لاشك أن جميع المثقفين والواعين من الشعب العراقي مع حملة البراءة من الطائفيين ودعاة الحروب والفتن لاسيما وان أهدافهم وغاياتهم مكشوفة فهي مليئة بالحقد والضغينة والطمع والجشع فهم يعتاشون على الطائفية السياسية وفي كثير من الأحيان تكون مكرسة من ساسة ليس لديهم التزام ديني أو مذهبي بل هي موقف انتهازي للوصول إلى السلطة ، إذ أن الطائفية لا تعني مجرد الانتماء إلى جماعة معينة أو العمل من اجل تحسين نوعية الحياة للمجموعة التي تنتمي إليها دون إضرار بحق الآخرين ، بيد أن الطائفي هو الذي يرفض الطوائف الأخرى ويغصبها حقوقها ويكسبها إلى طائفته التي تتعالى على بقية الطوائف في المجتمع ، وبذلك تنشأ الكراهية والعداء بين الطوائف التي تنسى المشتركات فيما بينها ويبقى الهوس الأعمى يشتغل في مفصليات الحياة والأخطر عندما يتمكن التعصب الطائفي من العقول ليكون بالضد من الأديان والمذاهب الأخرى ، ولم يسجل التاريخ الإنساني تفوق طائفة على أخرى بعقل أو ذكاء ألا عندما تصدى فقهاء السياسة للسلطة وافتعلوا طائفية سياسية وقومية ومذهبية ومناطقية وعرقية وعملوا على تغذية هذه المفاهيم وكانت نتائجها وخيمة ومهلكة ومدمرة ليس على الإطراف التي عملت على تغذيتها ، بل على من افتعلوها وصنعوها وفجروها فكانت فتنة أكلت الأخضر واليابس ومن المؤسف أن يكون الشعب حطب الطائفية المقيتة لذلك سنبصم على البراءة من هؤلاء الطائفيين وسيقلب الشعب الطاولة على جميع الطائفيين والإرهابيين والمجرمين والسراق من أجل الحياة الإنسانية في العراق الخالي من شوائب النفوس اللاإنسانية المريضة .
كل ما تقدم كلام جميل ودعوة إنسانية موقفة من قبل شباب عراقي بعمر الورد ، لكن عليهم الانتباه من بعض الأصوات التي تريد حرف هذه الدعوة عن أهدافها وغاياتها النبيلة حيث أن هذه الأصوات تدعوا باسم الحرية الخروج عن قيم ومبادئ الإسلام على أساس أن هذه القيم غير صالحة لهذا الزمان فالرجل الذي حكم الجزيرة قبل أكثر من ألف وأربع مائة عام لا تصلح مبادئه أن تكون فاعلة في عصر التقنية والتكنولوجية والثقافة الغربية كما أن ما ينطق فيه القرآن أيضاً غير صالح في عصر الانترنيت ووسائل الاتصال الجماهيري ، والغريب أن هؤلاء لديهم المثقف أن يكون يساري ويشرب الخمرة في الصباح ويتسكع في المتنبي وعلى نهر دجلة يسمع المقام والجالقي البغدادي وبجانبه أمرآة متحررة من القيود ، وعلية هم يربطون بين الطائفية وبين الإسلام ونحن هنا ليس في مكان الدفاع عن قيم الإسلام ولكن الخوف من أن تستغل فسحة الحرية لنشر بعض الأفكار الثقافية المتطرفة لأنه كما أن هناك أفكار إسلامية متطرفة هناك أفكار ثقافية متطرفة يروج لها البعض في الوسط الثقافي .
اليوم وأنت تتواجد في شارع المتنبي أو في بعض المنتديات الثقافية تسمع بان الإسلاميين هم من أوصل البلد إلى هذا الاحتقان الطائفي وهذا العداء بين الطوائف الإسلامية لذلك لابد من اجتثاثهم من الحياة السياسية ناسين انه في كل مجتمع عربي وإسلامي لا يمكن تجاهل الظاهرة الدينية وعليه نجد أن التغيرات في كل البلاد الإسلامية كانت السلطة للقوى الإسلامية وهنا لست في محل تقييم هذه التجربة ولكن هناك حقيقة لا يمكن لأي جماعة مدنية تجاهلها لاسيّما أنها ظاهرة مجتمعية ، لذلك لابد من القائمين عن دعوة اجتثاث الطائفية من عدم ربط الطائفيين بالإسلام وقيمه ومبادئه التي هي بعيدة عن هؤلاء ، وإذا ما فعلت ذلك فلن يعود بإمكانها القيام بالتغيير الاجتماعي الحقيقي للمجتمع. وحتى اليوم لا يوجد استثناء لذلك، فقد أفادت أمريكا اللاتينية وحركتها الثورية، إلى حدود كبيرة، من لاهوت التحرير المسيحي، فالتديّن الشعبي هو أحد معطيات الواقع الاجتماعي الذي ينبغي أخذه بنظر الاعتبار، ولذلك فإنّ من يعتبر نفسه طليعة الشعب لا بدّ وأن يعمل على كسب هذا السند الشعبي بما فيه من معطيات، الأمر الذي يستوجب احترام الدين واتخاذ موقف إيجابي منه، لاسيّما القيم الإنسانية المشتركة التي تمثل، في الوقت نفسه، قيماً لجميع العراقيين .