فالح قروي فقير يعيش لقوت يومه ، يخرج الى حقله صباح كل يوم ولا يعود الا في المساء في زمن كان فيه الصيف صيفا ، والشتاء شتاء، لم تشوه ديمقراطية الخمسينات تلك الفصول ولم يعرف اصحابها معنى الديمقراطية اصلا كما في عهدنا الغريب العجيب هذا…!؟.. في صباح شتوي اشتد فيه البرد وعند ذلك الزمن يتجمد الماء النزر والرطوبة فوق الطرق ويسمى بلهجتنا العامية (الجحيل) ، تتأثر فيه الطيور والزواحف ، و حظ المسكين ،فالح، العاثر ان تشغفه افعى صغيرة متجمدة في جحيل الصباح بين مخالب الموت ، عطف عليها هذا العراقي طيب القلب ونقلها من زمهرير الارض الى جيبه ليدفئها وسار في طريقه و حين دفئت و تمكنت وردت الروح فيها احس صاحبنا الطيب بلدغتها وسريان السم في جسده ولم يكتمل يومه ، وودع الحياة بفعل يده وطيبة قلبه الزائدة عن المألوف…..!؟… ذهب الختام المأسوي عند فالح ، مثلا يضرب في حالات الطيبة الزائدة والخارجة عن المألوف ، فيقال مثل (حية فالح)….!؟
اما العراقي الطيب خلف فقد صادفه شبل تائه فعطف عليه واخذه الى بيته ورباه مع غنماته وعندما كبر الشبل وصار اسدا بدأت الغنمات بالتناقص حتى اخر واحدة وبعدها لم يجد سبع خلف شيئا ليأكله الا خلف ليكون وجبته الدسمة الاخيرة ….!؟..ذهبت خاتمة خلف المأسوية ايضا، مثلا يضرب في طيبة القلب الخارجة عن المألوف ، فيقال مثل (سبع خلف)….!؟
نحن العراقيون وقعنا بين مطرقة حية فالح و سندان سبع خلف ، كل منا وضع افعى في جييبه او سبع في بيته ، و فعل ذلك اصبعه البنفسجي وطيبة قلبه الزائدة حتى نفذ فينا سهم شاعرنا الشعبي حين قال(عوينته الكتلته اديته = اي ملعون من قتل نفسه بيده) ….!؟…جلبنا الجوع والموت والعوز والذل لنا واطفالنا ونحن فرحين بذلك ، ثم تطورت افعى فالح وسبع خلف فينا بفعل ديمقراطية العراق العجيبة الى كواتم ورصاص وعبوات ناسفة وسيارات مفخخة وسكاكين ذبح ولم تقف هذه المآسي عند حد حين تحركها عجلة التطور في تنوع افتعال الازمات نحو تجويع اطفالنا وخطف رغيف الخبز وقدح الماء النظيف من افواههم عن طريق العار السياسي الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الكرة الارضية وهو عزوف مجلس النواب المقصود والمتعمد عن اقرار الموازنة والاصرار الكيفي عن قصد وترصد واستخفاف واحتقار ارادة الشعب العراقي الذي وضعوه خلفهم ولا ندرك سبب تلك العداوة المبيتة بين الشعب ونوابه…..!؟…ايام قلائل ، قبيل الانتخابات ، يبدأ التوسل واستجداء الاصوات وبعد الانتخابات يستخدم الفائزون منهم اقسى السبل للتنكر للشعب العراقي والعمل ضده بكل ما لديهم من قوة ونفوذ وهذه سابقة خطرة ايضا ، وحالة عجيبة من عجائب الدنيا وظاهرة غريبة ليس لها سبب او تفسير وقد احتار فيها حتى المنطق نفسه….!!؟
لو افترضنا ان نوابنا في العراق تلبسهم الوطنية حد النخاع ، فواجبهم الرسمي الاساسي خدمة ابناء الشعب الذي انتخبهم ووضعهم في تلك المناصب في احلك الظروف وعليهم ، على الاقل ، توفير ابسط الخدمات الاساسية للمواطن الذي قدمهم على نفسه واختارهم بارادته : سقف بسيط يقي الفقراء في الصيف والشتاء والكهرباء التي اصبحت حلما وهاجسا ومن المستحيلات بعيدة المنال على الانسان العراقي….!؟…ولو افترضنا العكس اي انهم مجردين من الوطنية ، فهم موظفون لدى الشعب العراقي باجر مجزي وعليهم احترام العقد المبرم بينهم والشعب وايفاء مقدار هذا الاجر واذا لم يستطيعوا العمل فعليهم الاستقالة واعادة ما اخذوه من الاموال الحرام لقاء الكلام الفارغ والتصريحات المضحكة والسب والشتم لبعضهم البعض في الفضائيات لان الشعب العراقي لم يوظفهم ويدفع لهم الاجور العالية لقاء هذا الفعل المشين والمخجل…!؟
ان العراق غني عنهم وقوي دونهم ولا تسطيع كتلهم ان تذله وتحط من مكانته او تستصغر ابناءه وحين يستعيد عافيته سيفعل فعله فيهم وسيغرز اظفاره بجلود الذين استباحوا دماء ابناءه بخلافاتهم السياسية واستباحوا ثرواته وجعلوا من صدره ميدانا لصراعاتهم العقيمة….!؟ سيسترجع منهم حتما جميع ما سلبوه ونهبوه من قوت الشعب وسوف يعيدهم الى الجحور الظلماء التي جاءوا منها حفاة عراة كما كانوا….واملنا كبير بشعبنا العراقي اليوم وغدا ان لا ينسى من نهب خيراته وخانه وباع دمه و اساء اليه…وان غدا لناظره قريب…!؟