23 ديسمبر، 2024 6:46 ص

احتقار القرآن للحياة 4/4

احتقار القرآن للحياة 4/4

ثم هذه الآيات يناقض بعضها البعض، كما هي آيات تحريم بعض الأطعمة، فالآية التي تستخدم أداة الحصر، بمعنى أن هذا ولا غيره معني هنا بالتحريم بالنسبة للأطعمة، أو معني بتعريف الحياة، فتذكر الآية المستخدمة لبعض العناصر، سواء عنصر واحد، أو اثنين، فيفترض ألا وجود لغير ما ذكر بدليل صيغة الحصر. ثم تعود آية أخرى بنفس الموضوع، ومرة أخرى بصيغة الحصر، فإما تذكر عناصر أخرى غير التي ذكرتها في الأولى، وإما تضيف عناصر جديدة. وهذا حصل أيضا في آيات ذكر الأطعمة المحرمة، فنجد آية تسرد محرمات الطعام باستخدام صيغة الحصر، وتؤكد عدم حرمة غير ما سردته، ثم تأتي آية أخرى أيضا بصيغة الحصر، لتضيف محرمات أخرى، مما يدل إن الله القرآني ينسى ثم يتذكر ويتدارك، لأن المتحدث على لسان الله بشر من طبيعته أن ينسى.

فإذا كانت الحياة (الدنيا) ليست إلا لهوا ولعبا أو لعبا ولهوا، لا فرق، فلماذا يأتي المؤلف – الذي يفترض أنه الله العالم بكل شيء – بآية أخرى يعرّف بها الحياة أيضا بتوصيفات حصرية، إما تكون غير اللهو واللعب اللذين حصر بهما تعريف الحياة الدنيا، ذلك بوصفها متاع الغرور، أو بتأكيد ذينك الوصفين، مضيفا إليهما صفتين، تتكون الثانية من ألف وباء، فتكون ثلاثا، ألا هي التفاخر، والتكاثر بالأموال، والتكاثر بالأولاد. هل نسي هذه الصفات الإضافية عندما ذكر الاثنتين السابقتين حصرا بهما، ثم تذكر الصفات الأخرى، فرأى أن ينزل آية أخرى، يضيف فيها ما تذكره؟ أليس هذا إساءة إلى الله من قبل مؤلف القرآن ولو من حيث لا يشعر، وهو يدعو إلى عبادته وتوحيده؟ وهل عبادة الله عنده إلا طاعته فيما اقتبس ونقح وابتكر من شرائع، جعلها شريعة الله، يكون الالزام بها تأشيرة دخول إلى الجنة، وعد الالتزام بها بطاقة دعوة شرف إلى نار جهنم وبئس المصير خالدين فيها أبدا؟ أمعقول أن يكون هذا دين الله وكتاب الله؟

ثم هذه الآيات المعرفة تعريفا حصريا للحياة الدنيا تنقض آيات أخرى في القرآن، وهي التي تنفي أن الله قد خلقنا عبثا، أو التي تؤكد أنه ما خلقنا وخلق السماوات والأرض بالحق، فتوصيف الحياة بالأوصاف التي مرت يدل على أن الله – تعالى عن ذلك – قد خلقنا فعلا عبثا، وإن خلقنا كان باطلا ولم يكن حقا. فاستغفروا ربكم وسبحوه ونزهوه أيها المؤمنون بالقرآن، إن كنتم به مؤمنين.