23 ديسمبر، 2024 11:34 ص

اجعلوه عاما خاليا من الشماعات والخلافات والمعاذير

اجعلوه عاما خاليا من الشماعات والخلافات والمعاذير

مع اطلالة كل عام، وقبل الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة، وقبل انزال التقويم الذي صار ماضا وتعليق الجديد الذي حل محله تبدأ عملية كشف الحساب.على المستوى الفردي والعائلي احياناً، وعلى مستوى الحكومة وجوبا. والحقيقة ان هذه العملية وجوبيه على كافة المستويات والا كيف سيرسم الفرد مستقبله ويحقق اهدافه ويثبت وجوده اذا لم يحاسب نفسه ماذا حققت- على الاقل خلال عام كامل؟ واين كمنت اسباب الفشل؟ وما هي معرقلات النجاح والتقدم؟ و ماهو حجم التغيير؟ وهل بالامكان رفع نسبة هذا التغيير؟ وعلى ضوء هذه المعطيات يتهيأ لرسم خطط مستقبلية لعامه الجديد. التجار يفعلون ذلك بحكم مهنتهم والشركات تفعل ذلك بحكم وظيفتها، لكن الافراد والعوائل -عندنا- قلما يجرون هذه الحسابات مع انهم يعرفون ان من تساوى يوماه فهو مغبون. ومن كان امسه افضل من يومه فهو خائب، واللبيب الناجح من كان يومه افضل من امسه لكنهم – تقاعساً واستسلاماً يلقون الامور على شماعة القدر: لاتفكر لها مدبر او لكل يوم رزقه.. وما شابه. اما الحكومات- طبعا عندنا فقط- فلديها شماعة مختلفة: لولا. فلولا الحرب الايرانية لتم انجاز كذا ومذا ولصار العراق في مصاف اوربا. واستمرت هذه”اللولا” ثمان سنوات لتحل محلها “لولا” حرب الكويت ولم تزل الا بحلول لولا الحصار فلولا الحصار لصار العراقيون ملوك زمانهم، يعيبون على اليابان تخلفهم الحضاري ويحسدهم السويديون على رفاههم واستقرارهم وتتمنى دول اوربا متانة اقتصادهم وسرعة تقدمهم. ولم ترحل لولا الحصار المشوؤمة وتبعاتها و ما خلفته من بؤس وتراجع للعراق على كل المستويات الا برحيل مبتكريها ليبدأ طور جديد من التبريرات على يد مبتكرين حاذقين استفادوا من تجربة الذين سبقوهم في اختلاف الازمات المسببة لاعراض وامراض التبريرات وطوروها.فلولا التدخلات الخارجية، ولولا تداعيات سقوط السلطة السابقة ولولا بقايا النظام المباد، ولولا المحيط الاقليمي ولولا توقف صادرات النفط. ولولا اضطراب الوضع الامني، ولولا وجود الارهاب المنظم ولولا المجاميع المسلحة، ولولا شحة المياه، ولولا الشد الطائفي، ولولا التهجير القسري، ولولا التفجير والتفخيخ والاحزمة الناسفة الطوعية، ولولا الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، ولولا التعويضات والديون الخارجية، ولولا المحوسمين والمختلسين والمفسدين الاداريين والماليين والمرتشين، ولولا العقود الوهمية والمقاولين الاشباح، ولولا الخروقات الامنية والحواجز الكونكرتية ولولا البطالة المقنعة والسافرة، ولولا كثرة السيارات وغلق الشوارع، ولولا الاختناقات المرورية والنفسية، ولولا الحملات الاعلامية وكثرة الملصقات الجدارية، ولولا الرواتب المليونية والمليارية
ولولا كثرة الباكين حولي
      على اخوانهم اذا لقتلت نفسي
لولا الحياء لعادني استعبار
        ولزرت قبرك والحبيب يزارُ
ولولا:اداة امتناع لوجود..
وما اضيق العيش لولا فسحة الامل. وعلى بصيص هذا الامل وكدأبنا في مطلع كل عام نقول: “ان شاء الله هذا العام افضل الاعوام او احسن من سابقاته من الاعوام” متفائلين بمحو “لولا” من قاموس الحكومة الوطنية، مستبشرين ببرلمان جديد وانتخابات نزيهة ونظيفة في اجواء امنة.
برلمان عراقي وطني صرف، وسلطات متماسكة ثلاث ترسم خططاً خمسية وعشرية، تتجاوزنظام المراحل في النهوض بالعراق من كبوته على غرار التجربة الكورية والماليزية التي سلكت نظام العقود وحققت طفرات هائلة ونجاحات متواصلة وبنت دعائم اقتصاد قوي ادى الى استقرار سياسي ورفاه اجتماعي ومكانة دولية مرموقة.
وتحقيق هذا الحلم ليس بمعجزة ما دام العراق يمتلك الثروات الوطنية الهائلة والاراضي الخصبة والايدي العاملة والمنتجة والخبرات المتراكمة وخاصة الملاكات الوسطية. واذا كانت الوزارات والمؤسسات طيلة السنوات العشر المنصرمة لم تجر جرد حساب سنوي لمنجزاتها -ميدانيا- وعملت على تطوير الملموس منها وتحسبنا للردئ فيها ومعالجة اسباب التلكؤ والفشل وازالة المعوقات والمعرقلات، اذا كانت غفلت كل ذلك او بعضه فالاولى بالوزارت القادمة ان تضع في اولويات وبدايات مباشرتها مسألة محاكمة نفسها وملاكاتها اولا بأول لتبدأ كل عام جديد بأزالة مسببات الفشل و بناء مقومات النجاح. وكل عام والعراقيون بألف خير.