19 ديسمبر، 2024 2:57 ص

احذروا الترحم على جرائم داعش

احذروا الترحم على جرائم داعش

لاشك ان نظام صدام حسين بكل سياساته ومثالبه وممارساته المعروفه , كان بالنسبه الى الشعب العراقي بمثابة كابوس يقضه خانق جثمه على صدره سنوات عصيبه طوال , لذلك بعد سقوط الصنم يوم 9/4/2003 , ورغم مرارة الاحتلال ومخاطر تعسف قواته في استعمال القوة المفرطة ضد المدنيين الابرياء خرجت جماهير غفيرة بشكل عفوي وعقل جمعي الى الشوارع والساحات العامة في جميع مدن وقصبات العراق , تلعن صدام حسين وتنهال على صوره وتماثيله وشعارات حزبه ونظامه بالبصاق والمداسات والقذارة قبل سحلها وتحطيمها ورميها في حاويات النفايه ومجاري الصرف الصحي التي كانت خدماتها حين ذاك متوفره في العراق .
ان خروج العراقيين الى الشوارع والساحات في ذلك اليوم المشؤوم الذي جر على العراق الويل والثبور والفساد والارهاب ومليشيات الاحزاب , وكل ما لم يقره شرع وقانون ويرتضيه عرف وضمير ويستسيغه عقل ومنطق , لم يكن فقط مجرد ردت فعل عفوية على ما ارتكبه صدام حسين ونظامه من ممارسات قمعيه وجرائم انسانية وسياسات تعسفيه بحق مناوئيه من جميع مكونات الشعب العراقي دون تمييز , وانما من دوافع خروجهم ايضا هو اعتقادهم الخطئ بان الكابوس ازيح عن صدورهم دون رجعه والى الابد .
ولاكن تبين فيما بعد وبالتجربة ان الكابوس لم يزاح في ذلك اليوم قيد انمله , وانما استبدل عنوانه وتغيرت وسائله واساليبه وازداد ثقله وتضييقه على صدور العراقيين , رحل صدام ونُصب بدل عنه عشرة او خمسة عشر وربما اكثر من ذوي الجنسية المزدوجة , مدعي سياسة وتدين طامعين بالجاه والسلطة واكل السحت الحرام , واكثر غباء وتعجرف واستبداداً من سابقه , ذهب عدي وقصي صدام حسين وجاء المئات من نظرائهم في السلطة الحالية مع سماسرتهم , انتهت المقابر الجماعية وبدأت عشرات جثث الابرياء المغدورين تظهر يومياً في الشوارع والازقه وشواطئ الانهر ومكبات النفايات , توقف القصف الشهري الامريكي قبل الاحتلال واستعيض عنه يومياً بالاحزمة والعبوات الناسفة ومفخخات الارهاب ومليشيات الاحزاب المتنفذة , زالت ممارسات صدام القمعية بحق مناوئية فقط وبوشر بأعتقال المواطنيين عشوائيا وفق المادة 4 ارهاب على الهوية او بوشايه كاذبه من مخبر سري مغرض بقصد المساومه والابتزاز , عمليات التصفية والاغتيال السياسي بالغة السرية التي كان ينفذها جهاز مخابرات صدام فقط تحولت الى عمليات خطف وتغييب وقتل بكواتم صوت علنية وفي وضح النهار وامام الاشهاد تنفذها بحرية تامه بعض الاجهزة الامنية ومليشيات مختلف الاحزاب الحاكمة , الفقر والحرمات النسبي والجريمة الفردية التي كانت بسبب الحصار الجائر الذي فرض على العراق اصبح اليوم في ضل العملية التحاصصية فقر مدقع وحرمات مطلق وجريمة منظمة نتيجة لتهريب الاموال والثروات الوطنية ونهب المال العام واستشراء وتقنين وحماية الفساد .
وحتى متطلبات الحياة الانسانية البسيطة والضرورية التي كان نظام الدكتاتور الطاغية حريصاً على تامينها كما يجب الى الشعب العراقي في مواقيتها مثل الامن وحرية التنقل وسهولته والحصة التموينية والماء والكهرباء والمحروقات والخدمات البلدية والصحية والتعليمية والرعاية الاجتماعية ورواتب واجور العاملين في ما يسمى الان بالدولة بات الحصول عليها يشكل عبئ ثقيل ومعانات قاسية على المواطن احادي الجنسية .
ان هذه الحقيقة التي اسلفنا ذكرها , اصابة العراقيين بيأس واحباط شديدين , دفعاهم يوم بعد اخر الى الترحم على جرائم الطاغية صدام وايام نظامه , بعد كل ما انهال عليه منهم من قذف ولعنات .
واليوم وقد اخذت عناصر المليشيات المنفلتة المنضوية في الحشد الشعبي بالتدخل السافر في مختلف شؤون المواطنيين الخاصة , واضطلاعها بمهام الاجهزة الامنية المختصة في التحقيق بالجرائم الجزائية والجنائية , وقيامها بدور القضاء في فرض احكام جائرة بحق هذا وذاك من بسطاء الناس بالتهديد والوعيد ولصالح ضعاف نفوس قادرين على ترضية هذه العناصر بالهدايا والاجور , فاننا نتسائل … هل سنشهد في المستقبل القريب يوماً نترحم فيه على جرائم داعش ؟ ! .
منذ الان احذروا يوماً نترحم فيه على جرائم داعش .

أحدث المقالات

أحدث المقالات