المعرفة هي الفكرة الماخوذة من المادة نتيجة تطبيق العلم عليها عمليا وتجريبيا . وهي تعني ايضاً الإدراك والوعي وفهم الحقائق أو اكتساب المعلومة عن طريق التجربة أو من خلال التأمل في طبيعة الأشياء وفي النفس أو من خلال الإطلاع على تجارب الآخرين وقراءة
استنتاجاتهم، المعرفة مرتبطة بالبديهة والبحث لاكتشاف المجهول وتطوير الذات وتطوير التقنيات. والفكر يعني ان يقوم الإنسان بإعمال تتطابق وتتناسب مع عقله بما فيه من قدرات وملكات مع الإستعانة بمعلومات ومعطيات معيّنة متوفّرة لديه؛ ليتوصّل في النّهاية إلى
حل مشكلة معيّنة، أو تأسيس نظريّة معينة، أو تحديد وتفسير علاقة معيّنة بين شيئين أو أكثر، أو تصوير الواقع لقضيّة معيّنة، أو إيجاد بدائل لشيء ما، أو محاولةً منه لتطوير وتحسين ذلك الشيء، أو ابتكار شيء جديد اكثر تطوراً من سابقته.ولولا الفكر الإنساني وما نتج عنه من الحصيلة المعرفية المتراكمة عبر القرون الطويلة الماضية لما وصلت البشريّة إلى ما وصلت إليه الآن في زماننا من تقدّم وتوسعة،
ان المعرفة تولد المعرفة والجهل يسبب الجهل وهي من البديهيات المعروفة ، لذا فان المجتمعات التى تمكنت من المواجهة والتحدي والمنافسة هي تلك التى عرفت كيفية التحكم في المعرفة بادارتها وجني الفائدة منها، اذ انه لا يوجد تعريفاً محدداً لإدارة المعرفة على الرغم
من إنها تأتي في المقام الأول نظرا لفوائد توظيفها، إذ عن طريقها يمكن توليد القيمة والحصول على الأصول الفكرية التي هي من انتاج المعرفة بغض النظر عن نوعيتها الضمنية أو الصريحة، وان توليد القيمة أو الأصول القيمية ” الحضارية ” تتم من خلال التشارك
والتلاحق بين المكونات الفردية والجماعية .
ان النمو العقلي يعد اساسا في تطور القدرة على التفكير والتعلم وحل المشكلات وتحسين الأساليب التي يستخدمها الفرد في ذلك كله و الملكية الفكرية هي نتاج فكر الإنسان من إبداعات مثل الاختراعات والنماذج الصناعية والعلامات التجارية والأغاني والكتب والرموز
والأسماء، ولا تختلف حقوق الملكية الفكرية عن حقوق الملكية الأخرى.
فهي تمكن مالك الحق من الاستفادة بشتى الطرق من عمله الذى كان مجرد فكرة ثم تبلور إلى أن أصبح في صورة منتج . ويحق للمالك منع الاَخرين من التعامل في ملكه دون الحصول على إذن مسبق منه. كما يحق له مقاضاتهم في حالة التعدي على حقوقه والمطالبة
بوقف التعدي أو وقف استمراره والتعويض عما أصابه من ضرر.بالطرق القانونية ، مجتمعيًا أصبحت المعارف والخبرات عرضة للتلف والضياع بل أصبح الفرد لا يعطي أهميةً لها وهي التي تشكل هويته وتاريخه وتراثه، وأصبحت الثقافة المعاصرة هي الركض وراء لقمة
العيش التي حصرت اهتماماته فيما يتعلق فقط بالأمور المعيشية..
الكثير من المعارف والخبرات في بطون الكتب وفي ذاكرة الناس -خصوصًا الكبار والشيوخ أصحاب التجارب والخبرات-،من المفروض العمل على ما يمكننا المحافظة على تلك الكنوز؟ويمكن اتخاذ الخطوة التالية :حيث تبدأ بإيلاء الأهمية البالغة لهذه المعارف والخبرات والتجارب وتقدير حجم الخسائر المترتبة على خسرانها وفقدانها، ثم نشر هذه الأهمية في المجتمع لتشكل ثقافة مجتمعية تُولي لهذا الأمر اهتمامها الخاص به، ومن خلال تصدّي شرائح المجتمع لخلق استراتيجية
طويلة المدى في كيفية الحفاظ على تلك المعارف والخبرات، مع خلق برامج تساهم في الحفاظ عليها. على التطور الحضاري السلمي للشعوب التي استطاعت من السير في موكب التطور الحضاري هي تلك الشعوب التي استطاعت من التمسك وممارسة ثقافتها وتطويرها
والاضافة عليها كل ما هو جيد وايجابي من ثقافات الشعوب التي تعيش معها والشعوب المحيطة بها والشعوب الاخرى سواء كانت قريبة او بعيدة. ان عامل التطور الحضاري للشعوب هو العامل الحاسم لمدى استمرار وديمومة هذه او تلك الحضارة. ومن هنا فان
الحضارات التي تقوقعت على نفسها وحاربت كل بصيص للتغيير او التطور واعتبرت كل خروج عن مفاهيم هذه الحضارة خروج عن القيم البشرية والالهية لهذه المجموعة ولا يحق للذي خرج عنها الاستمرار او الحياة ضمن مجموعتها لانه لا يؤمن بما تؤمن هي به
،اصابها الذبول والانحلال السريع وضياع الاثر.
لذا فقد باتت الدول والمجتمعات قاطبـة متقدمـة واقــل تقدمــا تولـــي عنايتهــا البالغــة بالمعرفــة وادارتها واهميــة بناء قاعدة للراسمال البشري، من خلال تركيزها على المناهج التى تؤسس الابداع وتدعمه سواء مـن خـلال المؤسسات الاكاديمية او التدريبية والتنموية بعد الالتحـاق
بالعمـل لضمان حيويتها والمحافظة عليهـا لمواجهـة المنافسـة، اذ ان تشجيـع الابـداع والابتكـار وتأسيس وتدعيـم البنيـة التحتيـة المؤسساتية اللازمة للاعمال والعمـال من شأنهـا الضمـان لبقـــاء واستمراريـة تلك النظـم المؤسسيـة ومواجهـة تحديــات المعاصـرة ومن هنا يجب ان
نعرف في التركيز على البحث العلمي والفني التشكيلي بالدرجة الأولى كجزء مهم في تنمية المستوى الحضاري وتطويره ،فالجانب العلمي يتمثل في الابتكارات التكنولوجية والعلوم الاجتماعية…أما الجانب الفني التشكيلي فهو يتمثل في الفنون المعمارية والمنحوتات وبعض الفنون التي تساهم في الرقي. فلو ركزنا بحثنا على أكبر الحضارات في العالم مثل الحضارة الرومانية سنجد أنها كانت تمتلك علماء وفنانين عظماء. فالفن والعلم هما عنصران متكاملان
يقودان أي حضارة.
ما من شيء أشد خطرا على وجود الأمم والحضارات من العزلة والانغلاق على الذات، والتشرنق الدائم في ضمن صفحات الماضي، وأسره الدائم، وهذا لا يعني التخلي عن القناعات الذاتية أمام أي فكر جديد، فهذه القناعات تكسب صلابة أكثر عندما تحتك بتيارات فكرية
جديدة يمكن أن تنتخب منها ما هو منسجم مع فلسفتها واتجاهاتها وأهدافها، فليس كل فكر جديد يكون سيئا في مجمله.
التعدد في الرؤى يمنح الفكر الإنساني آفاقا أوسع، وتأثيرا أعمق، ومرونة أكبر لا تضيق بالتعدد، ولكنها تكتسب من هذا التعدد القدرة على التكيف مع الفكر السائد في المجتمع، والتأثير على مساره من الاتجاه الفردي إلى الاتجاه الجمعي الإنساني في انتمائه وشموليته،
وبذلك يصبح القبول بالتعدد في الرؤى من أسباب إثراء الفكر وتنوعه ،كما إن الوسطية مكملاً وما يتصل بها من معاني التعددية وشرعية الاختلاف تعد ركناً مهماً من المشروع الحضاري الرافض لكل أشكال التطرف الذي يصادر الحقيقة تحت تسميات مختلفة، ويشرّع
للاستبداد والعنف، ويفرض الرأي، ويحرّم المشاركة، سواء في العلم أم في السلطة وتعتمد على الوضوح الفكري الناضج .
والأمم والحضارات ذات التوجه الأحادي في التفكير، والمنغلقة على ذاتها، والرافضة للتفاعل والاندماج في الأمم والحضارات الأخرى، غالبا ما يكون مصيرها الانحلال والاضمحلال والتلاشي في نهاية الأمر، بعد أن تجف جذورها نتيجة عدم ارتوائها بعوامل جديدة مستمدة
من الأمم والحضارات الأخرى المعاصرة لها، شأنها شأن النبتة التي تحرم من الماء والشمس.