احدى التكتيكات العسكرية التي عرفت بها (داعش), هي حفر الأنفاق في شتى انحاء تواجدها المسلح في العراق. أنفاق اذهلت الجميع بطولها وعرضها والتقنية التي استخدمت في بناءها.
وفي نهاية المطاف احرزت قوات البيشمركة والقوات العراقية وبمساندة جوية وميدانية من قوات التحالف الدولي انتصارها الاخير على داعش, لكن لم يكن انتصارا حاسما كما اعلنه السيد حيدر العبادي وقتذاك. انه ادعى النصر الحاسم فقط لكي يقطف ثمار فخر في حقبة سوداء من تأريخ العراق الدموي, لكن الواقع اثبت غير ذلك.
ذهب العبادي من على كرسي السلطة وبقايا داعش لا زالت تهدد امن واستقرار العراق, وبقت الأنفاق جزءا مهما من تكتيكات حمايتها على الرغم من تدمير المئات منها, والأنكى من ذلك ظهور مجموعات وميليشيات مسلحة خارجة عن القانون تحت مسميات (ما انزل الله بها من سلطان!), لا سيما في سهل نينوى وبالاخص في سنجار (شنگال) واطرافها.
وبذلك اصبح التهديد تهديدين على سكان المنطقة. تهديد شتات وبقايا داعش وتهديد قوى مشابهة لداعش لكن بغطاء مختلف. تهديدات حالت من عودة اللاجئين الى ديارهم. بمعنى اخر, اخرجت (بضم الهمزة) الداعش من سنجار وسهل نينوى ودخلتها مرتزقة ومجموعات مسلحة, مجموعات طاغية ازدادوا الطين بلة واصبحت كابوسا مخيفا في المنطقة برمتها.
الخطير في واقع سنجار هو اجندات اقليمية وخارجية متمثلة في هذه المجموعات المسلحة, والتي تهدد امن واستقرار العراق وبالتالي كانت و مازالت خطرا على سيادة البلد. لذا وصول كل من الحكومة الفيدرالية واقليم كوردستان الى اتفاق شامل بشأن سنجار ومستقبلها, كان الحل الامثل. بالأحرى, هذا الاتفاق بدوره يمهد الارضية اللازمة للاتفاق بشأن بقية المناطق المتنازعة عليها, بل وحتى بشأن كافة القضايا والمشاكل العالقة بين بغداد واربيل.
خطر هذه الميليشيات والمجموعات يكمن في نقطتين مهمتين:
أولا: عدم رضوخها للقانون والدستور وتكوين حكومة داخل الحكومة.
ثانيا: هذه المجموعات المسلحة التي لا تمت بصلة للمنطقة, تعطي الشرعية بشكل مباشر أو غير مباشر لدول اقليمية للتدخل في شأن البلد الى حد التدخل العسكري واحيانا شن غارات جوية عليها منتهكة سيادة العراق من جانب ومستهدفة اهالي العزل من جانب اخر.
اذن وفي ضوء هذه الحقائق, الاتفاق المبرم بين بغداد وأربيل بشأن سنجار والذي كان للسيد نيجيرفان البارزاني رئيس اقليم كوردستان دورا بارزا في تقريب الأراء وانجاح المحادثات وفك العقد وترسيخ اسس التفاهم بين الطرفين, يفتح افاقا رحبة امام اهالي المنطقة الذين تركوا ديارهم عنوة وخوفا ويضمن لهم العودة الامنة ويؤدي الى الى استباب الأمن والاستقرار.
اكد السيد رئيس اقليم كوردستان في مناسبات عدة على استعداد الاقليم التام لحل كافة المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل وفق الدستور وأن يكون الحل جذريا. وكانت احدى ثمرات لقائاته واتصالاته المستمرة على مدى الاشهر الماضية مع ممثلة الامم المتحدة في العراق والسيد مصطفى الكاظمي رئيس مجلس الوزراء هذا الاتفاق الذي وصفه كل من أربيل وبغداد والامم المتحدة وامريكا بتعابير تلهم نوعا من التفاؤول والأمل.
وكما يقال (العبرة في الخواتيم), أي يبقى الالتزام ببنود الاتفاق وتنفيذها هو المحك للمضي قدما نحو ابرام اتفاقات مشابهة من اجل حل بقية المشاكل والقضايا العالقة, بما يخدم مصلحة الجميع وأستقرار البلد.
وهذا ما اشار اليه السيد نيجيرفان البارزاني مشددا على ”إن هذا الاتفاق خطوة وطنية صائبة تصب في مصلحة البلد كله، وستؤدي إلى إعادة بناء وتعزيز الثقة بين الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كوردستان، ونأمل أن تتبعها خطوات أخرى لحل كافة المشاكل بين الجانبين وتسفر عن عودة الأخوات والإخوة الإيزيديين وجميع أهالي سنجار بعز وأمان وبلا مشاكل، وتؤدي إلى استقرار وإعادة إعمار المنطقة“.
وأخيرا, إن الشعب العراقي بكافة مكوناته وأطيافه التي اثقلت الحروب والارهاب كاهلها, بحاجة الى اتفاق يفتح امامها افاق حياة جديدة مدنية وليس العودة بها الى خوف انفاق الارهاب والحروب الطائفية!