لا تخلوا أمثالنا الشعبية من حكم عظيمة, توصف كثيرا من الحوادث أو القضايا, أو تدلنا على كيفية التصرف الأصوب تجاهها.. ومنها مثلنا أعلاه, فهو كثيرا ما يتداول عندنا, ليصف حال من يريد إصلاح أمر فيتلفه كله..
أكثر ما يثير الاستغراب, دراجة انطباق هذا المثل, على ما قام به مجلس نوابنا في دورته السابقة, حيث كان الهدف المعلن لتعديل قانون الانتخابات حسبما نشر, هو القضاء على الهدر في أصوات المواطنين, بعد أن قيل أن القانون السابق يتم من خلاله, تجميع الأصوات لصالح قائمة معينة, ومن ثم يتم توزيع هذه الأصوات على نفس القائمة بطريقة حسابية معلومة للجميع, مما يعني فوز القوائم الكبيرة وحرمان القوائم الصغيرة من الفوز وبالتالي هدر الآف الأصوات
ما حصل في هذه الانتخابات, وحسب إحصائيات أعلنت أن الأصوات التي أهدرت, بحسب القانون الجديد تعادل عدة أضعاف ما كان يفقد في القانون السابق..
على سبيل المثال بينت تلك الإحصائيات, أن قائمة الفتح حصلت على أصوات مقاربة, لما حصلت عليه القائمة الصدرية أو قائمة دولة القانون, لكن النتائج أفرزت 73 مقعد للقائمة الصدرية و 37 مقعد لدولة القانون, فيما لم تبلغ عدد مقاعدها العشرين!
ما حصل مع قائمة قوى الدولة, هو مثال أخر أكثر وضوحا لفشل هذا القانون, فحسب ما يقوله ممثلون عنها, أن أصواتهم قاربت 400 ألف صوت, ولم يحصلوا إلا على أربعة مقاعد!.. بمعنى أن لكل مقعد مائة ألف صوت, في حين أعلى المقاعد في هذه الانتخابات لا يتجاوز 32 ألف صوت واقلها من دون الكوتا للنساء 5 ألاف صوت !
بعبارة أخرى بما أن نسبة المشاركة حسب ما أعلن 45% أي ما يعادل تسعة ملايين ونصف, فإن مجموع الأصوات التي حصل عليها النواب الجدد لا تتجاوز 40% من 45% أي ما يقارب 4 ملايين صوت, وهذا يعني أن أكثر من 6 ملايين صوت ذهبت هباء دون نفع!
اغلب الكتل الأن مشغولة بكيف ومن سيشكل الحكومة, وكان الأولى بهم أن يحترموا نتائج الانتخابات, ويفهموا دروسها, بالرغم من علامات الاستفهام الكبيرة التي تشوبها, وان يتم التركيز على كيفية تعديل قانون الانتخابات بالشكل الذي يقلل هدر الأصوات ويلبي طموحات الشارع العراقي.. ونتمنى هذه المرة أن إلا “يفكسوا” عينيها في التعديل القادم إن حدث و وفقوا لتعديله..