حديث هامس تارة وصاخب أخرى، قيادات ساذجة وساسة فاشلون، يدفعهم تكوينهم الذهني وتفكيرهم المستعار وحدود ثقافتهم وأيدلوجيتهم الحزبية المعدة لهم، الى الغور في تأريخهم المؤسف فيجعل خروجهم من النفق أمر مستحيل.. أؤلئك كمن يستعد الدخول واللقاء بلباس لائق، فيخرج بثوب رث لايصلح أن يكون كاسياً ساتراً.
لعل الصمت أمام ذلك الهمس والصخب، لطعن الحقائق والثوابت يسهم في هيمنة الألتباس، والخطأ يأتي بقراءة خاطئة تصيب الوعي بالخيبة، فالوقوف حيالها وكشف مخاطر أيدلوجيتها أمر لابد منه لكل ذي لب ولسان صدوق.
أيدلوجية فكرية عدائية تلك التي جائت في قرار الحذف فأقرها ساسة حزب الدعوة، وسط مناخ سياسي غير مستقر، فيما كانت الأمة الأسلامية تواجه أعتى طاغوت دموي سادي، عاث بمقدرات الوطن فسادا، أعتمد ضرب أطناب المؤسسة الدينية، لإقصاء المذهب في محاربة مراجع وفقهاء وعلماء الدين، وكل الحوزة العلمية والسعي لتصفيتهم جسديا بأحواض التيزاب.
هاجس الخطر يكمن في مشكلة المضمون وألأهداف، التي أقرت بقرار الحذف منذ خمس وثلاثين عاما، مع ملاحظة أن سياسي ذلك الحزب مازالوا يصرون على جعل خطاباتهم جذابة وجاذبة، وهم يعتمدون على أقلام وأدوات هدامة تستهدف وعي الأمة، وتنال المؤسسة الدينية ومقام المرجعية العليا بأساليب التشكيك، عبر ضرب العائلة وبيوتاتها والصاق التهم، بإمتدادهم العلمي من الأبناء، مع ملاحظة جديرة بالإلتفات اليها والوقوف عندها، أن أولى فقرات ( قرار الحذف) هو محاولة أقصاء دور المرجعية الدينية العليا من فكر الحزب، وحل المجلس الفقهي فيه، وعدم التعاطي مع توجيهاته الشرعية، ليكون في خانة العلمانية وليتحول أغلب قياداته وسياسيه الى أمبراطوريات مالية.
مع أن خدش تلك الأدوات والأقلام المستعارة، يتماشى مع قانون مشؤوم دفعت به دوائر ومؤسسات مخابراتية، كانت قد جعلتهم في الواجهة مكتوفة ألأيادي وأسيرة الإملائات والتوجيهات ورهينة المغريات، إلا أن للتأريخ وقفة وبالحقائق برهان قاطع، فالمؤسسة الدينية والمرجعية العليا كان لها السبق في قيادة الكفاح المسلح وهي تخوض ضمار المقاومة والمعارك، ضد الأحتلال البريطاني أبان ثورة العشرين، وأن بيوتات المرجعية وأبنائها كانت دمائهم شاهدة وأسمائهم حاضرة، في بذل النفيس فما ورثهم بيوتاتهم ثروات مالية بل اورثوا منها خاتمة الشهادة، وكم تزاحموا على مقاصل الأعدام وأحواض التيزاب، وصل أعداد الشهداء من تلك البيوت الى خمس وستين شهيدا، جلهم مراجع وعلماء واختصاصات في شتى المجالات، حتى أختتمت بأستشهاد المرجع، العظيم السيد محمد باقر الحكيم قدست نفسه، وشهادة حجة الأسلام السيد عبد المجيد الخوئي، إغتيالا بجوار حرم جدهما علي أبن أبي طالب عليه واله أفضل السلام..
عودة على تلك الأدوات القائمة على غرس الأيهام والمغالطات، حول وجود صراع بين مرجعية النجف وولاية الفقيه في الجمهورية الأسلامية، مايبطل دعوى تلك الأحاديث هو الرسائل المتبادلة بين المرجعية العليا في النجف الأشرف، وبين الولي الفقيه الأمام الخامنئي، والمواقف الداعمة لفتوى الدفاع المقدس، والوقوف الى جانب الشعب العراقي بالسلاح والمعدات، إذن فهي محاولة لأقصاء الوعي عبر سرد من الأكاذيب والواهيات، لذا فأن تلك الأدوات قد حاولت إرتداء ثوب المولاة لولاية الفقيه زورا، فهي التي لم تؤمن بالمرجعية كقيادة على مر التأريخ، وقد أقصتها من أيدلوجيتها وجعلتها في مرمى ستراتيجيتها على طول الخط، ناهيك عن حجم العداء منهم لولاية الفقيه والي بان جليا وواضحا في المهجر .
ومن جملة الأتهامات للكاتب في محاولة منه للتشكيك مرة أخرى، أن يجعل المرجعية العليا في دائرة ألأنقياد والعمالة بألأشارة الى أن المرجعية جزء من مشروع السفارة الامريكية والبريطانية ، متناسيا على أن المرجعية العليا هي التي فرضت كتابة الدستور بأيادي عراقية على ان يتم التصويت عليه من قبل أبناء الشعب في أول عرس يخطون فيه ملحمة التحدي امام قوى ألأستكبار وسفاراتها، وقوى الأرهاب التكفيري، إنتهاءا بفتوى الدفاع المقدس التي هزمت اعتى العصابات الشيطانية المدعومة من قوى الاستكبار دوائرها المخابراتية .
إن القراءة التأملية في كشف أهداف كاتب المقال بأيجاز، هي محاولات النيل من المرجعية العليا عبر التأريخ وكذلك الخلط في النيل من أبناء المرجعية وبيوتاتها، ولفت الأنتباه الى تأسيس رصيد جماهيري عله يدعم قوائمهم الأنتخابية وتمكين الفاشل طريد المرجعية من الوصول الى دفة الحكم مرة أخرى، فرهان هذه الأقلام على إصابة وعي المجتمع وأبناء المذهب ببكتريا التشكيك بأولي الأمر ومحاولات تمرير لصراع غير موجود، وفق رؤية قرار الحذف ومنهجيته التي أبتدأت بمحاولات أقصاء دور المرجعية العليا وحوزاتنا العلمية، وتقليص دور المنبر الحسيني في أيدلوجيتهم الحزبية التي انهارت على أبواب الحقائق والثوابت .