19 ديسمبر، 2024 4:09 ص

اجواء الغضب تسود الجالية العراقية في فنلندا

اجواء الغضب تسود الجالية العراقية في فنلندا

السفارة في هلسنكي تتسبب في إرباك كبير في غياب رئيس بعثتها وتحجب الكثير من ابناء الجالية عن مشاركتهم في الانتخابات
تباينت ردود أفعال ابناء الجالية العراقية وسط اجواء من الغضب والاستياء التي سادت اغلب المدن الفنلندية إزاء اعلانين متناقضين نشرتهما السفارة العراقية في هلسنكي على موقعها الرسمي خلال يومين متتاليين، حيث تسبب الاعلانان بارباك الناخبين واغلب ابناء الجالية العراقية المقيمة في فنلندا. فقبيل ايام على موعد الانتخابات، التي شهدت استعدادات مكثفة وتنسيق موحد من قبل ابناء الجالية العراقية وعزمها للتوجه الى السويد لإدلاء باصواتها في صناديق الاقتراع التي حددتها المفوضية العليا للانتخابات النيابية لعام 2014، بعد رفض المفوضية سابقاً بفتح مركز انتخابي في فنلندا، تفاجأ اغلب ابناء الجالية اعلان السفارة الذي نشرته على موقعها الرسمي بتاريخ 22/4/2014، المتضمن قرار موافقة المفوضية العليا للانتخابات على فتح مركز انتخابي في العاصمة هلسنكي يغنيهم عناء السفر الى السويد. فبالرغم من غرابة الاعلان من حيث توقيته واهمية مضمونه، رأى البعض في قرار المفوضية العليا للانتخابات بفتح مركز انتخابي في هلسنكي الخطوة المنشودة في مسارها الصحيح رغم تأخرها، تفرضها الضرورة الوطنية الى جانب الضرورة القانونية والفنية في اطار انجاح العملية الانتخابية برمتها. اذ يقدر عدد ابناء الجالية العراقية المقيمة في فنلندا الى اكثر من عشرة آلاف عراقي، وفقاً لاحصائيات عام 2010 (مديرية الاحصاء المركز في هلسنكي)، اذ يشكل غالبيتهم عدد الناخبين ممن يحق له التصويت والمشاركة في الانتخابات. ناهيك عن الغبطة والفرح اللتان غمرتا صدور الاغلبية في تسهيل مهامهم الوطنية اسوة بباقي شعوب العالم والتفاتة حكوماتها جنبا الى جنب حرص المفوضية والتزاماتها في تقديم كافة الاحتياجات المادية والفنية وتوفير انسب الفرص والاجواء التي تساهم في تذييل العقابات وتسهيل المهمة الانتخابية وترسيخ القييم الديمقراطية.

كما رأى البعض ان في القرار نتائج طبيعية لمناشدات كثيرة ومكثفة من قبل ابناء الجالية العراقية المقيمة في فنلندا التي مارست ضغوطاتها المشروعة وفق القانون عبر قنواتها والتي جاءت بالتوافق مع مطالبات رسمية ارسلتها هيئة تنسيق القوى السياسية العراقية العاملة في فنلندا جنب الى جنب مخاطبات السفارة اسوة بالسفارات العراقية المعتمدة في النرويج والدنمارك والسويد التي نجحت في مساعيها الى فتح مراكز ومحطات انتخابية لرعاياها المقيمة في ساحة عملها. كما انتاب البعض من اعلان السفارة في هذا الوقت بالتحديد وقبيل موعد الانتخابات باربعة ايام، مخاوف وقلق شديدين بسبب انعدام الثقة بين السفارة التي دأبت مؤخراً في تقديم اسوء نموذج للعمل والتمثيل الدبلوماسي، وبين ابناء الجالية التي تعالت احتجاجاتها وانتقاداتها ضد ممارسات السفارة المستمرة التي ساهمت في تلويث العلاقة بينهما وساعدت على توسيع الفجوة بين السفارة ورعاياها، مما اجبرت كلا الطرفين على التزام الحرد والعزلة بينهما.

وبناءاً على ما نشرته السفارة وتأكيداتها على تنفيذ القرار، توجه عدد كبير من ابناء الجالية الى الغاء حجز رحلاتهم المتوجهة الى السويد عبر البحر او الجو والتأهب لمشاركة في العملية الانتخابية في فنلندا من دون ارق السفر ومشاكله. ولم يحبط او يثبط هذا التغيير رغم حراجة الوقت من عزيمة العراقيين على اصرارهم بالمشاركة، بل زاد من عزيمتهم وشجع الاخرون للمشاركة، وخاصة ان هنالك الكثير من العراقيين يجد الصعوبة في توفير مبالغ السفر او منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وايضا كبار السن والمتعففين جدا بسبب غلاء المعيشة، والعاطلين عن العمل واولياء الاسر الكبيرة التي بحاجة الى ترتيبات مكثفة وتنسيق عالي الدرجة. وبالرغم من جميع هذه الاسباب نجد في الغالبية رغبة حقيقية في المشاركة في الانتخابات العامة النيابية المزمع اجراؤها في 27 و28 من نيسان 2014، لعراقي الخارج.

في ظهيرة اليوم التالي تفاجأ العراقييون جميعاً اعلان ثاني نشرته السفارة العراقية في هلسنكي على موقعها الرسمي يتضمن قرار تعذر المفوضية العاليا للانتخابات لعدم تمكنها فتح مركز انتخابي في هلسنكي وذلك لعدم توفر المواد الانتخابية وطالبت ابناء الجالية التوجه الى السويد للإدلاء باصواتهم وحثهم على المشاركة. اذ جاء الاعلان الثاني بمثابة زلزال تسبب في انهيار جميع الاستعدادات والتنسيق والثبات في ضربة واحدة موجعة. حيث اعربت اوساط كثيرة من ابناء الجالية العراقية، عن امتعاضها وغضبها واستنكارها الشديد لما نشرته السفارة العراقية من اعلانين متناقضين قد ساهما في إرباك شديد لجميع ابناء الجالية. كما اتهم عدد كبير منهم السفارة بالتآمر على البلد وعلى إرادة رعاياها في المشاركة وتأطير حياتهم القانونية في هذه الممارسة الانتخابية المصيرية. و بذي، اكد الكثير منهم شعوره بالاحباط الشديد اتجاه البعثة الدبلوماسية التي تحولت الى مصدر مقلق لحياتهم وعامل مساهم في ايذائهم، اذ يفند البعض من ابناء الجالية في الاعلانين موقف السفارة المعارض والصريح ازاء رغبة الاغلبية الشديدة في المشاركة واختيار ممثلها ممن يعبر عن نبضها ووجودها ويسعى الى تحقيق طموحها في بلد يسوده القانون وتنشط فيه المؤسسات.

ففي حالة من الانكسار والاحباط ووسط اجواء من الغضب والاستياء وفي سابقة خطيرة لم تشهدها الجالية العراقية المقيمة في فنلندا من قبل، عبر الاغلبية من ابناء الجالية العراقية عن دهشتها في تسرع السفارة بنشر الاعلانيين من دون تحليل ملزم لطبيعة القرار ومدى تأثيره من حيث حراجة الوقت والجهد والضرر. خاصة ان السفارة كبعثة دبلوماسية وبوجود عدد كبير من موظفي الخارجية من ذوي الخبرات في العمل الدبلوماسي، لا شك انها قادرة على اتخاذ قرار صائب في ظروف حرجة ومصيرية كهذه من دون اي تداعيات ضارة للمصلحة العامة. بحكم ان البعثة الدبلوماسية قائمة في مهامها على اهمية مبدأ التحليل والتنسيق والتنفيذ.

لكن ما حدث يعكس واجهة اخرى يختبأ وراءها كم هائل من التناقض: كادر كبير من موظفي الخارجية يتخذون قرارتهم برغبات وجدانية و بدافع التجربة المجانية بدون دراسة او قراءة صحيحة او تحليل او مراعاة للمهنية بشروط العمل الدبلوماسي في ابسط مبادئه. وان ما حدث بالتأكيد يعبر عن فشل حقيقي وخراب هيكلي للبعثة الدبلوماسية التي تسببت في كارثة حقيقية وضرر كبير لمصالح رعاياها بغياب رئيسها الدكتور سعد جواد قنديل الذي كان يتمتع بعطلة عيد الفصح خارج فنلندا.

جميع ابناء الجالية العراقية تتساءل الآن عن الجهة التي لابد ان تتحمل تداعيات الضرر الناجم عن اعلان السفارة الاول. وخاصة ان الاعلان كان يمكن ان يسبب حجب كامل لمشاركة ابناء الجالية في الانتخابات. وفيما يبدو ان السفارة وكالعادة تتعامل مع الاحداث المهمة بهذه السطحية وحسب امكاناتها المتواضعة مستندة على عامل التباهي والاثارة فقط بعيدا عن اي مسؤولية وكأنها (ملتقى معاقين ) مرفوع عنهم قلم العقاب او التأنيب او الملامة او الانتقاد.

يعلم الجميع من ان السفارة كانت بحاجة الى امس منجز تحاول من خلاله رفع رصيدها امام رؤسائها بعد كيل من الاتهامات لاداءها في الفترة الاخيرة، واعتقدت لربما السفارة بهذه الخطوة يمكنها الاعلان عن وجودها وخروجها من الغار الذي قبعت فيه لفترة طويلة ودخولها لمدار مجرة رعاياها الحقيقي خلال فترة غياب رئيس بعثتها. ورغم تأكيدات الاغلبية باتخاذ موقف ضد من تحمل بهذا الارباك، فإن الاغلبية تتفق من ان السفارة بهذيّ الاعلانيين اقترفت اقبح ممارسة ضد اعتبارها التمثيلي واهانه لوجودها ولوجود رعاياها. وان غياب سفيرها خارج البلد في احلك الظروف يعد هو الآخر سبب حقيقي لهذه الكارثة. كما يرى الكثير ان السفارة قد اعلنت عن فشلها وعن فشل موظفيها جميعا، وياطلب اغلبية ابناء الجالية بتوضيح من قبل إدارة السفارة عن تسببها في حجب عدد كبير من ابناء الجالية من المشاركة في الانتخابات فيما اذا لم يتمكن احدهم من ايجاد فرصة للسفر الى السويد خلال هذين اليومين خاصة ان جميع السفن المبحرة الى السويد ممتلأة دوماً خلا ل عطلة الاسبوع وفي الايام العادية فكيف في حدث من هذا النوع. فقد اعلنت اوساط كثيرة من ابناء الجالية عن اصرارها بمطالبة السفارة بتقديم تبرير رسمي مقنع في مؤتمر صحفي عن حالة التسيب وعدم كفاءة موظفيه في اتخاذ قرارات جلبت الضرر لمصالح ابناء الجالية خلال فترة غيابه عن البعثة خارج فنلندا اثناء عيد الفصح واليوم الذي تلاه من دون ان يهين تبريره ابناء الجالية وسفارتنا اكثر.

أحدث المقالات

أحدث المقالات