قد يفكر البعض أن العنوان قاسي ولكنها الحقيقة التي صرح بها الإمام الصادق “عليه السلام”، وان كان يصعب تجرعها عند البعض إلا أن الأصعب والأمر هو أن يُساء إلى الدين والمذهب ، ويُقتل ويُهَجَّر العراقيون وتنتهك مقدساتهم باسم الدين والمذهب ،ونبقى نتفرج …..
الإسلام خاتم الأديان ، ورسالته خاتمة الرسالات ، طرح منظومة متكاملة من القوانين والتشريعات والثوابت والقيم قادرة على تنظيم حياة الإنسان والسير به نحو السعادة والكمال في الدارين ومواكبة كل التغيرات والتطورات التي تطرأ على مسيرة البشرية ، وهو أيضا جاء ليُتتم مكارم الأخلاق ويعمق ويركز القيم والمبادئ الإنسانية العليا ، وجعل تلك الثوابت والفضائل هي المعيار والميزان والمحك في التقييم والتمييز والمفاضلة فأي دعوى أو مذهب أو حركة تتعارض مع ذلك المعيار والميزان فإنها باطلة وليس من الإسلام والأخلاق في شيء مهما كان عنوان تلك الدعوى وذلك المذهب ، لأنه لا يوجد تعارض بين الثوابت الإسلامية ومكارم الأخلاق وبين الحق وما يرتبط به حقيقة وواقعا .
إن سيرة النبي و مدرسة أهل البيت زاخرة بالمعارف والقيم والمبادئ والمواقف التي جسدت الإسلام أفضل وأروع تجسيد فكرا وسلوكا ولم يتركوا صغيرة ولا كبيرة إلا ووقفوا عندها وحددوا الوظيفة العملية تجاهها وفيما يخض موضوعنا هنا نجد أنهم لم يكونوا ولو للحظة طائفيين أو مذهبيين ، بل بذلوا وجودهم من اجل الإسلام والإنسانية وسيرتهم النظرية والعملية كاشفة عن ذلك بكل وضوح من هنا ننطلق لتسليط الضوء على مفردة “المذهب” التي أخذت مساحة شاسعة في الساحة الإسلامية ، وشغلت حيزا كبيرا في ذهنية وتفكير المسلمين ، وصارت محط اختلافاتهم وصراعاتهم وتفرقهم وتقاتلهم ، لأنها دخلت في دائرة التوظيف والتسييس والتحريف التي ينطلق منها النفعيون والطائفيون والتكفيريون في مواقفهم وقراراتهم ورؤيتهم ، فالمذهب والمذهبية والطائفة والطائفية هي زادهم ومؤونتهم وتجارتهم ، وعن طريقها يمررون أجنداتهم الخبيثة وخداعهم , ويحققون مكاسبهم الشخصية ، ويبثون سموم أفكارهم ، ويشعلون نيران فتنهم ، بعد أن تخلوا عن الثوابت والقيم الإسلامية ومكارم الأخلاق التي هي قوام ودعامة المذهب الحق وضربوها عرض الجدار وصاروا جندا لشيطان مارد اسمه “المذهب” فادخلوا بلاد المسلمين في محرقة المذهبية والطائفية التي شتت شملهم ومزقت جسدهم وفرقت وحدتهم واستباحت دمائهم ومقدساتهم وما يعانيه العراق وشعبه من توجه طائفي مذهبي مقيت أباح القتل والتهجير والتكفير وانتهك المقدسات والحرمات هو من نتائج المنهج الطائفي القمعي …
إن إطلاق لفظ الشيطان على “المذهب” ليس جزافا ولا اعتباطا وإنما هو ناشئ من دليل شرعي كشف عنه المرجع الصرخي الحسني في المحاضرة الثانية والعشرين ، تقول الرواية الواردة في معجم الرجال لـ “السيد الخوئي” ، ج15 ، وفي رجال “الكشي” تسلسل 516 عن أبي عبد الله “عليه السلام” قال : (( …. فإني سمعت أبي يقول : إن شيطانا يقال له:«المذهب» يأتي في كل صورة، إلا أنه لا يأتي في صورة نبي ، ولا وصي نبي ; ولا أحسبه إلا وقد تراءى لصاحبكم (أبو الخطاب)، فاحذروه!….)) حيث أشار سماحته قائلا : ((نقول لا يوجد تعارض أبدا بين الإسلام ومبادئه وثوابته وبين مذهب الحق ، ولا تعارض أبدا بين مكارم وفضائل الأخلاق وبين مذهب الحق ، وعليه فكل من تحدث ودعا للمذهب والمذهبية والطائفة والطائفية وهو يخالف الثوابت الإسلامية والفضائل الأخلاقية ، وابتعد عن التوحيد والذات الإلهية القدسية والحضرة المحمدية النورية فهو من جند “المذهب” ، فهو من جند الشيطان ،فهو من جند إبليس اللعين ،وأتباعه وأشياعه وأنصاره والداعين له ، فهو فاسق وفي فسق وغلو وشرك وكفر حتى لو كان تحت شعار وعنوان المذهب ، واسم المذهب ، ومصلحة المذهب ، وناصر المذهب ، ودولة المذهب ، وأبناء المذهب ، وشعب المذهب ، ولغة المذهب ، وقوة المذهب ، وتاريخ المذهب ، وثقافة المذهب ، وغيرها من دعاوى ترتبط بعنوان المذهب ، (سواء كان المذهب شيعي ، سني ، إمامي ، مالكي ، حنفي ، حنبلي ، شافعي ، وهابي ،تيمي) ، فإنها كلها باطلة ،وزخرف ،وتضرب بعرض الحائط ،بل هي شيطنة وتبعية وائتمار وامتثال لوسوسة وأوامر شيطان مارد يسمى “المذهب”)).
وختاما نتساءل أين الرموز الدينية والسياسية التي اتخذت من الطائفية والمذهبية غطاءا وشماعة لتمرير أجنداتهم وتحقيق مكاسبهم الشخصية أين هم من كلام الإمام الصادق “عليه السلام”؟!!.