة التغيير قوة اصلاح وتغيير تقلب الطاولة بكاملها على الرؤوس ومعها رأس مسعود, وتتمدد قوة مؤثرة على صعيدي الأقليم والعراق بشكل عام, خاصة وان هناك حراك شعبي يمتاز بالوعي والجذرية من داخل محافظات الجنوب والوسط.
حركة التغيير (وهذا ما نتمناه), ليس ظاهرة كردية مشرنقة بردود افعال قومية, انها حالة وعي ونهوض طويل النفس راسخ الأهداف في البيئة الوطنية العراقية, من هذا المنطلق يجب ان نتفهم ثباتها وندعمها بوجه شراسة النفس الأخير لحزب العشيرة وسلطة العائلة التي فقدت ضرورتها واصبحت كالزوائد الضارة .
على بعض المثقفين الوطنيين والقلة المتبقية من السياسيين المخلصين وعلى عموم العراق, ان يستوعبوا حقائق الأحداث في الأقليم الكردي وترابطها المصيري مع حراك عراقيو الجنوب والوسط,, حالة وطنية غير مسبوقة ويجب التضامن معها, انها تعبير عن روح المشتركات الوطنية بين مكونات المجتمع العراقي, العراق بحاجة الى ولادة تاريخ جديد, حركة التغيير وعبر حراكها الراهن, تربط بوعي بين مشتركات التحرر الوطني ومستقبل المصالح الكردية, تلك الحقائق اشار اليها بذكاء انساني السياسي والمفكر الكردي عبد الله اوجلان في مجلدي دفاعه امام القضاء التركي.
بالتأكيد سترافق مناورات وضغوط مسعود, مناورات وضغوط البعض من حثالات المركز, حيث هناك الكثير من كتل الفساد ترتبط مصالحها ومنافعها مع سلطة مسعود, وعند سقوطها ستسقط معها اقنعتهم ويتعرى الكثير من مستورهم, انهم ومسعودهم نتاج صفقات اقليمية ودولية على امتداد الثلاثة عشر عاماً الأخيرة, جميعهم يتسترون على بعضهم حتى اخذ الأستهلاك الفضائحي منهم ماخذه, انهم وعبر فسادهم وارتباطاتهم الأرهابية, فقدوا كل ما تبقى من سمعتهم السياسية الأخلاقية والأجتماعية, كقطاع طرق يتصدرون خدعة العملية السياسية.
في جميع الحالات, لا يمكن فصل الأقليم عن محيطه الوطني ولا يمكن عزل الكرد عن بيئة الشراكة المصيرية مع اشقائهم من المكونات العراقية الأخرى, ومهما كانت دعوات مسعود الأبتزازية للأنفصال عن العراق, فهو كاذب لا هم له الا ابتزاز الشعب الكردي عبر المتاجرة بالخوف المفتعل من الآخر, ما يهمه حقاً حجم المنافع المادية والسياسية على حساب مآساة شعبه, كم مرة توفرت له وعبر استفاء شعبي فرصة الأنفصال, فلم يقدم عليها ولا يفكر فيها اصلاً, انه مدعياً متاجراً بالكراهية حتى سقط اخيراً في مستنقع فضائحه.
اخيراً نتوجه لمثقفينا وسياسيينا من داخل معارضة التفرد والدكتاتورية, ان يضعوا بصدق ومبدئية مصالح المكون الكردي ضمن اطار المصالح العليا للعراق بجميع مكوناته التاريخية ويستمروا على ثباتهم بوجه المناورات والضغوط والأغراءات مهما كان نوعها وحجمها ومصادرها, ولا يسمحوا لماكنة السلطة العشائرية المرور عبر ثغرات يحاول مسعود عبثاً فتحها في جدار وحدتهم .