بقدر ما تشكل ذكرى احتلال الكويت في 2/8/1990 من كل عام ألما كبيرا لدى الكويتيين ولكنه ممزوج بفرح تحريرها وأعادة الأعتبارلها ولشعبها ، فأنه بنفس الوقت يشكل ألما كبيرا وقاسيا ومخزيا على العراق وشعبه الذي لازال يدفع ثمن ذنب لم يرتكبه وليست له يد ومصلحة في ذلك، فالشعب العراقي لازال يدفع ثمن تصرفات رئيسه المجنون الأحمق اللئيم الذي سلم العراق ترابا خرابا مدمرا مثلما كان يتوعد بذلك(من يستلم العراق بعدنا فسنسلمه العراق ترابا)!،ترك العراق مكبلا بالأحتلال وبالديون المرهقة وبعقوبات دولية لا تعرف أسرارها! ولا يعرف متى ستنتهي منذ معاهدة( خيمة صفوان) المخزية عام 1991 التي وقع (هاشم سلطان) وزير الدفاع حينها والمسجون حاليا على كل بنودها بلا أية قراءة وأعتراض!، كما أمره بذلك (صدام)، وأطلقت الصحف العربية والغربية حينها على (صدام) أسم (مستر يس)! من باب السخرية والتندر عليه،وقد علق الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك على معاهدة صفوان قائلا( لو العراقيين عرفوا ما تم التوقيع عليه في خيمة صفوان لبكوا العمر كله!!). نعود الى الموضوع ، فأذا كانت مصيبة وآلام الكويتيين قد أنتهت بعد قرابة 7 أشهر حيث تم تحرير الكويت في 26/2/1991 بمعركة (عاصفة الصحراء) التي أشتركت فيها 30 دولة أجنبية وعربية! بقيادة أمريكا. فأن مصيبة ومسلسل آلام ونكبات العراقيين مستمر وبلا أنقطاع وتوقف منذ الحرب العراقية الأيرانية في ثمانينات القرن الماضي ولحد الآن وقد تنوع بين حروب خارجية وهزائم وأنتفاظات وحروب داخلية وحصار وأحتلال وحروب أهلية طائفية. فالعراق وبعد 27 عاما من أحتلاله الكويت أصبح الان هو محتلا من قبل أمريكا وباقي دول الجوار والدول الأقليمية! التي عاثت فيه خرابا وفسادا ودمارا منذ عام 2003 ولحد الآن. ولا ندري أهي مشيئة الله وعقوبته للعراقيين؟، أم هي بسبب أنتهازية ونفاق شعب قيل عنه تاريخيا (أهل شقاق ونفاق)؟!، أم هي بسبب أخطاء ودكتاتورية حاكم مستبد مجنون، جر كل هذه الويلات والمصائب على شعبه ووطنه؟، وأذا كان الأمر كذلك فما ذنب هذا الشعب وما ذنب هذا الوطن في أن يتحمل كل هذه الألام والمأسي والخراب!، رحماك يارب من هذا العذاب.لقد كان أحتلال الكويت خطأ كارثيا فادحا قصم ظهر النظام السابق وشكل بداية أنهياره وفتح ومهد الطريق لأمريكا بالدخول أكثر للمنطقة العربية ومن ثم أحتلال العراق، بعد أن أنهكته بحصار قاسي مدمر دام قرابة 12 عام. فقد نجحت أمريكا بأستدراج رئيس النظام السابق الأحمق وأيقاعه في الفخ الذي نصبته له بالهجوم على الكويت مثلما أوقعته من قبل في فخ الحرب مع أيران عام 1980! . فلا زال العراق ومن بعد 27 عاما على تحرير الكويت واقع تحت بنود العقوبات الدولية التي فرضت عليه (عقوبة البند السابع والبند السادس) بكل ألتزاماتها وفقراتها المدمرة.الكويتيين من جانبهم لم يكتفوا بأخذ حقوقهم (أخذوها ثالث ومثلث) كما يقال!، وكل التعويضات التي أقرها لهم مجلس الأمن والأمم المتحدة، بل ظلت نار الحقد والثأر والأنتقام تتقد في نفوسهم، وكان لهم ذلك فقد أنتقموا من العراق شر أنتقام وذلك بمساهمتهم بحرق ونهب وتدمير كل وزارات ومؤؤسات الدولة العراقية عندما دخلوا مع القوات الأمريكية الغازية!!؟. الصحف الكويتية وكما في كل عام خرجت بيوم ذكرى أحتلال الكويت بعدد من المانشيتات الكبيرة التي تدين الأحتلال وتسخر وتشمت من العراق وما جرى عليه من بعد غزو الكويت ونقتطف منها ما يلي:( الكارثة المشؤومة- الكارثة التي هزت العالم من شرقه الى غربه- غزو مباغت لم يخطر على بال- بلد عربي يحتل بلد عربي بلا أسباب- العراق لن يستقر ولا يرتاح فقد حلت عليه لعنة الكويت، فهو من حرب الى حرب ومن دمار الى دمار- على الحكومة العراقية أن تقدم أعتذارها للكويت أميرا وحكومة وشعبا- أعظم خيانة عربية في التاريخ الحديث- الجريمة التي هزت ما تبقى من العروبة في أوطاننا المشتتة- صدمة غير مسبوقة زلزلت الكيان العربي- تعرض الأمن القومي العربي لأكبر شرخ في مفهومه وبنيانه، وما زالت اثاره وتبعياته السياسية والأقتصادية والعسكرية والنفسية)، الى هنا نكتفي بهذه المقتطفات من مانشيتات الصحف الكويتية التي ظهرت يوم 2/8/2018 في ذكرى أحتلال الكويت.نعود الى صلب الموضوع‘ أن عموم الشعب الكويتي لم ولن ينسى للعراق أحتلاله للكويت حتى وان قدم العراق عشرات الأعتذارات، كما ان الكويتيين لا يريدوا حتى أن يفهموا بأن الهجوم على الكويت وأحتلاله كان قرارا لا يعلم به سوى (3) أشخاص من القيادة حينها ( صدام، وعزت الدوري ، وأبنه قصي)!. وهنا لا بد من الأشارة الى الأحراج الذي وقع فيه السفير العراقي الحالي في الكويت (علاء الهاشمي)، عندما طلب وبرجاء من الكويتيين أن يغيروا تسمية ما مكتوب في المناهج الدراسية الكويتية من (الغزو العراقي) الى (الغزو الصدامي)، بأعتبار أن الشعب العراقي ليس له يد في كل ما جرى، في محاولة بائسة! من السفيرالعراقي لتلطيف الأجواء وأزالة شيء من الحقد الكويتي الدفين على العراق. وهنا أنقلبت الدنيا على السفير العراقي ولم تقعد!!، فسرعان ما جاءت عليه الردود القاسية يمنة ويسرى!، ردا على ما قاله، من هذا النائب الكويتي ومن هذا الوزير ومن ذلك المسؤول ومن ذلك الناشط السياسي، نقتطف جزء منها: ما قالته النائبة الكويتية صفاء الهاشم ( سيظل تسميته بالغزو العراقي الغاشم، ولن نتسامح ولن ننسى جمرة أسرانا وشهدائنا، وجمرة خيانة الجار للجار لن تنطفيء في قلوبنا)، الناشط وليد عبد الله الغانم (بدلا من هذا التصريح الوقح، قف على رجلك، ونزل رأسك وقدم أعتذارا متجددا للشهداء والأسرى والمفقودين رحمهم الله، وتأسف على جرائم النظام العراقي البائد ضد الكويت، وطالب حكومتك بتدريس هذه الجرائم في مناهجها التعليمية لتتعظ الأجيال العراقية القادمة)، النائب عبد الكريم الكندري ( ان آثار الغزو محفورة في ذاكرة الكويتيين، محفورة في ذاكرة من عاصرها وستظل محفورة بذاكرة الأجيال القادمة، وأعتبار التصريح أستفزازا لمشاعر الكويتيين وتدخل في شؤون دولة الكويت). أما الناشط السياسي الدكتور عبيد الوسمي فقال موجها كلامه للسفير العراقي ( سعادة سفير العراق ان تسمية الغزو العراقي هو التعبير الوارد بقرارات دولية صادرة عن مجلس الأمن الدولي الذي اعطاه هذه التسمية وليس راجعا لتقدير السلطات في الكويت، كما أنه ليس بأمكان الكويت أن تتجاوز الشرعية الدولية لمجاملة السفير!، يبدو أن السفير لم يكلف نفسه قراءة قرارات متصله بعمله، وحياك الله في حدود عملك).الى هنا أنتهت المقتطفات والردود على كلام السفير العراقي. أقول، وبعيدا عما طلبه السفير العراقي، وحسن النية الوارد والواضح في طلبه والرجل (لم يكفر)! ولكن من خلال المانشيتات التي ظهرت بذكرى الأحتلال والمقتطفات التي ردت عليه من قبل المسؤولين الكويتين ، يتضح حجم الحقد والكره الذي يكنه الكويتيين للعراقيين والذي لا أعتقد أنه سيزول حتى قيام الساعة!! وصدق الشاعر عندما قال ( أن القلوب أذا تنافر ودها مثل الزجاج كسرها لا يجبر). وسيبقى موضوع تسمية أحتلال الكويت بين (غزو صدامي أو غزو عراقي) قائما بأختلافه ومثار جدل كبير ولو ان كل المعطيات والحقائق والأدلة تؤكد بأنه غزو صدامي غاشم لا دخل للشعب العراقي فيه، ونجعل الله حكما على الكويت وأهلها. ومن الطبيعي ان رأي حكومة الكويت رسميا يختلف عن (المزاج الشعبي والجماهيري والذي هو يمثل الواقع والحقيقة!)، حيث تتعامل الحكومة الكويتية مع العراق وفق الأطر الدولية والقانونية وتظهر له المحبة والأحترام!، ولكنها تعرف كيف تنتقم من العراق بالشكل الرسمي!!، وكيف تخنق العراق وتحاصره وتكبله حتى لن تقوم له قائمة ولكن بالشكل الرسمي والقانوني، وهاهي الكويت توسعت وكبرت على حساب العراق وقضمت الكثير من الأراضي النفطية للعراق والحدود البرية والبحرية برضا وقناعة الحكومة العراقية(حكومات ما بعد الأحتلال الأمريكي للعراق)!، فهذه الحكومات الهجينة والتي بدلا من تعيد بناء شيء بسيط من أسم العراق امام العالم، زادته خرابا ودمارا بفسادها ونهبها لكل ثروات العراق، وزادت العراق خزيا امام كل العالم حتى احتل المرتبة 170 بالفساد من مجموع 175 دولة الأكثر فسادا في العالم!!.أخيرا نقول: ذهب صدام بكل سيئاته وقلة حسناته بعد أن ترك العراق مدمرا في كل شيء حجرا وبشرا، وكما كان يقول ويهدد! بسبب طيشه وغروره وجبروته ودكتاتوريته العمياء،كما وأن الكويت تحررت وأخذت كل حقوقها وعادت لتبني وطنها بكل روح وطنية من أميرهم وحكومتهم وشعبهم وحبهم لكويتهم. وهنا لابد من الأشارة :(بأن العراق لازال يدفع سنويا للكويت ما قيمته مليار دولار عن العقوبات التي فرضت عليه كتعويض للكويت، حيث لم تتنازل الحكومة الكويتية عن المبلغ المتبقي والمقرر من قبل مجلس الأمن والبالغ 4 مليار دولار!)، رغم طلب الحكومة العراقية ذلك لأكثر من مرة.(وأن مؤتمر المانحين لمساعدة العراق والذي عقد قبل أشهر في الكويت كان بمثابة أذلال للعراق بشكل واضح وقد تقبلته الحكومة العراقية بأبتسامة!، ولم يحصل العراق من المؤتمر ألا المذلة والسخرية!!). بعد كل هذا الأستعراض لموضوع أحتلال الكويت نسأل هنا: ماذا فعلت وقدمت الحكومات التي جاءت بعد سقوط النظام السابق وأحتلال الأمريكان للعراق من علاوي الى العبادي مرورا بالجعفري والمالكي؟ وماذا فعلنا نحن كشعب في وطننا؟ فأذا كان صدام قد سلم العراق خرابا مدمرا فنحن كشعب والحكومات التي قادت العراق منذ 2003 ولحد الآن مزقنا ما تبقى فيه ونهبناه وسرقناه، ولم نكتفي ألا بتحويله الى دويلات صغيرة طائفية متقاتلة!. ولا حول ولا قوة ألا بالله.