عقدت الرئاسات الثلاث وقادة الكتل المشاركة في العملية السياسية اجتماعاً في الاسبوع الماضي اعطي بالبداية له حيز كبير ولكن سرعان ما تقلص ذلك بعد الاعلان عن نتائجه التي تمخضت عن نقاش وحوار جرى تكراره مراراً من دون فائدة فجاء البيان الصادر عنه باهتاً في مواجهة التحديات والمشكلات المستعصية.
لا غرابة في الامر ان نصل الى هذه الدوامة التي لا قرار لها، فاي موضوع من المواضيع التي بحثت مر عليه زمن طويل وبعضها يسير نحو الاسوأ والمزيد من التعقيد، والقاء نظرة عليها نعرف ان الاجتماع لم يخرج بشيء جديد، مجرد كلام لا يقدم ولا يؤخر، فهو لم يعالج المسائل من جذورها باجراءات محددة قابلة للتطبيق كي يمكن البناء عليها والانطلاق منها لاضافة حلول لما هو مستعص على ذات النخب. فالازمة المالية والاقتصادية هي وليدة لسياسات النخب نفسها، فهي الحاكمة ووضعت البرامج وبددت المليارات واشاعت الفساد وتقاسمت الموارد… وهنا نتساءل هل يمكن لها ان تقدم على تطبيق حلول ناجعة؟
لا اعتقد ان عاقلا يجيب بالايجاب، وحتى الاعتماد على الانتاج الوطني ليس بالامر الهين ما دام اصحاب النفوذ والقائمون على السلطة من اصحاب الوكالات للشركات الاجنبية ومصالحهم مرتبطة بالاستيراد والتعامل مع هذه الشركات..
ومن القضايا المؤرقة لملايين العراقيين واهلهم رعاية النازحين واعادتهم الى ديارهم التي تركوها رغماً عنهم ومساعدتهم على اعادة بنائها، الاجتماع الرئاسي لم يشر من قريب او بعيد الى موعد لاعادة من شردته العصابات الاجرامية من مناطقه والتي قد حرر بعضها منذ اكثر من عام ونيف، متى يعود هؤلاء وكيف ام ان التغيير الديموغرافي قد انجز وعليهم ان يجدوا حلاً بانفسهم لمعاناتهم والكارثة التي نزلت عليهم. طبعاً هذا غيض من فيض لما يعانيه شعبنا في لقمة عيشه وأمنه وسلامته وحياته اليومية التي بات يفضل عليها المجازفة بان يموت غريقاً في بحر ايجه وغيره من البراري على البقاء في وطن ونظام لا يعتبر الانسان اثمن راسمال.
ليس كافياً ان يخرج عن اجتماع الرئاسات الثلاث بيان يشخص او يكرر ما اصبح معروفاً ، وانما تمس الحاجة الى علاجات استثنائية وسريعة ووضع السواعد مع بعضها البعض. صراحة نقول انه بوجود هذه الطبقة السياسية لا يمكن ان تكون هناك معالجات جادة، لذلك لابد من الاصلاح الجذري وازاحة اكبر جزء منها الذي كان وما يزال السبب في استمرار المأسي التي نحن فيها.
هذا الاصلاح يجب ان يمس ويطول رموزاً من العملية السياسية التي بنيت على باطل يتجسد في المحاصصة والطائفية والاحتكام الى السلاح والاستقواء به. كنا نتمنى ان يتخذ اجتماع الرئاسات الثلاث قرارات قابلة للتطبيق حتى ولو كانت بسيطة تعيد للدولة هيبتها ويرفقها باعلان للتهيئة لانتخابات جديدة في البلد، لعل شعبنا وعى التجربة ويزيح بعضاً من ركائزها. مرة اخرى نقول ان الحوار الوطني والاجتماعات ضرورية ولكن اذا كانت تنجم عنها قوانين واجراءات قابلة للتطبيق نحو استعادة الثقة بين الحاكم والمحكوم وبناء دولة مدنية، دولة القانون وليست دولة الطوائف