23 ديسمبر، 2024 7:06 ص

احتواء التعصب القومي والمذهبي

احتواء التعصب القومي والمذهبي

من جملة الامور الغريبة التي تشهدها منطقتنا ان الجميع يهتفون الموت لامريكا . . وهم ينفذون المشاريع الامريكية بطريقة مباشرة او غير مباشرة . وكأن قادتهم يستغفلون الشعوب وقبلها يستغفلون جماهيرهم ومؤيديهم من الناس البسطاء الاميين الذين يسهل خداعهم
واذا اخذنا العراق نموذجا فاننا نجد ان الاحزاب الحاكمة فيه قد جاءت بالدبابات الامريكية . ووضعوا الدستور على وفق التوجيهات الامريكية . كما قسموا المجتمع تقسيمات اعتباطية لتنفيذ الرغبات الامريكية ايضا
فالتقسيم اما ان يكون على اسس طائفية او على اسس قومية . وعندنا في العراق تم تقسيم العرب الى شيعة وسنة . . وتم تقسيم الكورد على اساس قومي وليس طائفي . فصارت التقسيمات مشوهة . حيث ان التركمان قد انقسموا الى شيعة وسنة مثل العرب ، في حين ان الاكراد ضمتهم القومية الكوردية فقط وهم متحدين تحت العلم الكوردستاني
وشرعوا مبدأ المحاصصة في كل شئ . المحاصصة على الاحزاب وليس على ابناء الشعب الذي لم يحصل منها الا على الخيبة والفقر والجهل والاقتتال
وكذلك تم تنفيذ الرغبة الامريكية باجتثاث البعث . رغم ان الاحزاب في العراق تعتبر البعث السوري حزبا وطنيا مقاوما وهو كما تعلمون له نفس الفكر البعثي العراقي
من كل هذا نرى ان العملية السياسية في العراق هجينة مشوهة لا يجمعها اي قاسم مشترك منطقي
كما نجد ان الحكومات التي رأسها حزب الدعوة هي حكومات عشوائية لاتستند الى اي برنامج عمل او اهداف محددة . حتى انهم متمسكين بالسلطة دون اي حرص منهم على ديمومتها . والاكثر من هذا انهم نهبوا دولتهم التي يحكموها وفسحوا المجال للمتعاونين معهم في المساهمة بنهبها ايضا . مما يدل على غباءهم المستحكم . او ان لديهم الاعتقاد القاطع بانهم طارئين عليها مما يستدعي سلبها كغنيمة . كما تم صرف الملايين من الدولارات لتزوير الانتخابات عن طريق الرشى . وصرف ملايين اخرى لتفكيك التحالفات المنافسة
ونتيجة لغباء رئيس الوزراء السابق او تآمره على العراق وشعبه . او نتيجة توجيهات خارجية تم تسليم مدن كاملة الى مايسمى بتنظيم الدولة . داعش . الذي دنس تاريخنا وتراثنا والارث الانساني بافعاله المخزية
. وقد تسبب التحرير ايضا في خلط الاوراق بين العرب والاكراد
بعد افلاس خزينة الدولة وعبث ميليشيا الاحزاب وصراعها من اجل السلطة . واستهتار كثير من اعضاء مجالس المحافظات والمحافظين في جميع محافظات العراق . نجد ان العراق قد اصبح ليس دولة فاشلة فحسب . بل عم الخراب في كل مرفق من مرافقها . اضافة الى فقدان الامن الوطني والفردي ايضا
والان جاء دور الفرقة والتقسيم
ومازال حزب الدعوة يدير ماتبقى من الدولة دون حساب من اية جهة برلمانية او قضائية . ومازالت امريكا تسانده وتدعمه للبقاء في السلطة موحين الى الناس ان لابديل له . في مؤامرة مكشوفة على الشعب العراقي ، هذا الشعب الذي لازال ينزف دما طاهرا للخلاص مما تبقى من عصابات داعش وهو صابر لايرى اي امل له في المستقبل القريب للخلاص من كل هذه المحن او الخروج من المآزق الكبيرة والكوارث التي اصابته بعد الاحتلال الامريكي للعراق وتسليم مقاليد السلطة الى اناس فاسدين ، جهلة ومتآمرين
ان استمرار الوضع على ماهو عليه دون اصلاح جذري وجدي سيولد جماعات ومنظمات ارهابية ، ربما اكثر تطرفا من القاعدة او داعش . كما سيزيد من التعصب القومي اكثر مما نشهده الان وربما يتحول الى صراع مسلح لايمكن ايقافه . وذلك لبقاء الاسباب المؤدية لهذا التطرف والتعصب . وعدم اتخاذ اي خطوات جدية لتفادي مثل هذه الظواهر التي تسبب زيادة الكراهية والفرقة بين ابناء الشعب الواحد . وسندور في حلقة مفرغة لانهاية لها من العنف والعنف المضاد وسينزف الشعب مزيدا من الدماء والتضحيات بالانفس والاموال
كل ذلك نذكره للتاريخ ولابناء الشعب المغدور والمغلوب على امره
واذا ماعدنا لحزب البعث الذي اجتثه الحاكم الامريكي واجتث معه الجيش العراقي والدولة العراقية في عملية كان يقصد منها اعادة العراق الى عصر ماقبل النهضة . وهو ماوعدنا به وزير خارجية امريكا في وقت سابق للاحتلال وتم تنفيذه بطريقة مهينة وقاسية جدا على شعب بنى اعظم الحضارات في العالم
ان الشعب العراقي لم يؤخذ بجريرة حزب البعث وانما كان ذلك نتيجة حروب طائشة ومتهورة من قبل صدام حسين الذي اختطف حزب البعث بعد ان ازاح احمد حسن البكر واعدم اكثر من نصف قيادات الحزب . وقاد الحزب والدولة بمنطق الرجل الواحد الآمر الناهي
ان على حزب البعث او ماتبقى منه ان ينقد التجربة السابقة نقدا بناء” . وان يدين الممارسات الديكتاتورية . ويقدم كشف حساب صريح وواضح للشعب العراقي . ويقيم التجربة الاشتراكية التي على ضوءها تم بناء الدولة في المرحلة السابقة لحكم صدام حسين
لانقول ذلك لتبرئة الحزب من الاعمال الديكتاتورية ، وانما لسحب البساط من تحت العناصر والجماعات المتطرفة والمتعصبة ، وتصحيح الاوضاع المضطربة التي شابت المجتمع العراقي بكل طوائفه واثنياته ، واعادة العراق الى الحاضنة العربية وفق مبادئ القومية والوطنية العراقية الحقة . هذه الوطنية التي شابها الكثير من الممارسات الضارة حتى كادت ان تنسى وسط ضجيج الاعلام المزيف والفضائيات المشبوهة ونعيق ادعياء الدين وقادة الطوائف والاحزاب . الذين ارادوا احلال المفاهيم البالية والتعصب القومي والمذهبي محل وطنية شعب عانى كثيرا حتى فقد بوصلته وتاه في المصاعب والمصائب
اننا ندعو الى اعادة اللحمة الوطنية والوئام للشعب العراقي عن طريق الحوار البناء وبمشاركة كل ابناء الشعب بغض النظر عن اديانهم و مذاهبهم او قومياتهم لتحقيق اهدافه في الحرية والحياة الحرة الكريمة التي كان ينشدها وليعيد بناء دولته . دولة المؤسسات لا دولة الاحزاب المنتفعة ، والميليشيات الفاسدة
ان الواجب الوطني يدعو كل العقلاء والنخب الحريصة على العراق كشعب ودولة للسعي الحثيث من اجل احتواء التعصب والتطرف المذهبي والقومي السائد الان . والعمل من اجل ضمان الوحدة الوطنية المهددة جديا لمخاطر التقسيم . وادارة الازمات ومعالجتها على وفق منطق العقل والعدل وليس على منطق الثأر والانتقام والاجتثاث ، الذي لم نحصل منه الا على مزيد من الخراب والاقتتال . ومد اليد الى الجميع ، لاعادة بناء الدولة على وفق مبادئ الوطنية والعدالة الانسانية . وليأخذ كل فرد عراقي حقه بغض النظر عن جنسه او دينه او مذهبه اوقوميته . وتوفير الامن والامان للجميع من دون استثناء لضمان وحدة العراق بكل طوائفه وقومياته ونتجنب كل دعوات الفرقة والتقسيم والتعامل مع الدول المحيطة والعالم اجمع تعامل الند والاحترام المبني على المصالح الدولية المتبادلة