21 مايو، 2024 12:52 ص
Search
Close this search box.

اجيالنا القادمة .. من يحميها ؟!!  

Facebook
Twitter
LinkedIn

عّرفت منظمة اليونسكو ظاهرة التسرب الدراسي بأنه انقطاع الطالب عن الدراسة في مرحلة تعليمية معينة ، ويشير الباحثون في الشأن التربوي الى ان ظاهرة التسرب من النظام التعليمي لها أسباب متعددة ومتشعّبة تختلط فيها الأسباب التربوية مع الأسرية مع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.. وغيرها. فظاهرة التسرب هي نتاج لمجموعة من الأسباب تتفاعل وتتراكم مع بعضها تصاعديا لتدفع الطالب وبقبول من أسرته إما برضاها أو كأمر واقع إلى خروج الطالب من النظام التعليمي قبل الانتهاء من المرحلة التعليمية التي ابتدأ فيها ، وتكون النتيجة الحتمية لذلك خلق جيل جاهل وغير منتج يكون عبئا على اسرته والمجتمع برمته مستقبلا .
وتشير احدى الدراسات الى ان التسرب هو إهدار تربوي هائل وله تأثير سلبي في جميع نواحي الحياة للمجتمع وبنائه، فهو يزيد من حجم الأمية والبطالة ويضعف البنية الاقتصادية الإنتاجية للمجتمع والفرد، ويزيد من الاتكالية والاعتماد على الغير في توفير الاحتياجات، ويزيد من السلوكيات المنحرفة في المجتمع كالسرقة والاعتداء على الآخرين وممتلكاتهم مما يضعف خارطة المجتمع ويفسدها. والتسرب يؤدي إلى تحول اهتمام المجتمع من البناء والإعمار والتطور والازدهار إلى الاهتمام بمراكز الإصلاح والعلاج والإرشاد، والى زيادة عدد السجون والمستشفيات ونفقاتها ونفقات العناية الصحية العلاجية. كما يؤدي تفاقم التسرب إلى استمرار الجهل والتخلف وبالتالي سيطرة العادات والتقاليد البالية التي تحد وتعيق تطور المجتمع مثل: الزواج المبكر والسيطرة الأبوية المطلقة وبالتالي حرمان المجتمع من ممارسة الديمقراطية وحرمان أفراده من حقوقهم ويتحول المجتمع إلى مجتمع مقهور ومسيطر عليه لأنه لا يمكن أن يكون المجتمع سيداً وحراً وفي نفس الوقت جاهلاً: مجتمع تسوده العنصرية والتحيز والانغلاق والتعصب.
ومما لا شك فيه فأن الفقر والحاجة لتلبية الحاجات اليومية الثابتة لاي انسان وهي الطعام بالدرجة الاساس قد تدفع الاطفال او الشباب الى العمل على حساب الدراسة وتحقيق الذات في المستقبل وحرمان عشرات الالاف من فرصة ان يكونوا شيء له قيمة فيما بعد ، وتعاظم ظاهرة ترك الدراسة هو مؤشر خطير جداً يحدق بجيل كامل في قادم الايام ما لم يوضع حد لها بشكل آمن وسليم .
فمن غير المعقول بمكان ان اغلب سائقي سيارات الاجرة وهم في ريعانة الشباب  ، عند سؤالهم عن محصلهم العلمي ، يكون ردهم بانهم لم يكملوا دراستهم .. ومما يزيد الامر تعقيداً ان البعض منهم متزوج ومسؤول عن اسرة .
و لا تقتصر هذه الظاهرة عند الذكور فقط بل تجاوز الامر الى الاناث ايضاً ، وبارقام مخيفة تزداد سنوياً ، وبالضرورة فان اغلب غير المتعلمين يقترنون بزوجات غير متعلمات ، مما سينتج اسرة لاتحترم التعليم ولا تقيم له وزنا وهذا يعني اننا سنبقى نعاني من هذه الظاهرة لاجيال قادمة ان لم تنتبه الجهات المسؤولة وتضع الخطط الكفيلة للحد منها تدريجيا على الاقل خلال السنوات القادمة .
وتبرز هنا الدعوة الى بناء سياسة تربوية جديدة تأخذ بالحسبان كل النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والامنية علاوة على مراعاة المناهج الدراسية ومد جسور الثقة بين الاسرة والمدرسة وبحث امور الطلبة مع اولياء الامور بشكل جدي وايجاد المعالجات الحقيقية للحفاظ على اجيالنا من الضياع .
واجد من الضروري ان تضطلع الجهات المسؤولة عن تربية وتعليم نشأنا من وزارة التربية وصولاً الى مجلس النواب بأصدار قوانين لمنع تشغيل الاطفال ومكافحة التسول الى جانب تفعيل العمل بقانون التعليم الالزامي وتطبيق العقوبات الواردة فيه على اولياء الامور .
وليس معيباً ان نوفر خدمات التوجيه والارشاد النفسي والتربوي للتلاميذ واسرهم والتأهيل المستمر للتربويين على ضوء ما يستجد من معطيات في العلوم التربوية والنفسية .
واجد من الضروري جداً تفعيل قانون المُنح المالية للطلبة الذي اقره البرلمان لدعم العوائل الفقيرة وذات الدخل المحدود لتشجيع ابنائها على مواصلة مشوارهم الدراسي وتحقيق التفوق المطلوب لخدمة بلدهم الغالي . 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب