7 أبريل، 2024 5:24 ص
Search
Close this search box.

احتلال من نوع اخر

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ ما يقارب المائة وخمسون سنة كان اهتمام العراقيين بالزراعة يكاد يختصر على ما يحتاجوه من قوت ليكفي ويسد حاجة العراقيين في باقي البلدات والمدن الكبيرة حتى سنة 1869 التي تم في وقتها افتتاح قناة السويس التي كان لها اثر عظيم على العراق من الناحيتين الاقتصادية والفكرية وما يهمني في الموضوع هو الجانب الاقتصادي .
حيث ان الزراعة من قبل قائمة على الاقتصاد القبلي بأن تكون الزراعة لسد حاجات القبيلة اي تنتج ما تحتاجه , ولكنها اصبحت فيما بعد تنتج من اجل البيع والربح ومن هنا قام المزارعين وخصوصاً في المنطقة الجنوبية بتحويل اراضيهم الى انتاج زراعي كبير من اجل بيعها في الاسواق الخارجية تدفعهم الى تلك الارباح بعدما اصبحت تلك الاسواق سهلة الوصول اليها , ومن اهم المنتوجات التمور حيث بدأ البصريين بغرس النخيل من اجل زيادة المنتوجات وكذلك تجارة الحبوب وغيرها مثل الحنظل وعرق السوس والكثيراء والصمغ , بالاضافة الى المنتوجات الحيوانية مثل الجلود والمصران والصوف . حتى تضاعفت الارباح السنوية الى اكثر من عشرين ضعف قبل الحرب العالمية الاولى .
الذي دفعني لطرح هذا الامر هو ما يحصل في هذه الفترة من اهمال في مجال الزراعة بشكل يؤلم وباتت الزراعة العراقية متردية جداً في ضل عدة عوامل داخلية وخارجية ساعدت على تدهور واقع الزراعة , فمن العوامل الداخلية عدم تقديم الاهتمام او الدعم الحكومي لتوفير متطلبات الزراعة بدء من اصلاح الاراضي واستخدام الاساليب العلمية الحديثة في طرق الري والسقي والتهجين ووسائل التخزين واستيراد بذور ذات المردود العالي والملائم كذلك العمل على تشجيع المزارعين وفرض الرسوم الكمركية على المنتوجات الزراعية المستوردة , اضف الى ذلك هجرة الفلاحين وتفضيل الالتحاق في سلك الخدمة العسكرية على الزراعة وخاصة بعد زيادة رواتب الداخلية والدفاع , اما العوامل الخارجية هي ازمة المياه التي عملت تركيا على انشاء سدود ومشاريع مستقبلية ادت الى انخفاض نسبة مياه نهري دجلة والفرات مما ادى الى تصحر مناطق واسعة  وارتفاع نسبة الملوحة في العديد من الاراضي الزراعية دون اي رد فعل من قبل الحكومة او اتخاذ موقف رسمي تجاه هذه الافعال .
حتى اضحت اسواق الخضار العراقية من كل قطر اغنية ! , فهذا الخيار السوري والبطاطا الاردنية والطماطم السوري والتفاح اللبناني والباذنجان التركي واللهانة الاردنية والبرتقال الافريقي والرقي التركي والكيوي الايراني والموز الصومالي واغلب باقي الخضار والفواكه وكذلك الحبوب والبقوليات تغزو اسواقنا من كل حدر وصوب , فبعدما كنا مصدرين اصبحنا والحمدلله مستوردين !.
ان اغلب الدول العظمى جل اهتمامها الاول ينحصر على الزراعة قبل كل شي وبعدها تاتي باقي المجالات , فأمريكا على سبيل المثال تصدر سنوياً ما يقارب الستين بالمائة من الانتاج الزراعي وتشكل المنتجات الزراعية 11% من قيمة الصادرات الكلي لها .
خوفي انه يأتي يوما ويصبح مسألة غزو الفواكه والخضار الاجنبية في اسواقنا كحكاية مسمار جحا ليأتي من يأتي مشتاقاً لخضاره وفواكهه في بلدي العزيز !

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب