18 ديسمبر، 2024 10:44 م

احجية اخرى عن 14 تموز 1958

احجية اخرى عن 14 تموز 1958

 ربما المؤلفات والكتب وكذلك البحوث والمقالات ” وايضا المقابلات مع اصحاب الشأن وذوي العلاقة ” التي جرت كتابتها عن الرابع عشر من تموز 1958 ” وساهمنا في بعضها بتواضع ” قد فاق كل ما كُتبَ عن الثورات والإنقلابات الأخرى في الدول العربية , آخذين بنظر الإعتبار السنوات الطوال التي مرّت عليها , ” ولا نقول انها كانت اكثر ممّا ينبغي ” .! لكنّ مايبررّ كلّ ذلك ويتطلّب المزيد , هو أنّ حلقاتٍ لا زالت مفقودة من احداث ذلك اليوم , وخصوصاً ما سبقه من تحضيراتٍ واستحضاراتٍ بعضها كانت نصف مكشوفة مسبقاً , واخرى سريّة لغاية الآن .!

   يوم الأوّل من امس كشف المؤرخ العراقي المعروف د. سيار الجميل عن معلومةٍ جديدة لم تكن متوقّعة ! ولم يبحث عنها سواه , حيث ذكرَ انَّ وثائقاً وبرقياتٍ وشيفراتٍ سرية كان يرسلها السفير الأمريكي في بغداد ” فالديمار غالمان – Waldemar Gallman ” يومي 14 , 15 تموز في ذلك الحين الى وزارة الخارجية الأمريكية , لكنه لم يجرِ رفع غطاء السرية عنها الى هذا اليوم .! وذلك خلافا للأنظمة الأمريكية المتبعة في كشف الوثائق السياسية السرية بعد مرور ثلاثين عاماً عليها , ومن المؤكد أنّ ذلك يعني وجود أسماء لشخصياتٍ سياسية عراقية وعربية لا زالت على قيد الحياة , كما تعني ايضاً التغطية والإخفاء على معلوماتٍ خطرة وفي غاية السرية بما يحرج دور الأدارة الأمريكية آنذاك ولحدّ الآن في ممارسة الطرق الملتوية والخفية في العلاقات الدولية وبما يخصّ احداث العراق والتغييرات الدرامية التي اطاحت بالنظام الملكي .

    الى ذلك , ومن جانبٍ آخرٍ , فكلّ الذين شهدوا وتابعوا احداث الرابع عشر من تموز وما اعقبها , فلابدّ أن يتذكّروا ردّ او إجابة عبد السلام عارف” اثناء  استجوابه ” على احد اسئلة رئيس محكمة الشعب العقيد فاضل المهداوي حيث قالَ عارف : < إنَّ للثورةِ أسرارٌ لا يعلمها إلاّ الله .! > . ما نراهُ شديد الأهمية وبذات الأهداف والتحليلات المزدوجة والمركّبة فيما قاله عبد السلام عارف اثناء محاكمته , فأنما يتمحور ويدور ويرتكز على : –

A \ الربط بين عدم رفع السريّة على البرقيات والوثائق الأمريكية في اليومين الأولين لحركة تموز , وبين ما اعلن عنه عارف اثناء الإستجواب .!

B \ بغضّ النظر عن أنّ رئيس محكمة الشعب آنذاك ” فاضل عباس المهداوي – وهو ابن خالة عبد الكريم قاسم ” والذي كانت تسمّى المحكمة بأسمه في الإعلام العربي , والعراقي بعد الإطاحة بنظام قاسم , فالمهداوي هو ايضاً من الضباط الأحرار المشاركين في الثورة , ومن المفترض أن لا تخفى عليه اسرار الإنقلاب على النظام الملكي , لكنّ الأهمّ هو صمته المطبق أمام ردّ واجابة عارف , ولماذا .؟

C \ كيف إطمأنّ عبد الكريم قاسم ” الذي كان يوعز للمهداوي بأصداركل أحكام الإعدام والسجن ” , ليضمن من أنّ عارف سوف لايكشف الأسرار الخفيّة للثورة قبل تنفيذ حكم الإعدام بحقّه ” والذي غيّره الى السجن , ثم عفا عنه ونقله الى الإقامة الجبرية في داره .؟ إنّه لسؤالٌ تصعب الإجابة عنه , ولعلّه اصعب من كشف السريّة عن الوثائق والبرقيات الأمريكية آنذاك .

D \ إذ سقطَ النظام الجمهوري الأول في 8 شباط 1963 وتمّ تنفيذ الإعدام بعبد الكريم قاسم والطاقم الحاكم بمعيته , واستلم ” او جرى تسليم ” عبد السلام عارف رئاسة الجمهورية في ذلك التأريخ , ومضت نحو خمسة سنينٍ على احداث الرابع عشر من تموز , فلماذا يا ترى حرصَ الرئيس عارف على عدم البوح عن اسرار الأحداث التي رافقت الإعداد للإطاحة بالعهد الملكي .؟ وهل هي محرجةٌ الى هذا الحد .!

   و , لتكبيرِ حجم الصورة , وبإعادة نشر الفقرة المتعلّقة بالهجوم على ” قصر الرحاب ” او القصر الملكي , وبأسلوب ” التحرير الصحفي ” الدقيق ,  وإذ من المعلوم والمنشور أنّ القوة او الوحدة العسكرية التي هاجمت قصر الرحاب كانت متكونة من 40 جندياً فقط < حيث توزّعت بعض السرايا ” المشاركة بالحركة والتابعة لفوج عبد السلام عارف > في السيطرة على الإذاعة والتلفزيون , وعلى قصر نوري السعيد وبعض الأهداف العسكرية الأخرى , وإذ وفق ما مُثبّت أنّ هؤلاء الأربعين جندياً , كانَ كلُّ منهم يحمل خمسَ رصاصاتٍ فقط .! < رغمَ أنّ اكداس وصناديق ذخيرةٍ اخرى جاءتهم بعد ساعاتٍ او سويعات ” بعد تكسير مستودعات الذخيرة التابعة لمعسكر الوشّاش ” متنزّه الزوراء الحالي ” من ضبّاطٍ متعاطفين , وقد وصلتهم بعد أن جرى الحسم وجرى تنفيذ مجزرة القتل والإعدام بحقّ العائلة المالكة > , لكنّه وفق الحدّ الأدنى من الستراتيج , فهل يمكن القيام بثورة او انقلاب واحتلال مركز الحكم الملكي بخمسة رصاصات .! وكأنّ القائمين بالثورة – الإنقلاب على دراية مسبقة بأنّ لواء الحرس الملكي المسلّح بأحدث التجهيزات العسكرية سوف لا يقاوم هذا التمرّد العسكري , ثم وكأنهم  على درايةٍ مسبقة اخرى بأنّ كافة الفرق والألوية العسكرية سوف لاتتحرك وتسحق هذه الحركة التموزية .! والتي كان لها ادواراً ما ساهمت في اوضاع العراق والشرق الأوسط !