17 نوفمبر، 2024 11:23 ص
Search
Close this search box.

احتلال المنطقة الخضراء وماذا بعد ؟

احتلال المنطقة الخضراء وماذا بعد ؟

مما لاشك فيه فان احتلال المنطقة الخضراء عملية لها ابعاد عميقة, ان الجماهير قد اخترقت الحواجز وتجاوزت الممنوعات ودخلت المنطقة الخضراء, المنطقة التى تقيم فيها نخبة 2003 ومؤسساتها, وبشكل خاص مواقع الرئاسات الثلاثة, بالاضافة الى السفاررات الاجنبية وبشكل خاص سفارة الولايات المتحدة الامريكية, التى تعتبر اكبر سفارة امريكية فى العالم. سواء ان كان اختراق المتظاهرين المنطقة الخضراء جاء عن اتفاق مسبق بين السيد الصدر قائد التيار الصدرى والسيد رئيس الوزراء الدكتور العبادى, ام انها جاءت من خلال تصميم السيد الصدر وتأكيده على ضرورة الاصلاحات واعلان تشكليلة وزارية من التنكنوقراط المتخصصين دون مماطلة ووعود وتأجيلات. لقد تعرف المتظاهرون على المنطقة الخضراء كمنطقة متحضرة جميلة نظيفة تملك تاريخا وجغرافية اضافت عليها بعدا حضاريا متقدما, انها شىء اخر عن مناطقهم السكنية التى يعشون بها والتى تعتبر رمزا للتخلف وتدهور البنية التحتية الاساسية والتى احتلت مدينة بغداد, العاصمة, سلم التدرج العالمى للقيمة النوعية التى توفرها المدن للمعيشة. ان احتلال المنطقة الخضراء تمثل تجربة عملية, جماهيرية وذاتية حول واقع التباين الشاسع بين حياة النخبة الحاكمة المرفهة والمدللة والحياة القاسية البائسة المفروضة على عموم الشعب. ان احد اهم روافد المعرفة وعملية تكوين الوعى, هى التجربة المباشرة والتى يرافقها مع الوقت عملية التأمل والتفكير واعادة النظر فى المسلمات ومحاولى الوقوف على الحقائق وكشف الاكاذيب والوعود الزائفة. ان تجربة الاختراق لم تكن فسحة سياحة وتجوال فى شوراع المنطقة والانبهار بالحدائق والابنية, وانما تم اختراق واحتلال مؤسسات الدولة, خاصة مقرات البرلمان ومجلس الوزراء, وليس اخيرا هروب ممثلى الشعب الاشاوس.من غضب الشعب, ويعنى هذا رفض للنخب المسيطرة على ادارة الدولة وما اسست له من فساد وانحلال وتقويض لمنظمومة القيم والاعراف الاجتماعية.
ان المنطقة الخضراء كتاسيس امريكى لما بعد الاحتلال, يعنى انها المركز الستراتيجى لقوات الاحتلال التى منها تقوم بأدارة دفة الحكم.ان المنطقة الخضراء, كحقيقة جغرافية, تقع فى العراق, وفى العاصمة بغداد, الا انها محضورة على العراقيين,الا لعدد محدود من العراقيين المتفق عليم مسبقا والمقبوليين امريكيا وايرانيا. ان احتلالها والرموز التى توجد بها هى جزء مهم من عملية تحرر وطنى وانتفاضة شعبية. وسوف تبقى فى العقل الجمعى والتجربة النضالية الشعبية للعراقيين, التى لا علاقة لها, و بعيدة عن الارتباط بالسيد الصدر والتيار الذى يتزعمه.
ان الحراك الشعبى قد برز مع تولى نورى المالكى وزارته الاولى واستمر فى ولايته الثانية مطالبا بالاصلاح والايفاء بالوعود وتنفيذ منظمومة البنية التحتية, ويعلم الجميع بان حصيلة الانجازات كانت لا شىء يستحق الذكر الا ان السرقات والرشاوى والتبذير والفساد التى قامت بها النخب كان ما يقارب من 900 مليار دولار, ناهيك عن الاحتياطى العراقى فى البنك المركزى الذى فى عملية ذوبان مستمر, واليوم فان البلد على حافة الانهيار , البلد المتخم بالخيرات والعقول النيرة مهدد بالافلاس واصبح , كما يقول اللسان الشعبى “على الحديدة” , ولا زال العراقيون يحترقون بشمس الصيف وانقطاع الكهرباء, وفيضانات الامطار فى بغداد والعديد من المدن العراقية وتصاعد اعداد العاطلين عن العمل ومازالت مدن واراضى عراقية محتلة من قبل داعش, ولا توجد اى مؤشرات لمستقبل افضل. ان تضاهرات واحتجاجات السكان قد تصاعدت منذ اكثر من تسعة اشهر, ولم تقتصر على العاصمة بغداد, وانما شملت مدن عراقية اخر , تطالب بالاصلاحات ومحاربة الفساد ورفض مبدأ المحاصصة فى تركيبة الحكم العراقية. ان استقلالية حركة التظاهرات والاحتجاج فقد استقلاليتها حينما اخذ التيار الصدرى يشارك فى الاحتجاجات والمظاهرات وقد طغى عليها وجاءت التهديدات المعروفة بوزارة تكنوقراط ومتخصصين يستطيعون العمل باستقلالية تقودهم مبادى العلم والتجربة والخبرة العملية. انه من الغرابة بمكان ان ينهض السيد الصدر ويطالب بالاصلاحات ويهدد رئاسة الوزارة والسيد العبادى بالاسراع فى تقديم الكابينة الوزاريةوكانة يدخل العملية السياسية حديثا ولم يشارك فيها منذ البداية, ان التيار الصرى له فى البرلمان 40 نائبا وعدد من الوزارات والوزراء ومدراء عامون, الم تمثل الوزارات قلاعى حصينة للكلتة السياسية التى ترجع اليها, لماذ لم يحاسب النواب والوزراء على تقصيرهم فى ادائهم الوظيفى والثراء الفاحش الذى حصلوا علية بسرعة قياسية, ان الاعرجى , نائب رئيس الوزراء من التيار الصدرى هو نموذج بشع جدا من التيار الصدرى, الا انه مازال يسرح ويمرح ويدعى النزاهة والامانة ولا يختلف كثيرا عن بقية النخبة الفاسدة من جميع الكتل السياسية.
ان الاحداث الاخيرة , منذ اعتصام النواب والمطالبة بتنحية رئيس المجلس النيابى,,, واخيرا باحتلال المنطقة الخضراء هو مؤشر لتناقضات فى داخل الائتلاف الشيعى ليس لها علاقة بالوطن والشعب, انها صراعات بين اقطاب الائتلاف الشيعى حول النفوذ والسلطة والامتيازات, مدفوعين بالالتزامات الاقليمية والدولية,القديمة والحديثة التى افرزتها التطورات الدولية وفشل حكومة العبادى فى مواجهة وتحديد سلطات المالكى رئيس حزب الدعوة, واجراء اصلاحات حقيقية.
ان الخلافات فى صفوف الائتلاف الشيعى سوف تنتهى بالتراضى, هذا امر لابد منه, انهم يحتاجون بعضهم البعض والا فان الكتل الاخرى جاهزة الاستعداد للقضاء عليهم, ولايمكن
التنازل عن السلطة والثروة والامتيازات لما يسمى بالوطن والمبادىء والعقيدة, هذه خرافات ودين الضعفاء والمحرومين!!!
ان النخب التى صعدت الى السلطة منذ 2003 قد تجاوزت عمرها فى السلطة وسوف تقود البلد الى نهاية مفجعة, انهم لايستطيعون ولا يرغبون فى حل اى قضية تهم الشعب ومستقبل البلد, وقد بدى واضحا مستوى دونيتهم وانهم فسادهم…!! لقد حان الوفت ان يشعروا بالخوف اولا ومبدئيا, عسى ان يدكوا ان ابناء الشعب لهم الحق بحياة محترمة كريمة.

أحدث المقالات