23 ديسمبر، 2024 12:57 ص

اتهام المناضلون والمثقفون العراقيون لماذا كل هذا البغض والاتهام

اتهام المناضلون والمثقفون العراقيون لماذا كل هذا البغض والاتهام

لايحضى المناضلون والمثقفون برعايه واهتمام من قبل الحكومات والانظمه العربيه ومن الكثير من المثقفين, وادعياء الثقافه وفى كل مناسبه متاحه يترضوا للنقد القاسى الى حد يصل الى الاستخفاء والتناقض بين الذى ما طرحه وصرح به او تم نشره او الى انتماءه الحزبى ومذهبه السياسى فى فترة سابقه.
نشرت جريدة الاخبار العراقيه الالكترونيه الإغراء فى 25 . 5 . 2022 مقالا للكاتب اللبنانى ” عدنان ابو زيد” تحت عنوان” صلافة بعثيه, وشيوعيه وقوميه تجاه الرأسماليه(والرجعيه). كما يبدو فان اتهام الكاتب لمختلف القوى الوطنيه بالصلافه لانهم انتقدوا الدول الراسماليه فكرا ونظاما وممارسه, فان ذلك لايعيبهم وانما يعبر عن تطلعهم نحو حياة افضل وفكر معاصر مثل ما يقوم به ويمارسه نسبه كبيره من المثقفين, فى الدول الغربيه الرأسماليه من اساتذة جامعات, يساريين فى الاحزاب الحاكمه ومن مختلف قطاعات الشيوعيون والتقدميون. على ان الرأسماليه قد دخلت منذ سنين مرحلة التوحش ونفظت عنها التزامها الاجتماعى واصبح الحصول على اعلى نسبه لللارباح, لاصحاب الاسهماحد اهم مهمات الاستثمار. انها قد فرضت نفسها كحقيقه جازمه لايمكن تجاوزها واصبحت احد اشد عوائق تطور الديمقراطيه, هذا بالاضافه الى المطاليب الملحه من سكان الدول الغربيه فى رعاية اصحاب الدخول الضعيفه وتقليص البون الشاسع بين الـ 5% من السكان الذين تتجاوز ملكيتهم 70% من الثروه القوميه ولكن دون نتائج تذكر. هذا يعنى ان نقد نوعية خاصه من الحزبيين والمثقفين العراقيين للراسماليه لا يعابون عليه, انهم ضمن قطاعا عالميا واسعا من المثقفين والتقدميين الذين ينتقدوا الرأسماليه وما افرزته من احزاب وحكومات تعمل من اجل تحقيق مصالحها واهدافها بالمؤمرات والاحتلال والقمع وحتى بالحروب المحليه, الاقليميه والعالميه.
ان قلة المعرفه وعدم استعداد الكاتب للوقوف على حيثيات هروب الشيوعيون والتقدميين العراقيين يجعله يتهكم عليهم ويسخر منهم لانه يعيب عليه هذا التناقض فى نقد ومحاربة الراسماليه وطلب اللجؤ اليها والاقامة فيها. لابد من الاشاره الى ان البعثيين الحزبيين لم يغادروا العراق الا فى فى فترة 2003 مع سقوط نظام حزب البعث واستخدام نظام المحاصصه الجديد مبدأ ” اجتثاث البعث” واصبح مشكوك فى امرهم ونواياهم والذى يمنعهم من التوظف فى دوائر الدوله واصبح العديد منهم مضطرا للمغادره ووجدوا مكانا امنا فى بعض دول الخليج التى احذت تسعى للحصول على اهميه وامكانيه على الفعل السياسى. ان السيد عدنان ابو زيد لم يدرك المعاناة, التهميش والاغتيال التى كانت من يوميات الشيوعيين والمستقلين من الذين لم ينتموا لحزب البعث ولا يعينون دوائر الدوله وخاصة كليات العلوم الانسانيه والتربيه الاساسيه وحتى فى بعض الثانويات واذا حصل ذلك, فأنها حالة نادره ويكونوا موضع شك وريبه وتحت المراقبه من قبل جهاز وتنظيم الحزب الحاضر فى كل مكان. ان هروب المثقفين, الشيوعيين, المستقلون والفنيون اكانوا غالبا من شرائح الطبقه الوسطى, لم تكن فكره طارئه اونزهة فى عالم السعاده والمجد وانما الصراع من اجل الحياة والاستمرار والايفاء بالواجبات المتنوعه, انها كانت رحلة خلاص مجهولة النتائج. ان السؤال المهم, بعد ان اتخذ القرار لم يتوفر لهؤلاء سوى اربعة دول عربيه, الاردن, اليمن, السودان وليبيا التى كل منه على مستويات متباينه فى اوضاعها الاجتماعيه والاقتصاديه, وقد توجهه غالبية اصحاب الشهادات واساتذة الجامعات الى ليبيا الذى قد استقبلتهم بترحاب ووجدوا عملا محترما وموردا جيدا استطاعوا فى سنين الحصار المدمر ان يقوموا بالواجب تجاه العوائل والاهل والاصدقاء. ولكن الابناء الذين اصبحوا فى مرحلة الدراسه الجامعيه ولكى ان يكون هؤلاء مؤهلين لسوق العمل لا توفرها الجامعات الليبيه من المناهج الضروريه كاللغه الانكليزيه. ان النظام العراقى وبقية الدول العربيه استمرت على وضعها المعقد الذى يصعب تغييره وكان التفكير بالدول الغربيه الراسماليه هو الخيار المطروح لغالبية العراقيين وكما هو معروف بصيغة اللجؤ غير القانونى والذى يتم عن طريق المهربين بمختلف الطرق والاساليب ولقاء مبالغ كبيره. كانت السويد, هولنده, المانيا وبريطانيا ومن ثم بلجيكا وفرنسا والنرويج اما موضوع امريكا فقد جاء لاحقا, ان هذه الدول تلحق اللاحئين بعد اجتياز مرحلة الاعتراف بهم والتى قد تاخذ اشهر عديده وحتى اكثر من سنتين بنظام الرعايا الاجتماعيه الذى يشمل مخصصات شهريه والتامين الصحي وتعليم اللغه. ان الايجابيه فى هذه الدول ما توفره من مستوى عالى من التعليم وبالتالى الدراسه الجامعيه بالاضافه الى امكانية الاندماج فى المجتمع والذى لم يكن موفقا دائما, ان التلاميذ, الطلبه , والاجانب الشرقيين يشكون من تكرار حالا ت الكراهيه والتهميش وحتى العنصريه والتى اتخذت مختلف صيغ التنمر والى مستويات الجريمه. مما لا شك فيه فان الحياة فى هذه المجتمعات اكثر امانا واستقرارا وفرص العيش والتطور تتوفر اكثر مما تقدمه الاوطان الاصليه, خاصه ان الطغاة واللصوص يتربعون فى السلطه ويمارسون الحكم كعصابات منظمه مسلحه لا مجال ولا فضاء للاخرين الذين يختلفوا معهم فى الرأى, ناهيك غن توفر فرص عمل وشبكه البنيه التحتيه التى عفى عليها الزمن. ان انعكاس هذه الاوضاع على المثقفين واللاجئين العراقيين فى دول اللجؤ فى عدد من الدول الراسماليه يقضى فى استمرار هؤلاء المثقفين وناقدوا الراسماليه فى هذه الدول كحاجه وضروره يفرضها اطار معين من حرية الرأى ومنظمات المجتمع المدنى, كمان الشيخوخه والوضع الصحى, التفكير ا العائله وتعليم ومستقبل الاولاد والبنات الذن ولدوا فى الغربه تلزم التفكير العقلانى المنظم. انها حياة معقدة ومركبه ولا يغرب عن البال بان المدن الاوربيه الكبيره تمثل مراكز للجريمه والادمان الكحولى والمخدرات ومع الملايين من السكان يعيش ايضا نسبة كبيرة فى عزلة تامه. ان صناديق الرعايا الاجتماعية,الماديه محسوبه بدقه قائمه على تكاليف المعيشه ولاتسمح الا بالضروريات. ان ما يعيبه السيد عدنان ابو زيد على المثقفين العراقيين فى “اوطانهم الجديده” الكارهين الناقدين لها والذين يحاربوها ويلصقوا بها مختلف التهم والافتراءات ليس فيه تناقص فكرى وسلوك عملى. لازالت هذه الدوله تملك القوه والاجهزه الفعاله فى رسم سياسيات اوطاننا العربيه والعالم الثالث, ان السيد عدنان ابو زيد يرجع ذلك كله الى نظرية المؤامره والتحجر الفكرى والعقل المؤدلج. ان العمل مع اليسار الاوربى ومنظمات المجتمع المدنى ا له تاثير فى طرح اوضاع بلدان العالم المضطهد بشكل مباشرو كما اننا نعيش منذ سنين كلاجئين هو ايضا من نتاج ايديولوجية السيطره والقوه الوحيده المسيطرعلى مجريات العالم، ترى هل جاء فى مخيلة السيد عدنان ما يمكن ان يكون مصير الجواهرى, مظفر النواب, البياتى واخرون من الكتاب والصحفيون… والشيوعيون بشكل خاص لو استمروا بالبقاء فى العراق تحت سلطة مجرمة طاغيه كانت الاحكام بالاعدام تصدر اعتباطا بمجموعه من المتهمين بكل بساطه.
انى لا ادرى لماذا السيد عدنان ابو زيد متحامل على المثقفين والمبدعين واليساريين العراقيين, ويعبر عن ذلك بتهكم, استخفاف وشك وتناقض بغرض التشكيك فى صلاحية عقلانيتهم, انه يغتال ابداعهم ومصداقيتهم فى العمل السياسى ان مقاله هذا ليس الوحيد وانما قد نشرت له جريدة الاخبار عدة مقالات التى اخذت موضوع العراق والعراقيين هدفا له وهى جميعا تنطلق من موقف غير موضوعى ومثقل بالاتهام والذاتيه النرجسيه ولم تكن او تثير موضوع لتساول والتنوير للوقوف على الاسباب وعلاجها. فى سرد اتهاماته للمناضلين والمثقفين العراقيين يعتقد انه قدم حقائق ناصعه جازمه وهو الكاتب الامين الشجاع الذى لا يعتريه الخوف والتردد فى كشف الحقيقه وفى واقع الامر انها اتهامات معيبه ليس لها اسس عقلانيه رصينه.