23 ديسمبر، 2024 2:37 م

احداث التفجيرات الاخيرة وعوامل حصولها

احداث التفجيرات الاخيرة وعوامل حصولها

ان احداث يوم 9/9/2012 كان تميزها بأنها استهدفت مدن لطائفة بعينها مما يأتي متوائما مع دعوات المقبور الزرقاوي الذي كان يدعو بقتل من يسميهم بالرافضة في العراق بغية الاستعانة بطائفة عراقية اخرى ليسهل على زمر القاعدة بشق صف العراقيين فيما بينهم وتحقيق حلمه بأنشاء ما يسميه بدولة العراق الاسلامية وقد استطاع فعلا العراقيون تجاوز ما كان قد خطط له اعداء هذا الشعب ولم يبق الا من بقي راكبا رأسه لغايات في نفسه وسيكتب التاريخ عنه ويوصمه بالخيانة كما وصم بعض القادة العرب في الاندلس ممن تعاونوا مع امارة (قشتالة) ليغادروا الفردوس المفقود مذعورين ولحقهم الخزي وتسببوا لأمتهم بكبوة لازالت اثارها باقية لحد الان فأحداث يوم 9/9/2012 نجمت عن عوامل عدة ولم تكن تلك العوامل غريبة سواء عن الساسة العراقيين او المواطنين ولمرات عدة ذكرنا بأن اولئك الساسة اذا ارادوا ان يحافظوا على وحدة شعبهم وارضهم ان يتوجهوا نحو تشكيل حكومة الاغلبية وهي الحكومة المسؤولة بكافة وزرائها امام الشعب من خلال ممثليه في مجلس النواب ووجود معارضة محددة في البرلمان وبخلافه نبقى ينطبق علينا المثل العراقي الشعبي القائل ((السفينة اذا كثرت ملاليحها تغرق)) فحكومة المشاركة التي ينبثق عنها نظام المحاصصة يكثر فيها (الملاليح) بدرجة مخجلة مع ان وجودها مجافيا لنص الدستور فكل رئيس كتلة يدعي بأنه هو الحاكم الناهي لأنه مشارك فعلا بتشكيل الوزارة وبنفس الوقت ان كتلته تمارس دور المعارض في البرلمان ونجم عن كل ذلك بما يشبه التخبط غير المجدي وربما ما يدور الان هو ما يريده الاجنبي ودعاة الكونفدرالية لهذا الوطن ولم نكن بعيدين عن الحقيقة اذا قلنا بأن قسم من الساسة يقع ضمن اهدافهم تقويض النظام الديمقراطي كما ينجم عن حكومة من هذا النوع ان تجري الامور بشكل تسويات بين زعماء الكتل بعيدة عن النصوص الدستورية مما جعل اولئك الساسة ينغمسون كليا في مشاكل كتلهم ناسين معاناة هذا الشعب الا ان يوم 9/9/2012 كان يومآ مؤلما ويعزوا المواطنين احداث ذلك اليوم لعدم تصفية القوات المسلحة باتجاه ما يؤمن وجود من يحسم ولائه للوطن فقط كما ان الدولة العصرية يعتبر مرفق الامن هو المرفق الاول المسؤولة عنه والامكانات المالية متوفرة ويفترض ان يكون الكادر القيادي بمستوى الاحداث كما ذكرنا لا ان تبقى اجهزة الكشف مثلا غير فاعلة ونكرر أيضا ان الفساد هو توأم اساسي لاستمرار العنف حيث اثبتت التجارب التي مررنا بها ان من يعملون بتغذية العنف ومن ينفذون اجندات اجنبية ومن يتولون ادارة بعض الصحف في العراق يتلقون الاموال من الخارج وهذا نوع من الفساد الخطير والمشكلة الاكثر اهمية ان الجهة ذات الرقابة على اعمال جهات مكافحة الفساد وهي لجنة النزاهة في البرلمان اوعدت المواطنين ولمرات عدة بأن لديها عشرات الأضابير وان تلك الأضابير تتعلق بمسؤولين كبار في حين لم يظهر من تلك اللجنة سوى ستة عشر اضبارة قدمها السيد رئيس لجنة النزاهة ومن ثم سكت عن ذلك وان تلك الاضابير وبنفس العدد قد أظهرها قبل ستة اشهر أيضا واعقب ذلك سكوتا منه ولم يحط المواطن عن نتائج تلك الاضابير شيئاً ولم تبين اللجنة آنفة الذكر اوجه التنسيق مع الهيئة العامة للنزاهة والنتائج التي تحققت لحسم الدعاوى المرفوعة واسماء المتهمين الذين حكموا بجرائم الفساد وهناك مسائل كانت اولى ان يعتبرها الساسة وراء ظهورهم تحقيقاً لمصلحة هذا الوطن فالمسؤول الكبير الذي يثبت عجزه في ميدان عمله من خلال مدة طويلة في ذلك المجال يزاح عن مركزه هذا ويخلفه شخص ذو كفاءة والغريب ما ذكر عن رد الفعل على الحكم الغيابي الصادر بالإعدام بالمجرم طارق الهاشمي وهذا انصع دليل على خطورة تعدد (الملاليح) في الدولة فقد كان الهاشمي ابعد ما يكون في سلوكه كشريك في العملية السياسية وقد تصدى لخلق المشاكل خلال فترة ما بعد نتائج انتخابات 7/3/2010 وعندما كان يميز قراراته آنذاك امام القضاء يكرر بان له ثقة كبيرة بالقضاء العراقي اما بعد صدور الحكم عليه فقد تغير ميزان التقييم لذلك القضاء لديه مع ان القضاء العراقي ليس بحاجة الى تقييم الهاشمي فهو قضاء عرف في تاريخه ورغم مروره بأنظمة دكتاتورية التزامه بالحياد وان من يشككون بحياديته فهم لا يؤمنون بالمؤسسات الدستورية والنظام الديمقراطي اصلا وانما يكشفون عن نواياهم بان اشتراكهم في الحكومة هو لأغراض يريدون الوصول اليها فالذي يؤمن بالنظام الديمقراطي عليه ان يؤمن بعدالة الاحكام التي يصدرها القضاء فالمسألة ليست نائب رئيس جمهورية او مواطن عادي وانما المسألة ان القضاء العراقي استند بحكمه بصدد الهاشمي الى (150) قضية جميعها تنطبق عليها احكام المادة اربعة ارهاب نسبت له وبشهود بلغوا العشرات سواء من افراد حمايته الذين كان قد اوكل لهم القيام بتلك الجرائم او المدعين بالحق الشخصي او ممن كتب لهم النجاة من تلك الافعال الاجرامية وفي وقت يغظ بعض الساسة النظر عن ما يتعرض له العراقيين من محنة كأداء كما حصل يوم 9/9/2012 حيث تذكرنا مراسيم الفواتح على ارواح الشهداء التي انتشرت في شوارع المدن بعد ذلك اليوم بما كان يوجد من كثرة تلك الفواتح في شوارع المدن العراقية ايضا على اثر كل هجوم يقوم به صدام في قادسيته المشؤومة فالهاشمي ولسبب طائفي يتباكى عليه الكثير ممن هم في مراكز المسؤولية الان ولو دققت في ذلك التباكي لوجدته من قبيل المزايدات لا اكثر فالكل تقريبا يعرفون بان مسار الهاشمي مع سلطات ما بعد التغيير كان مسارا صوريا ولا نريد ان نفصل الامر اكثر من ذلك ولكن نذكر اولئك الساسة بان الرئيس كلينتون وهو رئيس اكبر دولة احيل الى القضاء بقضية لا اخلاقية وقد مثل امام القضاء واحترم الامريكيون الحكم الذي صدر بحقه بحزبيهم الديمقراطي والجمهوري ولو كانت الحكومة المشكلة حكومة اغلبية فان الهاشمي سيكون مكانه حتما مع المعارضة في احسن الاحوال وليس مع من يتولون مهام تنفيذية وبالتالي يفتقد صفة نائب رئيس الجمهورية والتأسف على الهاشمي يشجع الكثير من امثاله على التمادي واقتراف الجرائم فأين اجراءات الحكومة باستعادة المجرمين محمد الدايني وايهم السامرائي والكثير الكثير ممن اقترفوا جرائم القتل والفساد اما اعلان اوردكان بانه لن يسلم الهاشمي فهو لا يلام على ذلك لان الهاشمي كان ينفذ اجندته في العراق ويعطي اوردكان بذلك مثالا بالخروج عن الاتفاقيات الدولية وكان العراق من الموقعين على اتفاقية تسليم المجرمين بينه وبين تركيا وعند انتكاس حركة مايس 1941 هرب رئيس الوزراء رشيد عالي الكيلاني والضباط الذين كانوا معه ووزرائه الى ايران ولم تسلم ايران اولئك اللاجئين السياسيين الى العراق اما السبعاوي وهو وزير خارجية حكومة الكيلاني فقد كان على ما يبدو لدى اهله في ناحية العشائر السبعة في نينوى واستغل قربه من تركيا فلجئ اليها وقد سلمه الاتراك الى عبد الاله وقام بإعدامه وللعراقيين ان يقيسوا في اخلاقيات دول من هذا النوع عبر تاريخ العراق الحديث بجيرانه وان ما يدعو للاستغراب بعد احداث يوم 9/9/2012 اعلنت سلطات امنية في اغلب المحافظات سيما التي حدثت فيها تلك العمليات عن القبض على ممن قاموا بها كما يقولون ولا ندري وهذه الحالة تتكرر ونتساءل لم لم يلق القبض على اولئك المجرمين قبل حصول تلك الاحداث وهل ان هؤلاء يمشون فوق الارض ام تحتها حتى لا يمكن متابعتهم ولو اعطيت سلطة استخبارية لشخص وبذكاء متوسط لاستطاع ان يحدد ما هو مشبوه في منطقته ويراقب تحركاته فميسان التي لم تعرف الخروقات الامنية وخصوصا في ناحية علي الشرقي والتي بغالبية سكانها ذوي انتماءات ريفية وعشائرية بنيت على التضامن الكامل بين اولئك السكان فان من قاموا بتفجير سيارتين فيها بالتأكيد قد قدموا من خارج تلك المدينة واذا كانوا قادمين من الكوت او البصرة فهذه هي اساس المأساة فهناك مفارز عدة في الطريق اما اذا كانوا من مركز تلك المحافظة او احدى وحداتها الادارية فذلك اكثر ايلاما واصابع الاتهام تحدد بالدرجة الاولى هنا للعناصر البعثية التي عادت من سوريا وبمناسبة تسليم المجرمين نلاحظ ان بعض الساسة العراقيين يتكلم عن اتفاقيات لتسليم مجرمين الى ليبيا والسعودية وبعض الدول الاخرى وهؤلاء المجرمين طبعا ممن اقترفوا جرائم القتل في العراق وتنطبق عليهم المادة اربعة ارهاب الا ان حكمهم على ما يبدو لم يصل الى الاعدام او ان البعض منهم لم تصدر عليه احكام قضائية بعد ولا ندري من اين يأتي هذا المصطلح فتسليم المجرمين على ما هو متعارف عليه ليس الموجودين في ذلك البلد الذين اقترفوا الجرائم فيه وانما الذين هربوا من قبضة العدالة وجرت محاكمتهم غيابيا كما حصل لطارق الهاشمي مثلا اما محاولة البعض من الساسة لإيجاد وسائل لتسليم مجرمين عاثوا فسادا في هذا الوطن الى بلدان كالسعودية او سواها فهو لا اساس له من القانون وخلاصة القول ان بقيت تشكيلة الحكومة العراقية تعتمد على اسلوب المشاركة الذي لا وجود له في نص الدستور النافذ ولم يكن متبعا في اية دولة ديمقراطية في العالم وانما يبدو قد وجد من خلال تمسك اطراف معينة به بما يعطي من مردود في مشاركتها في السلطة يتيح لها تحقيق البرامج التي تنوي تنفيذها وهي تضع العراقيل في مسيرة الدولة وكما رأينا في قضية التشكيك بقرار القضاء المتعلق بالمجرم الهاشمي والذي تتهم فيه قناة الشرقية القضاء العراقي بالانهيار لأنها تقتدي في حقيقة الامر بالقضاء القطري الذي هو مثالا للحياد والاستقلال وروح العصر بنظرها ومما يدعم المطالبة بتشكيل حكومة الاغلبية دعوات بعض النواب كالسيد محما خليل من الكوردستانية والذي لم يقبل على طلب رئيس الوزراء بالمثول امام مجلس النواب ليقنع المجلس بقبول قيام السلطة التنفيذية بإعادة اعمار البنية التحتية عن طريق القروض بالآجل رغم الترابط العضوي بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وإنها هي التي تقترح مشاريع القوانين كونها من يقوم بتنفيذها كما ان العراق كدولة نفطية تتصاعد قدراتها الانتاجية من النفط مما يمكنها من تسديد تلك القروض مستقبلاً وتعاني من عدم قدوم المستثمر الاجنبي بسبب العنف على ما يبدو ولكن اصحاب تلك الدعوات لا يستسيغون اعادة بناء البنية التحتية في محافظات الجنوب لأنه يرفع الضيم عن شريحة من الشعب العراقي ويبقي حالة التذمر ضد الحكومة وهو ما يريده بعض اولئك النواب وبدلا من ان توظف زيارة وزير الخارجية البريطاني لصالح العراق لدعم التوجهات لرفع البند السابع للتأثير المهم للسيد (هيغ) على السلطات الكويتية فقد وظفت تلك الزيارة بزج الوزير المذكور في مسألة الهاشمي رغم انها مسألة داخلية لا علاقة لها بالشأن الدولي ومما يثير الدهشة حقا ان بعض النواب يتبنون مواقف غاية في الغرابة حيث ان النائب وحدة الجميلي من العراقية تدعو لسرعة اصدار العفو عن المجرمين الذين لا زالوا مستمرين بإراقة دماء العراقيين بقولها (ان ذلك يقرب العراقيين من الوصول للمصالحة بإخراج الابرياء من السجن) واذا كان هؤلاء ابرياء كما تقول النائبة المذكورة لماذا حكم عليهم من قبل القضاء العراقي وان نائبة ثانية من العراقية ايضاً لا تتحرج بان تقول (ان اصدار العفو هو فاتورة قبول المصالحة) أي ان تلك المصالحة عبارة عن صفقة على حساب دماء ابناء هذا الشعب .
[email protected]