عندما كنا صغارا كانت احلامنا بريئة لا تعدوا كونها مجرد احلام بسيطة تتلخص بلعبة او ملابس او فسحة الى مدينة الالعاب ، وعندما كبرنا قليلا تطورت احلامنا الى حاجات اكبر كالشهادة والوظيفة والزواج وتكوين اسرة والتعايش مع الاخرين بامان وسلام دون التفكير بالانتماءات العرقية والطائفية والقومية لهذا الجار او ذاك او لهذه المنطقة وتلك.
واليوم اصبحت احلامنا تلك فعلا مجرد احلام فلم يخرج الى حيز التطبيق منها الا القليل او بالاحرى انها اصطدمت بجدران كونكريتية وضعتها اياد خفية ارادت لهذا البلد ان يتقطع ولنسيج مجتمعه ان يتمزق ، فما يجري اليوم ليس بالامر العابر فالبلاد تمر بمفترق طرق خطير وعلى اصحاب القرار والساسة وجميع فئات الشعب ممن لا يتمنون للعراق واهله الشر ويريدونه موحدا باهله وارضه ومائه وسماءه ان يكونوا على قدر عال من المسؤولية الشرعية والتاريخية والوطنية في الوقوف ضد جميع المخططات التي تريد السوء بالبلاد والعباد ، فما يجري يدق ناقوس الخطر ، وعجبي على مايجري الان فهل يعقل ان يسير الناس باتجاهات احلاها مر ، فيما يتفرج البعض وينتظر ماستؤول اليه الايام القادمة وكأن الامر لا يعنيه. الاحلام دائما تكون بسيطة لكنها مع مرور الوقت تتطور لتصبح مطالبات كذلك فالشعب قد تشبعه قصعة طعام دسم خير من لقيمات يتلقفها من هنا وهناك وهذا ينطبق على مطالبات المتظاهرين ومدى تنفيذ الحكومة لتلك المطاليب فبدلا من ان تقطر لهم لابد ان تعطيهم دفعة واحدة وتحقق جميع مطالبهم التي لا تتعارض مع الدستور وبسرعة دون تسويف او تمييع فانها ستكون علاجا ناجعا في امتصاص غضب الجماهير الذين وصلوا الى مرحلة انعدام الثقة والمصداقية بالحكومة التي تعطي حلولا ترقيعية ولا تعالج المشكلة من جذورها، فمشاكل الخدمات والبطالة والسكن ليست بمطاليب صعبة من ان تحققها الحكومة ناهيك عن كل مالايتعارض مع الدستور ، وعلى الشعب ان يكون اشد حرصا على بلده ومجتمعه وان يحافظ عليهما من كل شر يتربص بهما.
فماذا تنتظر الحكومة وماذا ينتظر المتظاهرون وكلاهما يجران البلاد الى ذلك المفترق الذي ندعوا الله جميعا ان لا تصل اليه البلاد وان ترسوا سفينته ،التي تتلاطمها الامواج من كل صوب ،في مرفأ السلامة والامان ليعود الناس الى منازلهم واعمالهم وتتجه الحكومة الى بناء البلد الذي انهكته الحروب والارهاب ونعيش بسلام نحن واجيالنا التي لن ترحم هي والتاريخ كل من سيسعى الى تدمير البلاد وتقسيمه وتمزيق نسيج مجتمعه.