22 ديسمبر، 2024 3:36 م

احذروا العنف القادم ..!

احذروا العنف القادم ..!

في لحظة تأريخية فاصلة يتعذر فيها على الجمهور ان يعيش بنفس الطريقة السابقة ، كما يتعذر على السلطة ان تعيش بالطريقة التي تكبح بها تطلعات الجمهور للمستقبل ، في لحظة التقاطع هذه ينفجر الصراع المؤجل ، كل في اجل قادمون ، ولا أحد يستطيع تقييد هذا الانفجار والتلاعب بنتائجه والعمل على تدجينه ، فلا يتبقى أمام السلطة الحاكمة المستبدة الا ان تستجيب ..

ولكن أي نوع من الاستجابات ؟

في واقعنا أنظمتنا الشرقية عادة ما لاتستطيع السلطات الارتقاء الى مستويات استجابة منطقية تجعل الصراع بينها وبين الجمهور في اطار سياقات البحث عن حلول للمأزق التأريخي بينهما ، السلطة والجمهور، فتنفتح ابواب الازمة على مديات مجهولة وطروحات تعمّق الازمة وتدفع بها الى قمة مستويات الصراع المستحكم ، باتجاهات العنف الذي تستخدمه السلطات حفاظاً على مصالحها  والعنف المضاد الذي يمارسه الجمهور دفاعاً عن النفس .

في تجربة الاحتجاجات العراقية وصدامها مع شكل الحكومات المتعاقبة منذ 2005 حتى الآن ، لم تستطع الطبقة الحاكمة ان تستجيب لمطالب الجمهور ، أو بتعبير ادق ليس لها الرغبة بالاستجابة الى مطالب الجماهير المحتجة ، ذلك ان مطالب المحتجين تتعارض كلّياً مع مصالحها ، فالتغيير الحقيقي يحتاج الى مكافحة الفساد جدياً ، والطبقة السياسية بشبكتها العنكبوتية في مفاصل الدولة غارقة في الفساد المالي ومعتاشة علية محوّلة الدولة الى دولة زبائنية تخدم مصالحها ، وبالتالي فان تحقيق هذا المطلب الجماهيري يعني الاصطدام القوي بمصالحها !

وانتقالا الى المطلب الاكثر اهمية المتعلق بانتخابات شفافة ونزيهة ، فان الطبقة الحاكمة محترفة الى حدود الاحتراف القصوى بعمليات تزوير الانتخابات لضمان تواجدها التشريعي لتحمي مصالح الفساد المالي الذي تتمتع به وكوّنت امبراطورياتها  المالية من خلاله ، ومنطقيا لن تسمح هذه القوى باجراء انتخابات شفافة ونزيهة والسماح للقوى الشعبية الصاعدة والمحتجة بأخذ دورها التاريخي لاتمام مهام المرحلة !

كما ان الطبقة السياسية المتنفذة بمنعها اجراء انتخابات نزيهة وشفافة ومحاربة الفساد المالي المتخادم المصالح ، لن تستطيع الاستجابة لمطلب الجماهير بحصر السلاح المنفلت بيد الدولة ، أي  احتكار الدولة للعنف ، قوى اللادولة هذه بيدها السلاح الذي يحمي الفاسدين واللصوص ويعيق اجراء انتخابات عادلة !

هذه هي شروط الانتقال للتغيير ومصداته المتمثلة في الطبقة السياسية الحاكمة التي تعتقد ان مطالب الجماهير  هي مطالب قادمة من خلف الحدود ، الطبقة الموهومة بنظرية المؤامرة التي ينفذها شباب الصدور العارية ، الطبقة التي لاتستطيع قراءة مستقبل الصدام بينها وبين الجمهور المحتج ، فتتعامل معه بالتسويف ومحاولة ركوب موجاته الثورية وشيطنته وتسقيطه ، متغافلة عن عمد الاهداف الحقيقية لحركة الاحتجاجات الشعبية.

تستطيع حركة الاحتجاجات الشعبية تحمّل العنف الذي توجهه سلطة الاحزاب اليها ومآلاته باستخدام آلة الدولة العسكرية والأمنية ، وتستطيع ان تتحمل تساقط شبانها صرعى الرصاص الحي ومسرحيات الكوميديا السوداء تحت غطاء الطرف الثالث  (المجهول- المعلوم) ، لكن السؤال المنطقي :

الى متى تتحمل هذه الجماهير وسائل القمع العنفية المبالغ بها التي تستخدمها سلطة الاحزاب ضد جماهير الاحتجاج ؟

هذا هو السؤال الذي تخشى الاجابة عليه السلطات ، ولاتعرف اجابته قوى الاحتجاج التي تحا ول الى اقصى الحدود الحفاظ على سلمية الحركة رغم العنف الموجه ضدها وضد اهدافها ومطالبها المشروعة ..

يقول مثل صيني ” رب شرارة احرقت سهلاً ” والمتوافر لدينا اكثر من شرارة في اكثر من مكان من جغرافية البلاد ، وكل تلك الشرارات مهيئة في لحظة تأريخية فارّة الى ان تحرق كل السهول ويصبح من المستحيل على أي قوى اطفاء النيران التي ستبتلع الاخضر واليابس ! 

ولات الساعة ساعة ندم ..!